نعيم الهاشمي الخفاجي ||
نحن شعوب دول الشرق الأوسط ضحايا لاطماع الدول الاستعمارية الظالمة التي رسمت لنا حدود ودمجت مكونات غير متجانسة مع بعض، ودعمت أشخاص ليؤسسوا أنظمة قمعية جائرة تحكم بعقلية بدوية متخلفة وبدون تشريع دساتير حاكمة، وهدف دول الاستعمار من ذلك، حتى تبقى دولنا دول فاشلة تعاني من صراعات وحروب داخلية قومية وطائفية، تمكن دول الاستعمار من السيطرة علينا، من خلال دعم مكونات قومية وطاىفية ضد مكونات وطواىف آخرى داخل المجتمع المقسم داخل الدولة الواحدة.
الهوية الوطنية في كل أمّة هي الخصائص والسمات التي تتميز بها، وتترجم روح الانتماء لدى أبنائها، ولها أهميتها في رفع شأن الأمم وتقدمها وازدهارها، وبدونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها، كتب الكتاب والمثقفين وعلماء الاجتماع عن عناصر للهوية الوطنيّة التي يجب توفرها، في المجتمع، منها وجود موقع جغرافي لمجتمع كقومية أو اثنية لديهم تاريخ مشترك، يربط المجموعة البشرية ضمن البقعة الجغرافية المعلومة الحدود والموقع، ووجود تاريخ مشترك، يوثق علاقات الآباء والاجداد في التعاون والعيش المشترك ضمن البقعة الجغرافية والتي باتت تعرف اليوم في الدولة أو الإقليم أو المقاطعة، يوجد رابط جامع اخر وهو الرابط الاقتصادي، وجود قادة وحكام يحكمون المنطقة الجغرافية بطريقة المساواة والعدالة واشراك ابناء المجتمع في المشاركة بالقرار السياسي، وعدم تهميش احد سواء كان فرد أو عشيرة أو قبيلة أو اقلية مذهبية أو قومية.
مارايناه خلال الستين سنة الماضية من حياتنا، اننا قتلنا في اسم شعارات الوحدة الوطنية في كذبة كبرى اسمها الحفاظ على الوحدة الوطنية، اتبعت الأنظمة السياسية التي حكمت العراق أبشع وسائل الاضطهاد ضد ابناء المكون الشيعي العراقي وأبناء المكون الكوردي، اقلية مذهبية اضطهدت اكثرية شيعية وكوردية يمثلون أكثر من ٨٥% من ابناء الشعب العراقي.
أبشع حقبة مظلمة كانت بحقبة حكم نظام البعث الطائفي والشوفيني بحقبة حكم صدام الجرذ الهالك، تفشى التميز الطائفي والقومي في الحكومة والجيش والمؤسسات والحكومات المحلية، على سبيل المثال، في محافظة واسط من شغل منصب محافظة واسط طيلة حكم البعث أشخاص من تكريت والرمادي والموصل، ولم يتم تسليم منصب محافظ واسط إلى أي مواطن من ابناء واسط من ابناء المكون الشبعي، كذلك الحال مع القائمماميات للاقضية وغالبية النواحي يأتون في أشخاص من تكريت ومناطق المكون السني الحاكم، وكذلك الحال مع مدراء ضباط الأمن والاستخبارات والمخابرات.
انا عشت بالجيش رأيت قادة فرق أمثال داود سلمان الجبوري وشاكر الخشالي وقيصر عطا عجاج وعلي غيدان النعيمي وماهر عبدالرشيد وشقيقه المهتوك عبدالمجيد التكريتي والذي كاد أن يعدمني لولا وجود عقيد من الموصل كوردي اسمه عقيد محمد الذي تدخل وانقذني من إعدام عندما سألني ورديت عليه بعنف وبقوة وكنت بوقتها شاب ساذج وجاهل مسكين عمري لايتجاوز ٢٢ سنة، نعم الشيعي الذي يكتب عليه تقرير، يكون مصيره الاعدام، ورحم الله القيادي البعثي الشيعي فليح جاسم التميمي والذي رفض هو وعزت مصطفى العاني التوقيع على قرارات إعدام زائرين شيعة في أحداث زيارة الأربعين عام ١٩٧٧ عندما المقبورين صدام والبكر جعلاه في لجنة بعثية لإصدار أحكام اعدامات طائفية بحق الزائرين الشيعة، تم معاقبتهم بطردهم من البعث واعادتهم إلى وظائفهم السابقة، فكانت حصة فليج جاسم التميمي العودة للعمل معلم مدرسة ابتدائية، وبعد عام التقى به صدام الجرذ وقال له لماذا لم تنفذ أوامر الحزب، اجابه لم يقترف المواطنين جريمة تستحق الاعدام، فكان جواب صدام، هؤلاء يذهبون للزيارة لكونهم متخلفين والعالم تغير، فكان جواب فليج جاسم اذا كان زيارة للمواطنين للامام الحسين ع تخلف فلماذا عزت الدوري يذهب إلى تكيات الدروشة فهو أيضا يؤمن بخرافات، بعد لقاء فليج جاسم التميمي في المجرم صدام تم اغتيال فليح جاسم في محطة تعبئة وقود في قضاء الخالص.
البعث السوري أيضا سيطرت عليه مجموعة طائفية اقل تدميرا من عصابة العوجة التكريتية الطائفية التي جعلت البعث العراقي جهاز قمعي لتمكين صدام الجرذ من البطش في الشيعة والاكراد لاشباع نزواته الطائفية والقومية الشوفينية.
تم القضاء على الهوية الوطنية بالعراق في اسم شعارات المحافظة على الوحدة الوطنية، دولنا الشرق اوسطية ضحية إلى مخططات بريطانيا وفرنسا بينما بريطانيا احتلت الهند المتعدد الديانات والقوميات، بالهند توجد أكثر من خمسمائة ديانة وقومية ولغة، لكن كل هؤلاء مجموعين ضمن نظام ديمقراطي فدرالي، توجد اقلية إسلامية بالهند يتجاوز عددهم ٣٦٠ مليون مسلم هندي يعيشون بسلام وامان، تحررت الهند من الاستعمار البريطانى عام ١٩٤٨ بمساحة جغرافية شاسعة، دولة يغلب على مواطنيهم الفقر المدقع، زيادة سكانية هائلة، اقتصاد محطم لايعرف الهندي كيف يزرع وكيف يأكل، التعليم مفقود، الاقلية المسلمة تهتم بتعليم الناس القراءة والكتابة من
خلال المساجد والحسينيات والحوزاة الدينية، لاوجود للقطاع الصحي الحديث وإنما منتشرة بذلك الوقت الطب الشعبي بالاعشاب، لدى الهند صراعات حدودية مع الصين وباكستان لكن لم تتهور الهند ولا باكستان ولا الصين في الدخول بصراعات مسلحة حدودية لسنوات طويلة، يحدث تراشق مدفعي لعدة ساعات ويتم إيقاف الصراع، يحكمون العقل والمصلحة العامة، على عكس عقلية صدام الجرذ بتعامله مع الصراعات الحدودية مع ايران والكويت.
تم تطبيق نظام حكم فدرالي بالهند، الدستور الهندي ضمن حقوق جميع المواطنين بالتساوي ماعدى وجود مشكلة في كشمير الشرقية التي يسكنها أربعة ملايين مسلم تم ضمهم للهند بقوة السلاح والقهر، وجود دولة هندية مستقرة كان السبب في تطور الهند اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا، ملايين المرضى من العراق ودول الشرق الاوسط يذهبون للهند للعلاج، حتى عندما سمحت أمريكا في استخدام الانترنت تفوق الهنود في مجال علوم الديجيتال، اكتشف شاب هندي برنامج المحادثة في الياهو ومن خلال برنامج المحادثة تم إيجاد تطبيقات وبرامج للمحادثات بالصورة والصوت في فايبر واتساب والمسنجر ووووو….الخ من البرامج للمحادثات.
بريطانيا وظفت عشرات آلاف الهنود في جيوشها لخوض الحروب بالحرب العالمية الأولى والثانية، ومنحت الهنود جناسي بريطانيا، وتفوق ابناء الهنود في بريطانيا وتبوؤا أعلى المراكز السياسية والاقتصادية ولنا في رئيس الوزراء البريطانى «سوناك» مثالًا من أصل هندي.
فى زيارة رئيس وزراء الهند إلى الولايات المتحدة الأمريكية من 22 إلى 26 يونيو 2023، أهدى الرئيس الهندى مُضيفه الأمريكى «جو بايدن» صندوقًا من خشب الصندل من صنع كبار الحرفيين بمدينة «جايبور» الهندية التراثية المُبهرة. احتوى الصندوق على منتجات وأعمال فنية ترمز إلى ثراء الهند كطبيعة، وكحضارة.
بل الساسة الهنود اقنعوا دول العالم في جعل رياضة اليوجا تدرس بكل العالم وصوت على قرار الأمم المتحدة ١٧٥ دولة مت دول العالم، بتجوالي اليومي في شوارع العاصمة الدنماركية كوبنهاكن اشاهد كثرة المراكز التي تدرس رياضة اليوغا، لا استبعد أن الهند قد تمددت من خلال رياضة اليوغا لتصل إلى كل شعوب العالم، زيارات رؤساء الهند إلى أمريكا والغرب كانت تتم في اجتماعات سياسية مع القادة ومع مدراء كبرى الشركات لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على عكس زيارات ملوك ورؤساء العرب إلى أمريكا والغرب ولنا بزيارة ولي العهد السعودي وجلوسه بين يدي الحلاب الكريمة المستر دونالد ترامب الذي أجبره بالقوة على شراء أسلحة مستهلكة وحلبه بمبلغ متواضع قدرة ٧٥٠ مليار دولار أمريكي فقط.
السبب الذي جعل من المستر «مودى»، رئيس وزراء الهند الناجح ليس إيمانه في العقيدة الهندوسية وبودا، وإنما أن الهند يحكمها دستور فدرالي ضمن مشاركة خمسمائة قومية واثنيةولغة ودين ضمن دولة يحكمها دستور ومؤسسات دستورية.
في الختام لننظر للوضع العراقي نحن دولة واحدة بها ثلاث شعوب مختلفة مع بعض، ساسة المكونات بعضهم يعمل بالعلن مع الإرهاب وإشاعة الفوضى وتفجير المفخخات والمتاجرة بفروج نساء مكونهم ومؤخرات رجالهم للكسب السياسي مثل مايفعله غالبية ساسة المكون البعثي السني العراقي، يتاجرون بكل شيء حتى في مأذنة جامع السراجي أقاموا الدنيا واقعدوها وحضروا ملايين النشطاء العربان لزيادة كراهية شيعة العراق وتكفيرهم في اسم اضطهاد الشيعة للسنة وهدمهم إلى مأذنة جامع السراجي التي تحوي على ملفات مصانع نووية وطبية ومعرفية هائلة ههههه، للعلم انا ما اكتبه يمثل موقفي الشخصي بل انا من ضحايا نظام البعث الطائفي القذر ومن ضحايا النظام الحاكم الحالي، لايعقل شخصي مثل ناضل ضد نظام البعث وافنى من حياته ٣٣ سنة يمنع من العودة إلى بلده العراق لقضاء ماتبقى من حياته بين أبناء مدينته بسبب خطأ موظف وعناد قاضي سافل في هيئة التحقق التابعة إلى الأمانة العامة لرئاسة الوزراء العراقية الحالية في اعطائي رفض غير قابل للطعن حول ورقة من وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، رغم انني احضرت هذه الورقة البائسة عشرات المرات دون جدوى.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
23/7/2023
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
