المقالات

مَن يشتري مبادىء الحسين ( ع )

1644 02:24:26 2014-10-31


منذ انطلاق حركة الإمام الحسين عليه السلام من المدينة وما بدا منه في بيان الحجة للتحرك إلى العراق والحكم الشرعي الذي ظل ملازما له طوال حركته ولم يغب عنه لحظة، عين كانت تقع في نظام تجسيد إقناع الأمة بضرورة العودة إلى حكم الله في خلقه ووضع الأشياء موضعها الطبيعي والترفع عن مغريات الدنيا وترك غصب الحقوق وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.

وبعيدا عن كل ما جرى من الإحداث العسكرية التي سبقت خروج الإمام إلى كربلاء وحتى استشهاده، فان في ثورة الحسين عبَرٌ كثيرة ما أحوجنا اليوم لتطبيق ما جعلناه خلف ظهورنا والتزمنا بالنزر اليسير من غيره.
فهل ينكر أحد بان ثورة الإمام كانت نظاما اجتماعيا متكاملا؟
وهل يرفض أحد بأن الحسين كانت نهضته نهضة الأحرار؟

لقد تحرك حسين (الإنسانية) بطريقة التذكير لكل إنسان على وجهة الخليقة من أجل إحقاق الحقوق ومواجهة محاولات تغيير معالم الكتب السماوية، فما كان منه إلا أن يلقي الحجة على كل من سمعه أو شاهده (بأن الحق لا يعمل به وأن المنكر لا يتناهى عنه)، ولم يكن في ذلك مجبرا لأحد بل استخدم نظام التثقيف العلمي وترك حرية الاختيار لصاحب العقل الرشيد، ولم يسلك مسالك الترغيب والترهيب لأحد بقدر ما نصح ووعظ وبين الضلالة من الهدى (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي على بينة ) . 

إن ثورة الحسين (عليه السلام) لم تكن ثورة وقتية لتموت بعد زمان، وإنما كانت ثورة الحق ضد الباطل، وثورة العدالة ضد الظلم، وثورة الإنسانية ضد الوحشية، وثورة الهداية ضد الضلال، ولذا كان من الضروري، امتداد هذه الثورة مادامت الدنيا باقية، ومادام يتقابل جيشا الحق والباطل والهداية والضلالة، وهذا هو سرّ تحريض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين على الاحتفال بذكرى عاشوراء طول الدهر، ومنه اتخذ المسلمون مجالس العزاء والحفلات التأبينية بمختلف أشكالها، طول الزمان، وإلى هذا يشير ما ينقل من أنه (كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء). أما ألوان العزاء وكيفيات الذكرى فليست شيئاً محدداً، فلمن شاء أن يتخذ الشكل المناسب على شريطة أن لا يكون هناك نص خاص من الشريعة الإسلامية على تحريمه . كما يتخذه البوذيون أحياناً للوصول إلى أهداف دينية، أو وطنية ـ لأن الإسلام نهى عن قتل النفس، أما ما لم يكن فيه نص خاص على التحريم، فذلك جائز بل مستحب لأنه من مصاديق قوله سبحانه: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .

ومن وسائل امتداد ثورة الحسين (عليه السلام) وتركيز مبادئه في النفوس على طول الخط (المنبر) ولذا اتخذه المسلمون، بعد استشهاد الإمام مباشرة إلى هذا اليوم وسيلةً لبث هذه الذكرى،ولكن من الضروري أن نذكر لزوم توسعة المنابر وتعميقها، أما التوسعة : فذلك لأن البلاد الإسلامية كلها متعطّشة إلى من يفهّمها الإسلام ويبيّن لها مزاياه وخصوصياته وخاصة مبادئ الثورة الحسينية ، وذلك ليس في وقت خاص، بل في دائم الأوقات، فإن النفوس تحتاج إلى الغذاء المستمر، كما أن الأبدان تحتاج إلى الغذاء كل يوم.. والمقدار الموجود ـ في الوقت الحاضر ـ من المنابر لا يكفي لسدّ عشر هذا الفراغ، ولذا يجب على كافة المسلمين التعاون في إيجاد خطباء واعين وتكوين مجالس كثيرة في طول البلاد وعرضها لأداء هذه المهمة الحيوية.. وذلك لأن الإمام الحسين (عليه السلام) إنما قام بنهضته المقدسة للإسلام وإعلاء كلمة الله، ومن المعلوم أن ذلك لا يتم إلا بأن يبين الخطيب ما يتصل بالإسلام من عقيدة، وتفسير، وتاريخ، وأحكام، وأخلاق، مبيناً منهج الإسلام في الجوانب المختلفة من الحياة منها سياسة، واقتصاد وثقافة، وتربية، ومعاشرة، وأسرة، وما إليها كل ذلك مقروناً بالأدلة المعقولة الدالة على أفضلية الإسلام من سائر الأديان والمبادئ، والمناهج، والقوانين، وبمثل هذا يمكن رفع مستوى المسلمين كما يكون المنبر مؤدياً مهمته إذا روعي فيه هاتان الجهتان . 

الإمام الحسين (عليه السلام) مبادئ متجددة ونظام لفعل الخير . والحديث عن الإمام الحسين ليس مجرد عن ممارسات اعتاد عليها المسلمون يمارسوها كلما يأتي شهر محرم الحرام . بل هو حديث عن أروع الأمثلة المقدمة للبشرية في الدفاع عن الحقوق المغتصبة . . ولنسأل أنفسنا كم استلهمنا من تلك المدرسة الكبيرة في حياتنا اليومية؟.

وما هو الدور الذي أعطيناه لكل واحد منا في بناء نفسه وعقيدته وبلده، ألسنا اليوم بحاجة ماسه لتلك المبادئ ؟ ولاسيما في وضع كوضع العراق متى نكون منصفين مع الجميع وان لا تربطنا بعضنا البعض إلا روابط الفعل الصحيح ونكران الذات في مقابل مصلحة المجتمع، وما أحوجنا اليوم إلى أن نقف وقفة تصحيحية لجميع مساراتنا متخذين من المنبر الحسيني التي تعرض منه المبادئ الحسينية جسراً لبناء كيان التفاهم والتواد قبل أي كيان سياسي . هكذا كان الحسين وثورته نظام لفعل الخير وإرشاد الناس لما ينفعهم وما يضرهم ولكن بطرق الإنسانية الصحيحة وبعيدا عن كل مؤثرات الدنيا وزخرفها وهذا هو جادة الصواب في قيادة الأمة نحو صلاحها ونجاحها في الدين والدنيا. 

متى نصل إلى اكتمال النضج الفكري والعقائدي في فهم معاني وأهداف ودوافع الثورة الحسينية. وان نتناولها كثورة لا كمظلومية انكسارية تشعرك بالذهاب لتشتري قطعة سوداء ، أو لطم على الصدور ، أو ضرب الرأس بالسيف ، أو تقديم الطعام ، أو ........ وإنما تشعرك بزهو انتصار مبادئها ، فمن يشتري تلك المبادئ ليرتقي إلى ما أرتقت به الثورة الحسينية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك