مصعب قشمر
هل بدأت بداية تفكك التحالف الدولي ضد "داعش"؟ أو على الأقل هل بدأ الوهن يضرب بنيانه؟ سؤال يرتسم في معالم الفضاء السياسي، والجواب عليه رهن بما ستؤول إليه تطورات المنطقة، وخاصة أن هذا التحالف لم يحقق الغاية التي وجد لأجلها، ولم يحقق الإنجازات المطلوبة في حربه على تنظيم "داعش"، فالتنظيم ما زال موجودا ومسلحوه ينتشرون في كل من سوريا والعراق.
لكن المفأجاة كانت في إنسحاب الإمارات العربية المتحدة من التحالف بعد إسقاط طائرة أردنية وأسر طيارها معاذ الكساسبة بأيدي التنظيم، ومن ثم إعدامه حرقا. المفارقة أن إعلان الإنسحاب جاء على لسان مسؤول أميركي وليس من قبل الإمارات نفسها. كما أن عودة الإمارات الى مربع التحالف أعلنه الاميركيون أيضا، ما يثير التساؤل والاستغراب حول ما جرى، وعن طبيعة العلاقة بين الامارات وأركان التحالف في ظل الحديث عن تراجع علاقتها مع الرياض؟ لماذا انسحبت الامارات ولماذا عدلت عن رجوعها، من أقنعها بذلك، وما هي الفائدة التي ستجنيها، ولماذا الامارات دون غيرها؟ وهل أتى الانسحاب على خلفية الخوف من "داعش"؟
السؤال الذي بدأ يجول في خاطر المتابعين لماذا انسحبت الامارات من التحالف؟ العميد المتقاعد أمين حطيط يشرح لموقع "العهد" أسباب الانسحاب ويعتبر أن هناك ثلاثة عناصر دفعت بالإمارات الى هذا القرار وهي أولاً مقتل الطيار الأردني، حيث وجدت الإمارات أن الولايات المتحدة لا تحمي طائرات الحلفاء من السقوط، لأنه في اعتقاد الإمارات بأن أميركا والغرب هما من زود "داعش" بأسلحة المضادة للطائرات.
أما العنصر الثاني، فهو الأخطر بالنسبة للإمارات كون الأخيرة، برأي حطيط خائفة ليس من "داعش"نفسها، بل من التحالف ذاته، وخاصة أنه وصل الى مسامعها بأن الاردن سيكون رأس حربة على "داعش" في سوريا، فيما يعرف بالخطة الاميركية الرابعة، أي قيام الأردن بهجوم بري ضد "داعش" عبر سوريا. ويبدو أن الإمارات فهمت اللعبة ، وتخشى أن تكون في خدمة الأردن في هذه الخطة، لأن الأردن ينسق بشكل جيد مع السعودية في الوقت الذي تشهد فيه علاقة الاخيرة مع الإمارات تراجعا حادا بعد إبعاد خالد التويجري عن الديوان الملكي الذي تربطه علاقة جيدة مع الإمارات.
ويقال في الكواليس بأن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد تربطه علاقة ممتازة مع نجل الملك السعودي الراحل متعب بن عبد الله بن عبد العزيز ، وإن خطة "بن زايد - متعب" كانت تقضي بأن تؤول ولاية ولي العهد الى الأخير، لكن مع التغييرات التي حصلت في المملكة مع تولي سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم بإبعاد التويجري عن الديوان الملكي وتقليص نفوذ متعب، لم يعد للإمارات أي دور. ومع إعتماد الأردن كخيار وركيزة أساسية في الحرب على"داعش" لن يكون للإمارات أي دور في هذه الحرب، بحسب حطيط.
على أن العنصر الثالت، هو أن الإمارات لم تجد جدوى حقيقية من التحالف على"داعش"، ولم تجد أن التحالف يمكن أن يحقق شيئا ضد الحكومة السورية خاصة مع عودة المجموعة الدولية الى سوريا.
لكن المفارقة التي حصلت أن وزير الخارجية الاميركي جون كيري أعلن بعد لقائه وزير الخارجية الاماراتي على هامش مؤتمر الامن في مدينة ميونيخ في المانيا أن الإمارات ستستأنف طلعاتها الجوية، تبعه إعلان إماراتي بأنها أرسلت سرب طائرات مقاتلة للأردن لمساندة القوات الاردنية في حربها على تنظيم "داعش".
كيف يمكن تفسير الخطوة الاماراتية وفي أي سياق يتم وضعها ؟ يجيب العميد حطيط أن السلوك الإماراتي يعزز الهواجس من وجود الخطة الأميركية الرابعة، التي تضع الإمارات في خدمة الاردن في هجومه البري على "داعش" عبر سوريا.
فهل تكون الإمارات بدورها أداةً طيّعة بيد الأردن وورقة رابحة بالنسبة لها؟
24/5/150215
https://telegram.me/buratha