باقر العراقي
التجربة الديمقراطية في العراق فتية، ولم يمضي عليها الا عقد ونيف من السنين، وخبرة روادها لايمكن مقارنتها بتجارب أقرانهم في الدول الاخرى، كفرنسا مثلا او بريطانيا او الولايات المتحدة، لكن لبعضهم النادر جداً خصائص سياسية، قد نندم كثيرا لعدم استغلالها.
علينا ايضاً الاستفادة أيضاً من تاريخ الدول الديمقراطية، وليس اعادة سيناريوهاتها المؤلمة في أكثر الأحيان، فواقعنا لايبشر بخير، نظرا للاداء غير الجيد للكتل السياسية، وخاصة التحالف الوطني الذي يقود العملية السياسية، وخرج منه اهم وأكبر منصب تنفيذي.
لو أردنا ان نحاسب التحالف الوطني برمته، وغضضنا الطرف عن سيطرة شخوص حزب الدعوة المطلقة، على منصب رئيس الوزراء، وتركنا حكومة الجعفري لانها انتقالية، كان لزاما علينا حساب السلبيات والإيجابيات، خلال فترات حكم التحالف الوطني، في الحكومة الحالية والحكومتين السابقتين، وعند التمعن، نجد أن الاداء بدأ يتهاوى، منذ تغير قيادة التحالف الوطني عام 2010، فهل لرئاسة التحالف الوطني علاقة بهذا الموضوع؟.
قبل أن نجيب عن هذا التساؤل المشروع، المفروض أن تكون حكومة التحالف الوطني الدائمة الثانية، بقيادة السيد المالكي، أفضل من سابقتها، نظرا لاكتساب الخبرة، ووفرة الأموال بميزانيات انفجارية، لكنها للأسف راحت هباءاً، وضاعت معها 3 محافظات، وهيبة جيش كامل، صرف عليه أكثر من 100 مليار، والنتيجة هي أداء سيء للغاية، إحتل معه البلد أعلى درجات الفساد عالمياً، ووصفت العاصمة بغداد، كأسوء عاصمة يمكن العيش فيها من ناحية الخدمات والأمن.
هذه الحقائق المرة تضع علينا تساؤلات اخرى، وهي هل أن التسيب في إدارة هرم السلطة المتمثل برئاسة الوزراء، سببه ضعف قيادة التحالف؟ ولماذا تزايدت مشاكل كتل التحالف الوطني، وظهرت على السطح خلافاتها، بعد رحيل رئيس التحالف الوطني السابق السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله؟، علينا ايجاد الاجابة، خاصة ونحن نمر بظروف، قد توصف بالعصيبة والاستثنائية.
إن أكثر المحللين السياسيين تفاؤلا، يتنبأ بأن الواقع الحالي للبلد يتغير من سيء الى أسوء، فالتفسيم على طاولة مداولات مسؤلي البيت الابيض يومياً، كما نبه عن ذلك جون بولتون، في صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً، ليتحول العراق الى ثلاث دويلات هي كردستان وشيعستان وسنيستان الممتدة على طول نهر الفرات، من الرمادي صعودا الى اعماق سوريا.
كما أن الجانب الاقتصادي مخيف بتدهور أسعار النفط، ومشكلة الاقتراض، وفساد البنك المركزي المستمر، وعدم محاسبة لصوص الامس، وهذا يسير بمحاذاة الجانب السياسي، لينحدر نزولا نحو الهاوية، لولا الانتصارات المتلاحقة لأبناء القوات المسلحة والمتطوعين، التي تبقي الوضع مستقرا وآمنا لحد هذه اللحظة.
إن التحالف الوطني المتهالك بقيادته الضعيفة أو غير الموجودة حاليا، يزيد الأمور سوءا، ولا يستطيع إعانة رئيس الوزراء، فضلا عن محاسبته، فعدم مقدرته على إتخاذ القرارات المهمة، واتساع خلاقات كتله وأعضاءه افقيا وعموديا، ينذر بمستقبل مجهول على مستوى البلد الاقتصادي والسياسي والامني، وينبأ بكوارث متلاحقة قادمة.
ستذوق كتل التحالف الوطني وجماهيره مرارة الندم مرة أخرى، كما ذاقتها سابقاً لتركها الفيدرالية، وإستهزاءها بالحلول السلمية لأزمة الانبار، وقد تكون فرصتها الاخيرة، إن لم ترضخ لفكر العقلاء، ومبادرات الحكماء.
إن الفضاء الوطني على إمتداد خارطة الوطن، وبمختلف أطيافه السياسية، لم يجتمع أبداً الا تحت خيمة رجل واحد، هو عليهم أقرب من أقرباءهم، فعلى اعضاء التحالف الوطني، ترك مصالحهم الآنية، واللجوء لهذه الخيمة من الكوارث القادمة، قبل أن تملأ من شركاء الوطن الآخرين، ليتخذوا منها بوصلة لنجاتهم.
https://telegram.me/buratha