يجيد تنظيم الدولة "داعش" في
العراق وبلاد الشام "داعش" استخدام وسائل الإعلام وتوظيفها من أجل تحقيق أهدافه السياسية ونشر الرعب في نفوذ من يصفهم بأعداء "دولة الخلافة "، ولكنه خلال الفترة الماضية تلقى العديد من الضربات الإعلامية الموجعة بدأت بإغلاق العديد من المواقع التي تروج له وآخرها قتل الـ"هاكر" البريطاني حسين جنيد الخبير الإلكتروني، وزعيم جناح "الخلافة الإلكترونيّة"، وأحد أهم الشخصيات المتخصصة في اقتحام المواقع المعادية للتنظيم، في ضربة نفّذتها طائرة أميركيّة من دون طيّار على مواقع للتنظيم في سوريا.
المعلومات الأولية تفيد بأنّ جنيد حسين البالغ من العمر 21 عاماً والملقب بـ"أبو حسين البريطاني" كان يقيم في مدينة برمنجهام في انجلترا وتبنى الفكر الجهادى وكان جزءاً من فريق "السم" Team Poison، الذي اخترق "دفتر العناوين" التابع لرئيس الوزراء السابق طوني بلير، ونشر معلومات منه، ليتمّ الحكم عليه بالسجن ستة أشهر عام 2012م ثم سافر إلى سورية عام 2013م للجهاد لينضم إلى "داعش " واستطاعت وزارة الدفاع الأمريكية بالتعاون مع المخابرات المركزية الامريكية "CIA" تحديد موقعه قرب مدينة الرقة السورية ومن ثم توجيه ضربة جوية لموقعه نفذتها طائرة بدون طيار يوم الثلاثاء 26-8-2015م .
ويعد "الهاكر" الداعشي البريطاني الرقم اثنين بحسب الأهميّة بين عناصر "داعش"، بعد "جهادي جون"، الذي ظهر في سلسلة فيديوهات إعدام قام بها التنظيم وتتمثل أهم جرائمه الإلكترونية فيما يلي:
1- نشر سلسلة تغريدات تحثّ على قتل منفذي مؤتمر "ارسموا محمد" الذي حصل في تكساس في مايو 2015م، قبل دقائق من الإعلان عن تعرّض الموجودين فيه لإطلاق نار.
2- قرصنة حساب وزارة الدفاع الأمريكية على "تويتر" في يناير 2015م وكان المشرف على الاختراق.
3- اختراق حسابات القيادة الأمريكية الوسطى في الجيش الأميركي على يوتيوب وتويتر في يناير2015 م، حيث نشرت "الخلافة الإلكترونية" بيانات تهديد لعناصر الجيش الأميركي.
4- اختراق شبكة "تي في 5 موند" الفرنسيّة، مما أدى لتوقف جميع قنواتها التلفزيونية عن البث، وفقدانها السيطرة على مواقعها الإلكترونية.
5- اختراق حساب "نيوزويك" على "تويتر" في فبراير2015 م ونشر تهديدات لعائلة الرئيس الأميركي باراك أوباما
6- اختراق المجموعة الخطوط الجويّة الماليزية في يناير2015م
7- اختراق موقع الانترنت لمطار إيطالي لهجوم إلكتروني في أبريل 2015 م .
8- اخترق حساب "الرقة تُذبح بصمت" على "تويتر"، الذي يفضح ممارسات التنظيم في المدينة السورية في مايو2015 م
9- اختراق موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان في يوليو2015.
وتعد هذه الضربة أحد الضربات التي ستؤثر في التنظيم إعلاميًا حيث "داعش" كثيرا ما تباهت بامتلاك التنظيم استراتيجية تسويق إلكتروني وعلاقات عامة على درجة عالية جداً من الانضباط والتنسيق والتخطيط إضافة لفريق عمل إعلام اجتماعي يعمل حسب خطة إعلامية منظمة تصاعدت مع التقدم الميداني لمقاتليه في حملة متطورة وبالغة التعقيد مستخدما أكثر أساليب وتكتيكات الترويج الشبكي تطوراً حيث يُجمع العديد من الخبراء والمحللين الذين يعملون وفق خطة إعلامية محكمة التصميم لها أهدافها وتسير حسب توقيت دقيق ورسائلها موجهة بشكل علمي لاستهداف فئات مختلفة ومحددة، من خلال ما يلي:
1- استخدام الرسائل الخاصة على تويتر وفيس بوك للتواصل مع المؤيدين واستقطابهم أو توظيفهم في خدمة خطته الإعلامية
2- نشر التغريدات وتنسيقها وجمع المعلومات الاستخبارية وتنسيق عمليات الرد على الأصوات والتغريدات المعادية لنشاط التنظيم وأهدافه.
3- استخدام الشبكة العنكبوتية بحرفية من خلال نشر الصور وبث التهديد والوعيد في اتجاه واحد واستعملها لفهم حاجات متابعيه واستشارتهم وقياس وتحليل ردود فعلهم وبناء عليه يطور استراتيجياته وأساليب عمله.
وكان رد الشركات التي تدير شبكات التواصل والإعلام الاجتماعي قويا حيث أعلنت شركة فيسبوك أعلنت عن قلقها من نشاط الجهاديين المتواجدين على شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) التابعة لها، في حين قام تويتر بحذف العديد من الحسابات التي تغرد باسم داعش وأعلن المتحدث باسم شركة غوغل عن إجراء تحقيق واسع حول كيفية قيام داعش باستغلال غوغل بلاي Google play لبيع تطبيق رسمي ينشر اخبار التنظيم The Dawn of Glad أولاً بأول مستغلاً حسابات تويتر لمستخدميه لإرسال اكثر من 40000 تغريدة نيابة عن التنظيم دون معرفتهم خلال يوم واحد إبان الهجوم على الموصل.
وأكد حسن بن سالم الكاتب سعودي على أنّ «داعش» فاجأ المهتمين والمختصين بدراسة الجماعات المتطرفة كافة لاسيما في الغرب بقدرته الاستثنائية على استغلال المواقع الاجتماعية في نشر آيديولوجيته وتجنيد أكبر عدد من الشبّان حول العالم، ومواكبة واستخدام أكثر الوسائل تطوراً وتقنية وبشكل ملاحظ وتوظيفها لمصالحه الميدانية وانه لم يكتف بنقل تفاصيل أخباره صوتاً وصورة أولاً بأول من طريق مواقع «يوتيوب» و«فيسبوك» و«تويتر"، أيضاً «آنستغرام» و«تمبلر»، التي تسهم بشكل كبير في صناعة بروبغاندا لها وتضخيم حجم سيطرتها ونفوذها، وبث الرعب والخوف في نفوس خصومها.
وكشف عن أن داعش قامت أخيراً باقتحام عالم تطبيقات الهواتف الذكية، فأحد مشاريع «داعش» في هذا المضمار هو تطبيق «فجر البشائر» باللغة العربية على موقع «تويتر»، الذي أطلق منذ أقل من شهرين ويتمّ تسويقه على أنّه منتج «داعش» الرسمي، إذ يتيح لمستخدميه بالاطلاع على آخر أخبار التنظيم الجهادي من خلال الاشتراك بالإنترنت أو على هواتف أندرويد من خلال تحميله من متجر غوغل، وهذا التطبيق لا يشبه غيره من التطبيقات، فمنذ لحظة تنزيله يبدأ بنشر تغريدات على صفحة المستخدم الشخصية بشكل آلي، وتتضمّن التغريدات روابط وهاشتاغ وصوراً وفيديوهات، ويتم نشر المضمون ذاته والتغريدات من حسابات جميع الذين نزّلوا التطبيق، لكن بفوارق زمنية محدّدة لتفادي الشبهات وأن نشاط التطبيق في نشر التغريدات بلغ حجماً قياسياً خلال هجمات «داعش» الأخيرة لتبلغ حدود 40 ألف تغريدة في اليوم الواحد.
مما سبق نستطيع ان نقول على الرغم من أن داعش يدرك تماماً الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعية في التجنيد والاستقطاب وكسب الدعم والتأييد، على رغم من ممارساته الوحشية الفظيعة التي يحرص التنظيم على بثها لمشاهد الإعدامات الجماعية وقطع الرؤوس والتهليل والتكبير على ذلك، إلا أنه يدرك أيضًا حجم الخسائر التي يتلقاها بالكشف المتتالي لعناصره الإرهابية القابعة على مواقع الشبكة العنكبوتية مما يجعله دائما في مرمى الاستهداف الإلكتروني ويجعل فرص تعرض أذرعه الإعلامية للبتر أكبر
.