في محاولة للهروب من تبعيات نتائج الانتخابات البرلمانية التركية، وتراجع حزب العداة والتنمية، يسعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استعادة ما فقده في هذه الانتخابات، وسط طلبات من المعارضة باستبعاده من الظهور نتيجة رفض الناخب التركي لسياسات أردوغان القمعية.
وبالرغم من تكليف أحمد داود أوغلو زعيم حزب العدالة والتنمية بتشكيل الحكومة باعتباره الحزب الذى جاء أولا في الانتخابات، وسط تربص المعارضة والأحزاب الأخرى، وعدم رغبتها في تكوين حكومة ائتلافية اعتراضا على سياسات الحزب الحاكم وأردوغان، يجري حديث عن إمكانية الاطاحة بأوغلو واختيار شخص آخر بتشكيل الحكومة، في محاولة لتحميل رئيس الوزراء مسئولية تراجع شعبية الحزب الحاكم، وابعاد انظار النقد عن أردوغان.
يأتي ذلك في الوقت الذى سبق ولوح به البعض بإمكانية إجراء انتخابات برلمانية مبكرة تعويضا عن نتائج الانتخابات الأخيرة المخزلة، إلا أن الرئيس السابق عبد الله جول رفض هذه الخطوة، وأكد خطورة الإقدام عليها.
من جانبها كشفت وكالة جيهان التركية عن رغبة أردوغان في التشبث بالسلطة، ومحاولة الانفراد بتشكيل الحكومة حتى لا يختفى الحلم الأردوغانى في تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي إلى برلمانى، واعتبرها معارضون مخالفة للدستور وليست من عمل رئيس الجمهورية، الذى سبق وكسر النصوص الدستورية والظهور في مؤتمرات عديدة للحزب الحاكم في حملته الانتخابية رغم أن منصبه يتطلب عليه الحياد التام والابتعاد عن الانحياز لأى حزب أو فصيل سياسيا، حتى جاءت ارادة الناخبين لتقدم له صفعة كبيرة، ستمتد تداعياتها لفترة ليست بقصيرة.
وربط مراقبون بين اجتماع أردوغان مع دنيز بايكال زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق، والنائب المنتخب حالياً من صفوف الحزب عن مدينة أنطاليا جنوب البلاد، والتمهيد لاجتماع أخر مع ممثل عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وكذلك مقابلة مع مراد باشسجي أوغلو أحد أقدم الأعضاء في الحركة القومية في خطوة يعتبرها كثيرون مشاورات لتقريب وجهات النظر بين الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى.
وكشفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية التركية لوسائل الاعلام بأن أردوغان طلب من داود أوغلو تشكيل حكومة ائتلافية والبقاء في الحكم تحت أي ظرف، مضيفا بقوله "لقد حصلت على 41 في المئة، لذا أصبح من الضروري بقاؤك في الحكم"، كما منحه أردوغان فرصة تشكيل الحكومة حتى 15 يوليو المقبل.
يأتي ذلك في الوقت الذى كشفت فيه مصادر عن قيام عبدالله جول الرئيس السابق بالتشاور مع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو فور الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية والرئيس رجب طيب أردوغان ،وأكد جول على ضرورة اتجاه حزب العدالة والتنمية نحو الحكومة الائتلافية، وأن تجاهل نتائج الانتخابات ودعوة المواطنين لانتخابات برلمانية جديدة يعتبر خطأ فادحاً.
وكشفت صحيفة "بوستا" إن جول أكد في مكالمتيه أن الاستعجال ودعوة المواطنين لانتخابات مبكرة يحمل مخاطر وخيمة على حزب العدالة والتنمية، مشيرًا إلى ضرورة سعي حزب العدالة والتنمية نحو تشكيل الحكومة الائتلافية بأي حال من الأحول.
وفى هذا السياق تتوالى الانتقادات للرئيس التركي بسبب سياساته القمعية، وكذلك قصره الرئاسي الفخم، الذى حمل ميزانية الدولة ملايين الدولارات، وعادت سهام النقد تظهر من جديد بعد أن نشر موقع أمريكي دراسة مثيرة حول أكثر الأماكن السياحية تكلفة في العالم قال فيها إن تكلفة القصر الأبيض للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تفوق تكلفة 7 معالم أثرية عالمية تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 3.5 مليار ليرة تركية فقط إذ وصلت قيمة قصر أردوغان نحو 4.5 مليار ليرة تركية.
وسبق أن كشفت غرفة المهندسين الأتراك عن أن التكلفة الفعلية لبنائه بلغت نحو 4.5 مليار ليرة تركية، بينما أعلن وزير المالية في حكومة حزب العدالة والتنمية أن تكلفة القصر وصلت إلى مليار و370 مليون ليرة تركية.
وأوضح الموقع الأمريكي أن التكلفة الافتراضية لبرج بيزا المائل في إيطاليا الذي استغرق تشييده نحو ثلاث سنوات منذ عام 1173 ميلاديا، تصل إلى نحو 4 ملايين و100 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل 11 مليونا و225 ألف ليرة تركية، في حالة إعادة إنشائه مرة أخرى باستخدام التكنولوجيا الحديثة اليوم، وأن أهرامات الجيزة في مصر التي بنيت عام 2250 قبل الميلاد ستتكلف في حالة إعادة بنائها حاليا نحو 878 مليونا و250 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو مليارين و404 ملايين و168 ألف ليرة تركية.
أما تمثال الحرية في مدينة نيويورك الأمريكية، فتصل تكلفة إنشائه باستخدام التكنولوجيا الحديثة نحو مليون و283 ألفا و520 دولارا أمريكيا، أي ما يعادل نحو 3 ملايين و515 ألف ليرة تركية، بينما تصل تكلفة المدرج الروماني الشهير "الكولوسيوم" في حالة إعادة إنشائه باستخدام التكنولوجيا الحديثة، نحو 380 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو مليار و42 مليون ليرة تركية، بينما تكلفة إعادة بناء تمثال المسيح تصل إلى مليون و456 ألفا و777 دولاراً أمريكياً، أي ما يعادل نحو 3 ملايين و440 ألف ليرة تركية، في حين وصلت التكلفة الافتراضية لإعادة بناء برج إيفيل، في العاصمة الفرنسية باريس، نحو 31 مليونا و184 ألفا و900 دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو 85 مليونا و440 ألف ليرة تركية، أما ساعة بيج بين الشهيرة في العاصمة البريطانية لندن، فوصلت التكلفة الافتراضية لإعادة بنائها باستخدام التكنولوجيا الحديثة إلى نحو 222 ألفا و278 دولارا أمريكيا، ما يعادل نحو 608 آلاف و708 ليرات تركية تقريبا.