تقرير-عباس المرياني
قبل تاريخ ليس بالبعيد كانت صفة الطائفية والخيانة والتأمر هي التهمة الجاهزة لكل من يعلن عن رغبته وأمانيه بتشكيل الاقاليم وخاصة في المنطقة الغربية وبين ابناء الطائفة السنية على وجه التحديد في الوقت الذي كانت تتعالى اصوات هنا وهناك باقامة اقليم الوسط والجنوب.
وقد يكون في اختلاف الرؤية ومواصفات المشروع مسافة تلتقي في نهاية الطريق بالتوصيف الطائفي للراغبين بالفدرالية والحالمين بكردستان جديد ينزع ثوب الفقر والعوز والحرمان الذي ما انفك يعاني منه الشعب العراقي.
ولكن للذين لا يمتلكون ذاكرة جيدة اعود بهم قليلا الى الوراء لنكتشف ان تبني اقليم المنطقة الغربية لم يكن وليد تصريحات النجيفي ومن قبله رغبة بعض دول الجوار في عزل الطيف السني بجدار الطائفية فقد اعلن من قبل المرحوم فصال الكعود محافظ الانبار وقتها بتشكيل اقليم المنطقة الغربية المتمثلة في المحافظات الثلاث ( الانبار - نينوى - صلاح الدين ).
وقال الكعود في مؤتمر صحافي عقد في بغداد نهاية عام 2004، ان المحافظات الغربية قد وضعت الخطط اللازمة لانشاء هذا الاقليم. مشيرا الى ان هذا الاقليم جزء لايتجزأ من العراق وفقا لما جاء بقانون ادارة الدولة فيما يتعلق بصيغة الفيدرالية.واوضح ان هناك فريقا من المختصين بهذا الشأن لوضع الصيغة النهائية للمشروع، ستطرح خلال الايام المقبلة على الجمعية الوطنية للمصادقة عليه. مضيفا انه تم التشاور بين محافظي تلك المناطق والقوى المحلية وسكانها لتفعيل هذا المشروع.واكد الكعود ان اختيار هذه المناطق، لم يكن على اسس طائفية وانما جاء على اساس الموقع الجغرافي والعلاقات العشائرية لتلك المحافظات الثلاث.
ومما يعزز طرح الكعود في التشاور مع المحافظات المعنية هو تصويت اعضاء مجلس محافظة تكريت بتاريخ 20-4-2005 بالإجماع لإنشاء فيدرالية بين محافظات تكريت والانبار والموصل. وكشف بيان للقوة متعددة الجنسيات في حينها ان اعضاء مجلس الحكم في محافظة تكريت اجمعوا خلال اجتماع لهم على تحقيق الوحدة الفيدرالية بين كل من المحافظات الثلاث.
ورغم كل الاماني والعمل الجدي لاقامة اقليم المنطقة الغربية في نفوس الكثير الكثير ممن وجد ان الانزواء والاحتماء بعباءة ابناء الجنوب عرس قد لا يطول الى اجل غير مسمى خاصة وان فرص النفاذ الى الهرم العلوي لسلطة العراق امر قد يبدوا بالغ الصعوبة لذلك فخيار الفدرالية خيار قائم وان كان ابغض الحلال".
وقد تكون تصريحات النجيفي من الولايات المتحدة الامريكية بالانفصال وليست بتبني مبدا الفدرالية كما اقرها الدستور وانحيازه لطائفة معينة دون غيرها رغم انه يمثل الشعب العراقي رسالة لكل العراقيين السنة الرافضين تقول في مضامينها ان القرار قد اتخذ وان امريكا باركت هذا المشروع الموسوم باسم بايدن حيث قال اسامة النجيفي وبالحرف الواحد خلال زيارته الحالية الى امريكا ان ابناء الطائفة السنية في العراق يشعرون بالاحباط واذا استمر الوضع كما هو عليه فانهم سيطالبون بالانفصال.
هذا التصريح دعا نائب عن القائمة العراقية الى تاييد" اقامة اقليم المنطقة الغربية من اجل المحافظة على الجنس البشري لابناء الطائفة السنية واستيفاء كامل حقوقهم". وقال النائب حمزة داود في تصريح لوكالة كل العراق[أين] " اننا اصبحنا يائسين ومحبطين من اداء حكومة الشراكة الوطنية لاننا لم نشعر بمشاركة حقيقية وان مساهمة القائمة العراقية فيها ضعيفة جدا".
واضاف إن" ما تقوم به الحكومة من ظلم وحيف وطائفية وتهميش للقائمة العراقية يجعلنا نسلك طريق المطالبة بالانفصال والمحافظة على حقوق مكون اساسي وهم ابناء الطائفة السنية التي غيبتها الحكومة الحالية". وبين حمزة إن"هناك مشروعا اقليميا كبيرا تقف ورائه الاطراف المشاركة بالحكومة وخاصة دولة القانون للسيطرة على مقدرات الدولة على حساب المكون السني".
واتهم الحكومة العراقية "بالوقوف وراء الاحداث الامنية التي وقعت في محافظات الانبار وصلاح دين وديالى والموصل "، معللا السبب "بانها لا تمتلك الخبرة في مسك الملف الامني". واشتكى النائب عن القائمة العراقية من "التوزيع غير العادل في وزارة الدفاع" ، مشيراً الى " وجود 89 ضابطا برتبة لواء ركن خمسة فقط من هؤلاء ينتمون الى ابناء الطائفة السنية ". كما اتهم داود القائمة العراقية "بالضعف لانها لم تقم بواجبها في المحافظة على حقوق ابناء الطائفة السنية ولم تكن فاعلة في حكومة الشراكة الوطنية وكان دورها هامشيا".
وايدت بل اعلنت تمويلها اقليم المنطقة الغربية دول عربية في مقدمتها السعودية والإمارات وقطر وغير عربية ك تركيا في حال قيامه. فقد ذكرت مصادر صحفية ان السعودية وقطر تنشط في دعم فكرة إقامة إقليم سني في العراق على شاكلة إقليم كردستان، جاء ذلك بعد ان صدرت دعوات من قيادات سنية وشخصيات بعثية لإقامة الأقليم السني الذي يضم محافظة الأنبار والموصل وجزء من المناطق الغربية من العراق.
ذكرت هذه المصادر أن الحكومتان السعودية والقطرية اعربتا منذ البداية عن دعمهما لهذه الفكرة، مضيفاً ان السعودية كانت قد اعدت دراسة موسعة منذ عام 2009 حول مشروع الاقليم العربي السني، وجرت اتصالات مع زعامات سنية لغرض التمهيد لتبنيه وجمع التأييد الشعبي في المناطق السنية.
وتنطلق الرغبة السعودية في كون هذا الاقليم سيسهم في تقوية السنة العرب في مواجهة الحكومة المركزية المحسومة للشيعة نتيجة أغلبيتهم البرلمانية. وتبذل السعودية مساعيها للحصول على دعم خليجي وعربي بهذا الاتجاه، كما قدمت وعدها لعدد من رجال الاعمال السنة بدعمهم في مجال الاستثمار في الإقليم الجديد، ودعت الى تشكيل لجنة عربية خاصة في هذا الاتجاه.وتشير المصادر ان مشروع ما يسمى بالإقليم السني وصل إلى مراحل متقدمة رغم المخاوف السياسية والأمنية من نتائج إعلانه.
وأفادت مصادر عليمة بالتحركات السياسية "السنية" أن شيوخ عشائر وشخصيات سياسية تعقد اجتماعات مكثفة في الآونة الأخيرة لدراسة تنفيذ المشروع في مناطق الانبار وصلاح الدين والموصل وأجزاء من محافظات أخرى. وتتضارب الأنباء حول الجهات التي تقف وراء المشروع والتي توفر الدعم له.
وكان الشيخ علي حاتم السليمان قد هدد في تصريحات صحفية سابقة بإعلان الانبار إقليما في حال واصلت الحكومة العراقية إهمالها الوضع هناك. لكن معلومات جديدة تفيد بها المصادر ذاتها بأن شيوخ عشائر وشخصيات سياسية حصلت على دعم من دول مجاورة لإعلان المشروع، فيما قالت مواقع إعلامية الكترونية مقربة من حزب البعث المنحل تقول بان الأخير يدعم الفكرة.
وتفيد المصادر الخاصة بان المشروع ليس جديدا، وانه ظهر منذ إعلان نتائج انتخابات السابع من آذار، وان جهات تدعمه ضغطت على الحكومة لكن الأخيرة رفضت. ونُقِلَ عن سياسي رفيع في العراقية قوله إن مشاورات مكثفة عديدة تجري هذه الأيام بين أطراف سياسية وأخرى خارجية بغرض التشاور والتحرك نحو تشكيل الإقليم. وأضاف المصدر بأن تركيا أبدت موافقتها ودعمها للمشروع معتبرة إياه بالإستراتيجي والمهم. ويرى مؤيدو المشروع بان الحكومة ستكون مجبرة على التعامل مع الإقليم السني كما يُتعامل مع كردستان من حيث الميزانية والاستقلالية.
ائتلاف دولة القانون تعامل مع هذه المعطيات بطريقة مرنة، ولم يبد قلقه من فكرة إنشاء إقليم، ولو تحت لافتة سنية. لكن الائتلاف الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي لم يتوقع الحظ الأوفر لنجاح الإقليم لأن المناطق المعنية به لا تتوفر على موارد اقتصادية عالية.
وقال القيادي في الائتلاف جواد البزوني عبر الهاتف للمدى إن إنشاء الإقليم مبدأ يكفله الدستور، مشيرا إلى أن جهات شيعية ترغب بإنشاء إقليم في الجنوب في إشارة إلى محاولات قديمة لإعلان البصرة إقليما.
ويجد البزوني الأقاليم أنموذجا يتلاءم مع تجربة العراق (الاتحادي)، وقال انه "الإقليم" سيكون أكثر فائدة لسكانه.لكن البزوني لا يتوقع أن يحظى الإقليم السني بما حظي به إقليم كردستان من مزايا وموارد، كون المناطق المعنية بالإقليم السني لا تتوفر على موارد كافية، وقال: "الإقليم السني سيختنق، وسيكون مثل الأردن بلا موارد".
فيما كشف نائب عن التحالف الكردستاني عن "وجود توجه عام لدى اغلب النواب ومن جميع الكتل السياسية بضرورة تطبيق نظام الاقاليم ". وقال النائب محسن السعدون لمراسل وكالة كل العراق [أين] ان " اغلب البرلمانيين باتت لديهم قناعة كاملة بان ادارة العراق بنظام الاقاليم سيحل الكثير من المشاكل العالقة وليس كما كان يفهم سابقا بانه تقسيما للعراق ".
وأضاف ان " تصريحات النجيفي الاخيرة بشأن اقامة اقليم يخص ابناء الطائفة السنية غير مخالفة للدستور الذي ينص على ان العراق بلد اتحادي فيدرالي ". وتابع " لكن لا يجب ان تكون الاقاليم تحت مسميات طائفية لما سيولده هذا الامر من حساسية لدى ابناء الشعب العراقي "، مشددا على "ضرورة ان يكون اعلان الاقليم المراد تكوينه بذكر اسماء المحافظات وليس المكونات العراقية . انتهى
https://telegram.me/buratha
