معركة غزة والتي سميت في طوفان الأقصى، لم تكن العملية الأولى أو الأخيرة التي تقع في قطاع غزة، إلا بإعطاء الشعب الفلسطيني دولتهم كاملة غير ناقصة وفق قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر عام ١٩٤٨ والذي عرف بقرار التقسيم.
قرار التقسيم يشمل كل الأراضي العربية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي بقيت تحت سلطة العرب إلى حرب هزيمة حزيران عام ١٩٦٧، ذهب ياسر عرفات ومنظمة التحرير لاتفاق أوسلو لكن لم يتم إعطاء الفلسطينيين ارضهم وفق قرار مجلس الأمن الذي صدر عام ١٩٤٨، عدم إعطاء الفلسطينيين كامل أراضيهم يعني بقاء الصراع مفتوح.
عندما انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان ابقت قرية صغيرة ومزارع اسمها مزارع شبعا تحت سيطرتهم، وهذا يعني بقاء أرض لبنانية محتلة، تطالب بها شرائح لبنانية مقاومة تريد تحرير كل أراضي الجنوب اللبناني وبدون نقص متر واحد، الذي يريد السلام، عليه عدم إبقاء أراضي تحت سيطرته، لأنها أرض محتلة، يعطي الحق في المقاومة والمطالبة في تحرير هذه الأرض المحتلة وإن كانت صغيرة، الأرض المحتلة تبقى محتلة حتى وإن كانت متر واحد.
عملية طوفان القدس، كانت عملية غير مسبوقة، بالسرعة، حيث نفذ مقاتلو حماس، عملياتهم بسرعة فائقة، ضد المعسكرات والمستوطنات الاسرائيلية في غلاف غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، العملية تمت في أسلحة بسيطة من خلال استخدام مقاعد طائرة مركب عليها أسلحة رشاشة، ذكرتني بمسلسل عدنان ولينا الكارتوني والذي بث في التلفزيون العراقي قبل اكثر من ٤٤ سنة، عدنان يطير هو وكرسيه إلى قمة القلعة الحصينة لكي ينقذ حبيبته لينا، استخدام مقاعد طائرة من قبل مقاتلو حماس، طريقة جديدة في فن الحرب، وبالتاكيد سوف يتم تدرسيها في مناهج الكتب العسكرية في كليات الحرب بالكليات العسكرية والمخابراتية وقوات الكوماندوز والقوات المخصصة لمطاردة عصابات الجريمة وتهريب المخدرات، استخدام الكراسي الطائرة سبقته في حرب أوكرانيا استخدام الطيران المسير، دخلت في عصرنا هذا، بالحروب استخدام تكنولوجيا بسيطة وحديثة، تؤدي أهدافها المطلوبة بنجاح جداً دقيق.
العراقيين عندما تصدوا إلى صفحة مؤامرة داعش الانقلابية، سطرت القوات الأمنية من جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وقوات الحشد ملاحم بطولية، وتم استخدام الطيران المسير في رصد تحركات الإرهابيين، من خلال نصب كاميرات تقوم في تصوير تحركات الإرهابيين، وتعطي الاحداثيات لحد الملمتر لضابط الراصد لبطرية أو كتيبة المدفعية أو الصواريخ ويتم قصف أماكن وجود العدو وتحقيق إصابات مؤثرة، وبعدها تم استخدام الطيران المسير بقصف تجمعات المجاميع الارهابية، من خلال محطة التحكم يتم بث الصور ويتم توجيه الطائرة المسيرة لقصف الهدف وتكون الإصابة مؤثرة.
في حرب اوكرانيا برز بشكل واضح استخدام الطيران المسير، وتم تطوير طيران مسير انتحاري ينتحر في الأهداف التي يراد تحطيمها، تكون الاصابات دقيقة وبقنابل صغيرة.
بظل دخول التقنيات والتكنولوجيا الحديثة ونحن على أبواب استعمال العقل الصناعي، سوف تتحول الحروب المستقبلية إلى حروب بوسائل بسيطة لكنها أشد تدميراً من الحروب التقليدية السابقة.
عملية مقاتلو حماس كانت عملية خاطفة وسريعة، اذهلت العقول البشرية، كيف يتم استخدام كراسي طائرة.
شاهدت مقاطع فيديو بثتها قناة الجزيرة التي هي محل ثقة لأجهزة المخابرات الغربية، مقاطع حصلت عليها قناة الجزيرة من مصادرها، رأينا تم تدمير دبابات وأسر جنود كانوا نائمين، ودخول قرى أو مستوطنات بحيث أصابت القوات المنتشرة في غلاف غزة عنصر المفاجأة، بحيث الجنود لم يستطيعوا الهرب ولديهم عربات ودراجات نارية وبايسكلات.
قناة الجزيرة الفضائية لديها علاقات صداقة مع محللين اسرائيليين تم استضافتهم عبر قناة الجزيرة، ودار حوار ودي واخوي مابين مذيعي قناة الجزيرة وضيوفهم المحللين الاسرائيليين، بل قناة الجزيرة استضافت الناطق في اسم جيش الدفاع الوطني الاسرائيلي اسمه الجنرال ادرعي، تكلم عبر شاشة الجزيرة وقال استطعنا بعد يومين من إعادة السيطرة على غلاف غزة، وبقيت جثث الإرهابيين متروكة بأرض المعركة، تحدث المحللين الاسرائيليين لجمهورهم العربي عن عملية حماس.
بالتأكيد عملية طوفان الأقصى، لاتزال العديد من التفاصيل عن ماحدث غير معروفة، عندما تقف الحرب، يتم الحديث بشكل أوسع عن طبيعة معركة طوفان الاقصى، أكيد عملية حماس تمت بسرية بدون استخدام أجهزة التواصل والتليفون حول موعد تنفيذ العملية، لذلك حماس استخدمت بشكل مؤكد أساليب غير مرصودة للحفاظ على سرية التحضير للعملية وتنفيذها.
بعد وقوع عملية طوفان الأقصى التي كلفت إسرائيل أكثر من ١٣٠٠قتيل وأكثر من ٣٠٠٠جريح وعدد كبير من الأسرى تضاربت الاخبار عن عددهم، بالمقابل الطيران الاسرائيلي استهدف بقصف جوي عنيف على مدينة غزة المكتضة بإعداد المواطنين من النساء والأطفال وسقط لحد هذه اللحظة أكثر من ١٥٠٠ ضحية وأكثر من خمسة آلاف مصاب، بل تم قطع المياه والكهرباء عن كل سكان غزة.
دول الغرب دعمت اسرائيل تمثل الدعم في تزويدهم بالدعم اللوجستي والتسليحي، القوات العسكرية الاسرائيلية من خلال الطيران الحربي تشن غارات متواصلة منذ ستة أيام ومع قصف مدفعي مكثف على كل قطاع غزة.
تابعت ماكتبه المحللين العرب بالصحف السعودية بشكل خاص، وجدت محللين عرب يقولون أن العملية الإسرائيلية تنتهي في اقتحام القوات الإسرائيلية غزة وتقضي على التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وتنتشر قوات إسرائيلية بين حدود غزة ومصر، وبعد ذلك تذهب إسرائيل لفتح جبهة الشمال وتجتاح لبنان وتقضي على القوات المقاومة في لبنان…..الخ.
بكل الاحوال الاجتياح البري لغزة ليس نزهة، وبالتأكيد ستشهد شوارع غزة معارك شرسة بين القوات الخاصة والمشاة الاسرائيلية ومقاتلي حماس الذين يتحصنون في كل البيوت وبالتأكيد سيؤدي الى وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الاسرائيليين.
بكل الاحوال الرد الإسرائيلي يتواصل ربما لعدة أيام واسابيع أخرى للثأر، إسرائيل خسرت أعداد كبيرة من القتلى في أول معركة تحدث بعد حرب تشرين عام ١٩٧٣ لذلك سوف يستمر الهجوم الإسرائيلي على غزة لايقاع أكبر الاصابات بصفوف الفلسطينيين وبعدها يتم الدعوة للتهدئة ويتم إيقاف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
الجبهة الشمالية تبقى قصف وقصف متبادل، لأن القوة المقاومة في لبنان لاتحظى بدعم وموافقة المكون المسيحي الماروني وزعماء المكون الاسلامي السني اللبناني، قادة المكون المسيحي الماروني اللبناني وكذلك رفض قادة المكون اللبناني السني فتح جبهة ضد اسرائيل، بكل الاحوال، الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل كان في امكانها الاتصال بصديقهم نتنياهو ويطلبون منه، وبشكل خاص ولي العهد السعودي وملك البحرين ورئيس الإمارات وشيخ قطر تربطهم علاقات ممتازة مع إسرائيل كان في إمكانهم استخدام صداقاتهم الحميمية مع قادة إسرائيل لإيقاف الحرب الدائرة، واحلال السلام.
ولاتنسى الزعيم السني زعيم العالم السني الإسلامي الرئيس التركي طيب اردوغان والذي أعلن قبل وقوع طوفان الأقصى انه يستقبل نتنياهو في العاصمة التركية أنقرة، وأن المحادثات الاخوية مع رئيس الوزراء نتنياهو تهدف لتعزيز الشراكة الاقتصادية التركية، أردوغان صديق زعماء إسرائيل وهو قادر على التدخل لوقف الحرب.
الإعلام العربي الخليجي أمثال فيصل القاسم مقدم برامج بقناة الجزيرة يصرخ أين الشيعة ولماذا لايتدخلون، اقول له أين الجيش المصري والسعودي والاماراتي والقطري والبحريني والاردني والمغربي فالعرب أولى من غيرهم في دعم الشعب الفلسطيني، لكن رغم ذلك الشيعة أكثر الناس تعاطفاً وحزناً مع مايجري في غزة، ولو كانت الدول العربية يحكمها الشيعة لاختلف وضع العرب على الصعيد الإقليمي والدولي.
انا شخصيا اتعاطف مع جميع الضحايا الذين يسقطون في كل أماكن الصراع، إيماناً مني ان الله عز وجل خلق جميع البشر فهم عباده ولافرق بين بشر وآخر في الخلق والشبه، فنحن جميعا ابناء آدم ع وحواء، وانا شخصيا ضد الحروب والصراعات والنزاعات، وكل ماحدث بالعرب هو نتاج طبيعي لان دول الاستعمار هي التي رسمت حدودهم ونصبت عليهم ملوك ورؤساء وامراء وحكام ورجال دين بشكل خاص المدرسة الدينية الوهابية صنيعة الاستعمار ، ليحكموهم، رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية السابق حمد بن جاسم قال نحن العرب لانملك سوى لغة التوسل فقط،
بكل الاحوال انا شخصيا اتعاطف مع كل ضحية يسقط، وكما قال الرئيس جو بايدن وبابا الفاتيكان نصلي الى الرب لكي يعم الأمن والسلام مع خالص التحية والتقدير، وعلى القادة العرب الاشاوس استعمال علاقاتهم وصداقاتهم مع نتنياهو لكي يقبل في حل الدولتين وفق قرارات مجلس الأمن التي صدرت عام ١٩٤٨ والمعرفة بقرار التقسيم، القادة العرب طبعوا وهدفهم استغلال علاقاتهم مع نتنياهو ليتحدثوا معه عسى ولعله يقبل في إعطاء الفلسطينيين دولتهم على أراضي عام ١٩٦٧.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
13/10/2023
https://telegram.me/buratha