نعيم الهاشمي الخفاجي ||
هناك حقيقة مؤلة لولا عملاء دول الرجعية العربية وتبعيتهم للاستعمار لما برز التيار القومي ولما وصل العسكر لسدة الحكم، رواية إلى القاص الفرنسي فولتير، تنطبق على حال التيارات العربية المصارعة، الرواية تتحدث عن شخصية الشاب كانديد، الشاب الجميل كانديد الذي يعيش في قصر عمّه حياة ترف وغنى، وقد أحضر له عمه مدربًا ومربيًا لتعليمه اسمه بانغلوس، فأخذ يعلّمه أن الفرح والتفاؤل هو الاساس ولا وجود للحزن في الحياة، فيبدأ كانديد بالنظر إلى الحياة نظرة تفاؤلية للغاية، ويُبدي إعجابه بابنة عمه كونيغوند ويُغازلها، وعندما يعلم العم بذلك يطرده من قصره، فيتحول كانديد إلى شابّ متشرد، ومعلمه المتفائل يحاول أنّ يهون عليه ما هو فيه، لذلك العيش في الامل بدون وجود خطة عمل صحيحة يكون مصيرها الفشل، ويحتاج الإنسان التفكير بشكل واقعي بعيدا عن العواطف.
الشعوب العربية ضحية للمؤآمرات التي عملتها وتعملها دول الاستعمار، التي هي صنعت حدود الدول العربية ودعمت أشخاص عملاء ليكونوا قادة ملوك ورؤساء وأمراء وشيوخ وساسة لخدمة دول الاستعمار وليس لخدمة الشعوب العربية المظلومة والمضطهدة.
الشعوب العربية تعرضت لظلم واضطهاد استمر قرون طويلة من الزمان، لم يحكم العرب أنفسهم بنفسهم، دائما العرب محكومين سواء من قوى غير عربية مثل الأتراك حكموهم في اسم الخلافة الاسلامية، وتارة عاش العرب تحت ظل احتلال الدول الاستعمارية الغربية، لذلك تم مسخهم وولد لديهم اللاوعي، ولايمكن إعادة الوعي للشعوب العربية خلال عقد من الزمان، ربما يحتاج العرب ثلاثة قرون من الزمان ليصبح لديهم وعي أسوة في وعي الشعوب المجاورة إلى العرب.
الحركات العربية القومية ولدت ميتة، لان مطلقي الشعارات غالبيتهم لم يكونوا عرب وإنما من حثالات ليست لهم علاقة في الأمة العربية، بل برز التيار القومي العربي كرد فعل على تنصيب الاستعمار ملوك ورؤساء للدول العربية التي رسم حدودها الاستعمار، القوى الاستعمارية لديهم مراكز أبحاث استراتيجية لذلك كان لهم دور كبير في تأسيس حركة الإخوان، قاموا في توهيبها من خلال المال السعودي، لتصبح نموذج تكفيري، تم دعم حركة الإخوان من قبل دول الرجعية العربية ضد مشروع جمال عبدالناصر الوحدوي وجعلوه أضحوكة، كل ما فعله جمال عبد الناصر شعارات انتهت في هزيمته، وتم دعم عملاء من العسكر المحيطين في عبدالناصر على رأسهم محمد أنور السادات ليصبح مع الغرب ويتبؤ منصب الرئاسة بسهولة، ويقرب الإخوان ليكملوا صفحة ولادة المجاميع التكفيرية التي نفذت قتل أنور السادات نفسه.
اما حزب البعث فيكفي مؤسسه ميشال عفلق أشرفت على نشأته وتربيته القوات الفرنسية المحتلة إلى لبنان منذ عام ١٨٣٠ ومن ثم مفتي مكة شريف حسين أرسل نجله فيصل ومعه الضباط والجنود العرب السنة الذين تركوا الجيش العثماني للقتال في صفحة الغدر والخيانة في ما يسمى في الثورة العربية الكبرى ليقوموا في احتلال سوريا وقتل الضباط والجنود العثمانيين والتمثيل في جثثهم وفتح الطريق للقوات الفرنسية وقوات الحلفاء للوصول إلى الأناضول وضرب عاصمة دولة الخلافة العثمانية، عفلق تم رعايته من قبل السفارة الفرنسية وتم تدريسه في المدارس التي بنتها فرنسا وتم إرساله إلى جامعة السوربون الفرنسية بقسم الفلسفة، أسس البعث بعد زيارته إلى فلسطين واجتماعه مع عصابات الهاغانا الصهيونية في عام ١٩٤٧ وهذا الكلام قاله زكي الأرسوزي أحد الشخصيات المؤسسة لحزب البعث، ولادة البعث يصادف في يوم عيد للكنيسة مع احترامي للديانة المسيحية، ميشيل عفلق مدعوم من الماسونية وهم من زرعوه لقيادة حزب البعث الفاشستي.
العالم الغربي بعد أن عمت الثورة الفرنسية حدث تعاون وثيق لاستعمار دول افريقيا وآسيا والامريكيتين، نعم انتهجت دول الاستعمار الغربي ومنذ قرون، التعاون فيما بينهم فاعتبر التعاون بينهم هو الأساس الذي يضمن توحيد جهودهم لاستعمار القارة الأفريقية ودول العرب وجنوب شرق اسيا، وهذا التعاون بين دول الاستعمار الغربي بلا شك هو بمثابة العقلانية والتفكير العلمي والتخطيط المستقبلي في استعمار شعوب العالم الثالث، وضمان مصالح ورفاهية شعوب الغرب.
مانراه من شعارات قومية لدى العرب او شعارات تيار الصحوة الاخواني الوهابي في الدول العربية والإسلامية فهي عبارة عن قيادات حقيرة غايتها الفتك بالشعوب العربية والإسلامية من خلال الذبح والقتل في اسم القومية تارة وتارة أخرى في إسم الإسلام والسنة النبوية والسلف الصالح وبقية الشعارات المزيفة، فلا تزال الشعارات والأوهام رغم سقوط مشاريعهم القومية والدينية هي السائدة، السيد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أطلق مصطلح حقيقي على هؤلاء في اسم ظاهرة فقاعة، نعم فقاعة عندما نفذوا مؤامرتهم انقلاب داعش، بفتوى من السيد السيستاني فتوى الجهاد الكفائي تم قلب الهزيمة إلى نصر وفعلا تبين أنهم فقاعة وظاهرة صوتية.
بحقبة الثمانينات والتسعينيات قرأنا كثيرا لكتابات التيار القومي والاخواني حول محاربة الغزو الثقافي الغربي والنتيجة هم أدوات رخيصة لتنفيذ مشاريع الاستعمار في تدمير الشعوب العربية الرافضة للذل والانبطاح.
عندما انتشرت الأحزاب القومية والاخوانية الإسلامية في الشعوب العربية، تدخل المثقفين الشيعة والمرجعيات الواعية في تطوير الحالة الإسلامية الشيعية من خلال تأسيس حزب الدعوة الاسلامية من خلال المرجع السيد الشهيد الصدر الأول رضوان الله عليه، في إيران بعد إسقاط مصدق تم تأسيس حزب فدائي إسلام والذي أصبح فيما بعد حزب الجمهوري الاسلامية بزعامة السيد الشهيد الدكتور محمد حسين بهشتي والذي كان المرتكز الأساسي الذي أنجح الثورة الإسلامية الإيرانية.
المرجعيات الشيعية واكبت التطور، في حقبة التسعينات السيد الدكتور محمد خاتمي الرئيس الإيراني السابق اطلق مشروع حوار الحضارات، ايضا هناك مرجعيات شيعية لبنانية أطلقت مشروع الحوار الإسلامي المسيحي، بحقبة السبعينات في لبنان أطلق السيد الإمام الشهيد موسى الصدر رض مشروع التعايش السلمي ما بين المسيح والشيعة والسنة ودعم المقاومة الفلسطينية، كان يقول احمي المقاومة بعمامتي، لكن بظل وجود الأحزاب البعثية والقومية النتنة تم الوشاية لدى المقبور معمر القذافي، الوشاية من أطراف فلسطينية في لبنان لأسباب طائفية ظنا منهم في حالة قتل وتغيب السيد الإمام موسى الصدر يحكمون قبضتهم على شيعة لبنان وجعل الشيعة اللبنانيين أدوات في أيديهم، لكن حدث عكس ذلك، ولو بقي السيد موسى الصدر حي لكان وضع الفلسطينيين افضل بكثير مما حل بهم وانتهت في قيام القوى المسيحية اللبنانية من خلال بيت آل جميل بطرد منظمة التحرير من بيروت إلى تونس.
علماء الشيعة واكبوا تطور الحياة ولم يحرموا قراءة كتب فلاسفة ومفكري الغرب لكونهم مسيحيين، بل الشيعة واعني الكثير من علماؤهم ومفكريهم ومثقفيهم قراوا كتب وأفكار كارل ماركس وديكارت بشكل دقيق وجيد، الفكر الشيعي فكر حي ومستنير يواكب العصر، والتدين لدى الشيعة تدين معتدل لا يؤمن في لغة القتل والسبي، ربما هناك بعض المهتوكين من فلول البعث وهابي يحتجون بوجود مسائل فقهية حول إقامة الحدود او وجود فتاوى تكفر من لا يؤمن في الامامة، نعم هذه الفتاوى والمسائل معطلة لأنها لا تقام إلا تحت ظل نبي، أو إمام معصوم، لذلك النبوة ختمت في محمد ص لا يوجد نبي بيننا، ولايوجد أمام معصوم ظاهر للعلن، وكل هذه الأمور والفتاوى والأحكام الشرعية معطلة إلى قيام دولة الإمام المهدي، والإمام المهدي يسير بسيرة جده رسول الله ص وبسيرة جده الإمام علي بن أبي طالب ع لذلك لم ولن يقتل ولا نفر ولا بشر، لننظر لفتح مكة، رسول الله ص دخل مكة دخول الفاتحين ولم يقوم بقتل اي شخص من رؤوس الكفر بل اعتبرهم الطلقاء، طرد عدة أنفار من مكة وبعد الانحراف والانقلاب بعد وفاة رسول الله محمد ص أعاد هؤلاء المطرودين ابن عمهم الخليفة الذي وصل لسدة الحكم، وبعمله هذا خالف رسول الله محمد ص في طرد هؤلاء السيئين الأشرار.
الشيعة عبر التاريخ لهم الفضل بفترة الدويلات والممالك بفترة ضعف الدولة العباسية في دعم الفلسفة والطب والكيمياء وبعد عودة السلطة إلى الخليفة العباسي بمساعدة التتار له قام في القضاء على الدويلات وانتهت حقبة العلم والمعرفة وتم العودة لعصر الظلام والتخلف.
في حقبة الربيع العربي انتج لنا الوهابيين والإخوان كل الجماعات القتل والذبح التي نفذها التكفيريين والإرهابيين من القاعدة والدواعش وطالبان وبوكو حرام وأنصار الإسلام والنصرة وممن على شاكلتهم في الدول العربية والإسلامية او في اماكن تواجد الأقليات والجاليات الإسلامية، وقبلهم البعثيون الأراذل كانت شعاراتهم البائسة تدور حول الهوية العربية والأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة، لكن أفعالهم عكس شعاراتهم واهدافهم الحقيرة.
القوى اليسارية العربية لم يعطوا الفرصة في إقامة حكم في الدول العربية بسبب قوى الاستعمار الغربي التي جندت عملاها لضرب القوى اليسارية بقوة وبطرق إبادة جماعية لامثيل لها، وهناك بعض الكتاب العرب في صحافة البداوة يكذبون على القوى اليسارية ويقولون إن القوى اليسارية عندما طبقوها في بعض البلدان العربية كان المآل هو الإفلاس الاقتصادي والانتفاضات الاجتماعية المتواصلة، هذا الكلام كذب اعطوني دولة عربية حكمتها الأحزاب اليسارية ماعدى اليمن الجنوبي ووضع اليمن الجنوبي وضع قبلي متشدد اصلا لم تطبق مفاهيم الاشتراكية في اليمن الجنوبي وإنما طبقت الاعراف القبلية العشائرية.
هناك من كتاب دول البداوة يتهم الدول القومجية العربية وحركات الإخوان أنهم اهدروا فرصة ذهبية للنهوض باقتصاديات الدول العربية كما فعلت الصين وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، التي أصبحت من أهم اقتصادات العالم.
هههههه شر البلية مايضحك، اذا اكو فشل لكل مشاريع القوميين العرب هو بسبب دول البداوة الوهابية البترولية التي استغلت المال في توهيب الإخوان لمحاربة عبدالناصر واسقاطه، ومولوا حروب المنطقة وحروب أفغانستان ونشروا الوهابية في الحرب الباردة لمحاربة المد الشيوعي، بشهادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فلماذا الكذب على التاريخ وتزوير الحقائق.
النتيجة دول القومية العربية ودول البداوة الوهابية كان لهم دور كبير في زرع الجهل وتدمير الإنسان والاقتصاد، ونشر الكراهية والتطرف والتخلف، خدمة لدول الاستعمار.
هناك حقيقة مؤلمة الأنظمة التي عملها الاستعمار على بعض الشعوب العربية الرافضة للذل، هذه الشعوب عارضت الأنظمة المنصبة من قبل الاستعمار، واستطاع العسكر عمل انقلابات عسكرية اطاحت بالعملاء، لكن العسكر أيضا تشبثوا بالحكم واذاقوا شعوبهم الذل والهوان، وخاصة الدول التي حكمها الناصريون والبعثيون.
دول الاستعمار استهدفت الشعوب العربية الرافضة للاستعمار، وجعلت الدول المستهدفة ساحة وأرض خصبة للصراعات الداخلية بسبب وجود صراعات قومية ومذهبية وخلافات قبلية لجعلها دول فاشلة لاتنعم في الأمن والأمان والاستقرار.
كتاب الدول الخليجية والتي يحكمها ملوك وامراء وشيوخ عملاء للقوى الاستعمارية يقولون أن بلداننا الخليجية تفوقت، نعم تفوقت على بقية البلدان العربية بما فيها الدول النفطية الغنية، وهي اليوم رضوا أم أبوا ان دول الخليج المرجعية والمركز لقيادة النظام العربي.
اقول إلى هؤلاء الحمقى، لايوجد استقرار في بلدانكم، بلدانكم تعاني من تسلط أنظمة جائرة تعاملت مع شعوبها في اسلوب طائفي وديني واضح، مصلحة الغرب المحافظة على بقاء الأنظمة الخليجية العميلة له، لكن متى ما وقف اي نظام خليجي ضد الدول الغربية الاستعمارية يتم تأجيج الصراعات الداخلية، لذلك الأمان بدول الخليج وقتي وليس دائم مرتبط مع دول الاستعمار، والعالم الان يشهد تحولات كبيرة، ربما بعض الأنظمة الخليجية تجبر على وقف ظلم شعوبها وتعطي حقوق المواطنيين لكي يتم ضمان بقاء تلك العوائل الحاكمة لحكم تلك الدول الخليجية.
لكن بكل الاحوال الدول القومجية ودول البداوة وجهان لعملة واحدة، الاثنان أشرار وسيئين يحكمون وفق عقليات متخلفة، الملك والرئيس والأمير إذا قال على شعبه الاطاعة، والأمم الحية تحكمها دساتير ومؤسسات، أين العرب من هذه الأمم، بالتأكيد موقع العرب يكون للأسف في قعر التخلف والحكم الرجعي والاستبدادي.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
9/9/2023
https://telegram.me/buratha