🖊 ماجد الشويلي ||
مع بواكير نجاح الثورة الإسلامية في إيران ، وفي ظل أحلك الظروف التي مرت بها الجمهورية الاسلامية، وهي تتصدى للحرب الكونية التي شنها الإستكبار العالمي عليها بواسطة النظام الصدامي البائد ، رسم الإمام الخميني(رض) حدود ومعالم الدور الإيراني في المنطقة ، وسبل دعم شعوبها المضطهدة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاطماع التوسعية الصهيونية الأمريكية .
فحين اجتاحت اسرائيلُ لبنانَ قرر الإمام الخميني إرسال قوات الحرس الثوري لمواجهة الإحتلال بشكل محدود .
قادة الحرس كانوا يظنون أنهم بحاجة الى إرسال عدة فيالق لموجهة إسرائيل في لبنان،
إلا أن الإمام سألهم وماذا لو حررتم لبنان هل ستظلون فيه ؟
وكأن الإمام أراد أن يقول لهم الى متى ستبقون هناك ، هل الى الأبد؟
لأنه أمر غير منطقي ، ولعله سيكون بمثابة الإحتلال أيضاً ، أقلها في المنظار الدولي .
فما كان من قادة الحرس الإ أن يستفهموا من الإمام عما يمكن لهم فعله ، فأجابهم حينها أن عليهم مساعدة لبنان.
ولكن حاولوا أن يكون حضوركم لدعم وتعزيز وتدريب ونقل الخبرات والخدمات الطبية ، وشاركوا في المجال العسكري بشكل محدود ، لكي يؤسس الشعب اللبناني والشعب السوري وشعوب المنطقة ، جبهة حقيقية لمواجهة المشروع الصهيوني.
فالإمام كان يعتقد أن الشعب اللبناني قادر بمفرده على قهر الجيش الصهيوني وهزيمته ، وليس بحاجة الى تشكيل تحالفات كبرى من جيوش المنطقة.
شريطة أن تمنحوا الشعب اللبناني القدرة على المقاومة والتصدي للعدوان.
وهذا ماحصل بالفعل بل ظلت هذه الستراتيجية ثابتة في تعاطي الجمهورية الإسلامية مع شعوب المنطقة لدعمها في مواجهة الأطماع الغربية .
لذا لم نجد أن إيران أرسلت قواتها لمواجهة الإحتلال الأمريكي في العراق أو في سوريا أو اليمن .
ولم تفعل ذلك في البوسنة .
لكنها كانت تدعم تلك الشعوب وتمدها بأسباب القدرة على المقاومة والصمود في مواجهة أعدائها.
على النقيض تماماً مما يفعله الأتراك ، خاصة بعد وصول أردوغان لسدة الحكم في تركيا بما يخامره من أحلام إحياء العثمانية الجديدة .
أردوغان الذي احتفظ بعلاقة حميمية مع الكيان الصهيوني ، حاول أن يسوق نفسه على أنه زعيم السنة بل خليفة المسلمين
فأخذ يتدخل في شؤون المنطقة بشكل مباشر توافق مع مصالح الكيان الغاصب .
فقد دعم الإرهاب في سوريا، وتعاون مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لإسقاط نظام الحكم في دمشق.
وما لبث أن اجتاح بجيشه مناطق شاسعة من شمال العراق بحجة مطاردة حزب العمال المعارض في الوقت الذي لم يخف فيه أطماعه التأريخية في الموصل ،وكركوك كما كان يبرز من تصريحاته بين الفينة والأخرى.
وبدت أحلامه آخذة بالإتساع حتى انغمست قدمه في الوحل الليبي ، وتورط بسرقات النفط الكبرى هناك ، كما فعل في شمال العراق الأمر ذاته.
الملاحظ أن تركيا التفتت مؤخراً الى أهمية تجنيد المجاميع الإرهابية وزجهم في صراعات المنطقة بدلاً عن التورط بالتدخل المباشر .
فقد عمدت على تفكيك مجاميع جبهة النصرة، وإغرائهم ماديا لنقلهم الى اليمن ، مقابل خمسة الالاف دولار شهريا لكل مقاتل.
من هنا يتضح الفارق الجوهري بين العقلية الإيرانية والعقلية التركية في تعاطيهما مع الملفات الشائكة في المنطقة.
وأهم هذه الفوارق على النحو الآتي؛
أولأً: أن تركيا لم تتبن القضية الفلسطينية بشكل حقيقي ، ولم تتحمل لإجلها تبعات إقتصادية أو أمنية أو سياسية، لكنها ما انفكت عن المتاجرة بها أعلامياً وسياسيا.
بينما تبنت إيران القضية الفلسطينية بشكل كامل وتحملت لأجل ذلك الكلف الباهضة.
ثانياً:- الأتراك يغلبون مصلحتهم على مصلحة الشعوب التي يتدخلون في شؤونها،
فتدخلهم في سوريا كان على أساس محاولة إسقاط النظام الرسمي فيها وليس لدعم محور يجابه الكيان الصهيوني أو يواجه الإحتلال ، كما فعلت إيران حينما دعمت المقاومة في العراق.
ثالثاً:- أن الإتراك تدخلوا مباشرة في كثير من المناطق ، وكانت تدخلاتهم إحتلالاً لتلك المناطق بحسب القانون الدولي.
رابعاً:- الأتراك تورطوا في الحروب الأهلية وانحازوا لجهة على حساب جهة أخرى .
وفي مرات عديدة كانت تدخلاتهم ذات طابع عرقي.
الأمر الذي لم تقدم عليه إيران ولم تتورط فيه.
خامساً:- التدخلات التركية في بعض البلدان لم تنفك عن البعد الطائفي والحزبي.
فمن المعلوم حجم الدعم الذي تقدمه تركيا لجماعة الإخوان في ليبيا وسوريا واليمن .
أما السمة الغالبة على دعم الجمهورية الإسلامية لقوى المقاومة ، فهي بعيدة عن الطائفية وإنما تقوم على العداء لأمريكا وإسرائيل.
سادساً:- لطالما حصل التخادم بين أمريكا وتركيا على الأرض السورية ،وبعض المناطق العراقية.خلافاً لحلفاء إيران الذين يتصدون للتواجد الأمريكي في عموم المنطقة
سابعاً:- دأبت تركيا على تجميع شذاذ الأرض من مختلف الأصقاع وزجهم في أتون صراعات بلدان غريبة عنهم ،بينما عملت إيران على إسناد الشعوب الرافضة للإحتلال ، والتواقة لتحرير فلسطين دون أن مسعى منها لتقويض أنظمتها السياسية.
ثامناً:- من الواضح جداً انعدام الدور التركي في تهديد المصالح الإسرائيلية ، بل على العكس من ذلك تماماً ؛فكل تدخلات تركياً في المنطقة أسهمت بتعزيز أمن إسرائيل وتفوقها العسكري.
https://telegram.me/buratha