التقارير

اردوغان.. الرئيس التركي الناجح في اثارة الخلافات

2174 09:12:27 2014-11-28

اثار الرئيس التركي (اردوغان) الكثير من الخلاف والجدل حول طبيعة حكمة وأهدافه وحتى تصريحاته، التي غالبا ما توصف بالحادة والنارية، خصوصا حين يوجهها الى منتقديه ومعارضي سياسته (الداخلية والخارجية) التي يتبعها لبناء (تركيا الجديدة) على حد وصفة، ووصف الحزب الذي اسسه اردوغان (حزب العدالة والتنمية)، والذي احتل أكبر عدد من المقاعد البرلمانية والبلدية، وساهم في ايصال اردوغان الى منصب رئاسة الوزراء لمدة 11 عام، ثم الى منصب الرئيس (والذي يسعى لزيادة صلاحياته التنفيذية دستوريا)، قبل ان يترك امانته العامة، بعد تقلده لمنصب رئيس الجمهورية، واثار اردوغان، مؤخرا، من خلال تصريحاته، العديد من الجمعيات النسائية، بعد ان اكد "صراحة أن لا مساواة بين الرجل والمرأة، وأن دين الإسلام حدد دور النساء في المجتمع بالأمومة، جاءت تصريحات الرئيس التركي الإسلامي أمام حشد كبير من النساء خلال قمة حول العدالة والنساء"، وأضاف أن "البعض يتفهم ذلك والبعض الآخر لا، لا يمكنكم تفسير هذا الأمر للمدافعات عن حقوق المرأة لأنهن لا يقبلن حتى فكرة الأمومة"، وأوضح أنه لا يمكن معاملة الرجل والمرأة بالطريقة نفسها "لأن ذلك ضد الطبيعة البشرية"، وتابع "طباعهن وعاداتهن وأجسادهن مختلفة، لا يمكنكم وضع امرأة ترضع طفلها ورجل على قدم المساواة".

وكثيرا ما اثارت تصريحات اردوغان، الانفعالية، بحسب مراقبين، ردود أفعال سلبية، في الداخل، والتي اعتبرها كثيرين تدخلا في الحريات الفردية للمواطن، كما انتقد كثيرون سياسية اردوغان تجاه المعارضين، وحملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها القوات الأمنية ضد المتظاهرين، إضافة الى حملة الاعتقالات والفصل التي طالت من وصفهم بالمتآمرين على حكومة اردوغان، أثر الخلاف الذي نشب بينه وبين رجل الاعمال البارز (كولن) والمقيم في الولايات المتحدة الامريكية، ولم تختلف الانتقادات كثيرا حول سياسته الخارجية المتبعة في العديد من القضايا الإقليمية والعالمية، ويرى العديد من المحللين، ان النجاحات الاقتصادية التي حققها اردوغان في السنوات الماضية، والتي حققت له شعبية كبيرة داخل تركيا، عرضه للتلاشي مع تكرار الأخطاء الخارجية التي قد تزيد من عزلة تركيا مع المجتمع الدولي.

القصر الأبيض

فقد نقلت صحيفة تركية عن وزير المالية التركي قوله إن القصر الرئاسي التركي الذي بدئ في بنائه حديثا في غابات أنقرة ويضم ألف غرفة سيكلف خزينة الدولة أكثر من نصف مليار دولار بنهاية العام المقبل، وانقسم الرأي العام التركي بحدة حيال مسألة بناء الصرح المترامي الأطراف مع نظرة منتقدي المشروع إليه على أنه علامة على نزعة أردوغان الاستبدادية المتزايدة بعد أكثر من عقد على تربعه على قمة السياسة التركية، وفاز أردوغان (الذي يتولى منصب رئيس الوزراء منذ عام 2003) في أول انتخابات رئاسية مباشرة في اغسطس آب الماضي، ونقلت صحيفة حريت التركية عن وزير المالية محمد شيمشك قوله إن "نحو 432.7 مليون دولار دفعت لبناء القصر الرئاسي الجديد حتى الآن وسيتم تخصيص 135 مليون دولار للقصر عام 2015"، وتوقع شيمشك أمام لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان أن تصل التكلفة الاجمالية للمشروع 615 مليون دولار مشيرا إلى شراء طائرة رئاسية جديدة بقيمة 185 مليون دولار.

ويحتل المجمع الرئاسي الذي أطلق عليه بالتركية (آق سراي) أو القصر الابيض مبنى بأضوائه المبهرة أثناء الليل قمة تلة تطل على خط الأفق الغربي لمدينة أنقرة، ويشغل المجمع مساحة 200 ألف متر مربع ويشمل مبنى من ثلاثة طوابق مخصص لسكنى اردوغان وعائلته، وكان من المقرر أن يستخدمه أردوغان كمقر لرئاسة الوزراء لكنه قرر تحويله لمقر رئاسي قبل ترشحه للرئاسة، وقال الأمين العام للرئاسة فخري كاسيرجا للجنة الخطة والموازنة إن "المجمع الجديد بني ليؤمن الحد الأقصى من المساحة السكنية إلى جانب البنية التحتية التقنية الاكثر تقدما، ان المقر الجديد سيظل صالحا لسنوات عديدة"، وكان الرؤساء السابقون يستخدمون قصر مصطفى كمال أتاتورك (مؤسس جمهورية تركيا الحديثة) القديم الأكثر تواضعا غير أن قرار الانتقال إلى المجمع الجديد يأتي وفقا لما يطلق أردوغان عليها مرحلة "تركيا الجديدة"، ولم يخف أردوغان نيته تعديل الدستور وتحويل النظام السياسي الحالي إلى نظام رئاسي، وقال النائب المعارض خورشيد جونس "لا أعتقد أن هذا القصر هو رمز دولة صاعدة بل دولة متخلفة ونامية، إنه أمر سخيف". بحسب رويترز.

على صعيد اخر اكدت الحكومة التركية ان المؤسسة التي يرأسها احد ابناء رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المذكورة في التحقيق ضد الفساد الذي يطال حكومته، تلقت مئة مليون دولار من التبرعات، وقد استفادت هذه المؤسسة التربوية (تورغيف) خلال الفترة من 2008 الى 2012، من تبرعات بقيمة 99,999 مليون دولار (72 مليون يورو) من الخارج و14,1 مليون (10,2 مليون يورو) من داخل تركيا وفق ما اعلن نائب رئيس الوزراء بولنت ارينج في رد على سؤال مكتوب من نائب معارض، ولم يحدد ارينج في رده مصدر تلك التبرعات، ومؤسسة "تورغيف" التي ينتمي بلال اردوغان (34 سنة) الى مجلس ادارتها، مكلفة بتوفير مساكن ومنح لطلاب اتراك، واشتبه المحققون الذين كانوا مكلفين في البداية بالتحقيق حول الفساد في 17 كانون الاول/ديسمبر، والذين نقلوا جميعا من مناصبهم بعدها، في ممارسة ابن رئيس الحكومة استغلال النفوذ في اطار هذه المؤسسة، وبالنهاية مثل بلال اردغوان بصفة شاهد بعد بعضة اسابيع امام قاضي تحقيق جديد ولم توجه اليه اي تهمة، ونفى رئيس الوزراء قطعا تلك الاتهامات قائلا "لو كان احد ابنائي متورطا في قضية من هذا القبيل لنكرته على الفور"، وفي شباط/فبراير بثت على الانترنت تسجيلات لمكالمات هاتفية تم التنصت عليها بين اردوغان وابنه حيث نصحه رئيس الحكومة في احداها بالتخلص سريعا من عشرات الملايين من اليورو بعد ساعات قليلة من عملية مداهمة نفذتها الشرطة كانت وراء بدء التحقيق، ويتهم اردوغان منذ اشهر حلفاءه السابقين من جمعية الداعية الاسلامي فتح الله غولن بالوقوف وراء تلك الاتهامات وبالتآمر عليه، وبعد فوزه في الانتخابات البلدية في الثلاثين من اذار/مارس وعد بتصفية حساباته مع جمعية غولن المقيم في الولايات المتحدة.

مؤامرة ام خيال

من جانبهم قال جنرالان متقاعدان كانا ضمن قادة القوات المسلحة التركية في وقت انقلاب مزعوم عام 2003 أمام محكمة تنظر اعادة محاكمة مئات الضباط إنهما لم يعلما بأمر أي مؤامرة للإطاحة برئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، وأدين الضباط عام 2002 بالتآمر على القيام بانقلاب ضد أردوغان الذي أصبح رئيسا الان، وألغت المحكمة الدستورية ادانتهم في يونيو حزيران وقضت بأن القضية التي أقيمت ضدهم شابتها أوجه قصور، وتمثل هذه المحاكمة التي جرت في الفترة بين عامي 2010 و2012 وأطلق عليها اسم "المطرقة" نقطة بارزة في جهود أردوغان للحد من نفوذ الجيش الذي هيمن على مدى عشرات السنين على الساحة السياسية، واتهم منتقدون أردوغان في ذلك الوقت باستخدام المحاكم لمطاردة الجنرالات.

ومن خلال ايداع كبار الضباط السجن قوضت القضية سلطة ونفوذ ثاني أكبر جيش في حلف شمال الاطلسي في وقت توترت فيه الاوضاع على الحدود مع سوريا والعراق، وينظر الى اعادة المحاكمة على انها فرصة للجيش لإصلاح صورته، وأبلغ الجنرال حلمي أوزكوك قائد القوات المسلحة في الفترة بين عامي 2002 و2006 المحكمة انه سمع عن شائعة مؤامرة الانقلاب أثناء توليه منصبه من وسائل الاعلام ورسائل مجهولة لكن هذه الامور لا تستند الى أي أساس، وقال أوزكوك (74 عاما) الذي كان يرتدي حلة داكنة "لم أتلق معلومات تفيد بإعداد خطة انقلاب، كانت هناك بعض الشائعات لكنها لم تكن جادة بما يكفي لإقامة دعوى قضائية أو اجراء تحقيق ضد أي شخص"، وأجرى أردوغان الذي ينظر اليه الجيش بارتياب منذ فترة طويلة بسبب جذوره في الاسلام السياسي اصلاحات لتأمين الديمقراطية ضد تدخل الجيش في السنوات التي تلت فوز حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات عام 2002، وفي الاونة الاخيرة وجه خصومه اليه الاتهام بميوله السلطوية وعدم تساهله ازاء المعارضة. بحسب رويترز.

ويدلي الجنرالان المتقاعدان بشهادتيهما للمرة الأولى، وعدم استماع المحاكمة الاولى الى شهاديتهما كان من بين الاسباب التي استند اليها قرار الغاء الادانات، وقال ايتاج يلمان (74 عاما) قائد القوات البرية (في وقت منتدى عسكري عام 2003) أمام المحكمة "لم أسمع أو أحاول منع (مثلما زعم) خطة الانقلاب هذه، عقد المنتدى بأوامري لكنني لم أتمكن من الحضور"، وقال يلمان انه ومعظم كبار القادة الاخرين في ذلك الوقت كانوا مشغولين بالتعامل مع خطط تتعلق بالاشتراك في حرب العراق عام 2003 عندما رفض البرلمان التركي في نهاية الامر طلبا أمريكيا باستخدام الاراضي التركية في غزو العراق، وكان ينظر الى القوات المسلحة التركية على مدى فترة طويلة على انها حامية الجمهورية العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك وقامت بثلاثة انقلابات في الفترة بين عامي 1960 و1980 وازاحت حكومة اسلامية من السلطة في عام 1997 .

وترجع الخطة المزعومة الى الأشهر التي تلت تولي أردوغان السلطة أول مرة وتردد انها شملت خططا لقصف مسجد واثارة صراع مع اليونان من خلال اسقاط طائرات حربية تركية للتحفيز على استيلاء الجيش على السلطة، ومن بين 236 متهما في المحاكمة المتهم الرئيسي جيتين دوجان القائد السابق للجيش الاول واثنان متقاعدان من قادة القوات وجنرال سابق أصبح الان عضوا في البرلمان عن حزب الحركة القومية، واحتشد أقارب المتهمين ومحاموهم في قاعة المحكمة التي تتسع لنحو 500 شخص بالإضافة الى المتهمين في الجانب الاسيوي من اسطنبول أكبر المدن التركية، وقضت المحكمة الدستورية بالإجماع بأن التعامل بطريقة خاطئة مع أدلة رقمية يمثل أيضا انتهاكا لحقوق الضباط المدانين، وقال أردوغان في وقت سابق هذا العام بعد ان رسخ سلطته على الجيش انه منفتح على فكرة اعادة المحاكمة، وأشار مسؤولون الى انه تم التلاعب في الادلة من جانب رجل دين اسلامي استغل نفوذه في الشرطة والقضاء لمساعدة أردوغان على كسر نفوذ الجيش، وينفي رجل الدين فتح الله كولن وهو حليف سابق لأردوغان تحول الى خصم لدود الان أي تورط في تحقيقات المحاكمة، وفي مارس اذار أمرت محكمة بالإفراج عن قائد سابق بالجيش متهم في مؤامرة أخرى للإطاحة بالحكومة.

الأتراك وقلق العزلة

الى ذلك، هناك قول مأثور في تركيا يقول إن "التركي ليس له صديق إلا التركي"، وفي الوقت الذي تتجه فيه تركيا نحو العزلة تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، فإن هذا المثل يتردد صداه فعلا بصورة مثيرة للقلق، وخلال توليه منصب رئيس الوزراء على مدى 11 عاما، برزت تركيا بقوة على الساحة الدولية، فقد بدأت مفاوضات من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي، وزادت بقوة من وجودها الدبلوماسي خاصة في أفريقيا، وتستضيف أكبر مدنها اسطنبول حاليا واحدا من أكبر المطارات في العالم وبها شركة طيران تسير رحلات لأكبر عدد من الدول مقارنة بغيرها، لكن خلال الأشهر الماضية، ربما عامين أو ما يقرب من ذلك، حدث تطور سيء على صعيد علاقات تركيا، لا يزال قادة سياسيون دوليون يزورون تركيا لفترات وجيزة، واستقبلت أنقرة مؤخرا نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن للاجتماع بالمسؤولين الأتراك، لكن تركيا اليوم تفتقد بشكل واضح لأصدقائها.

وحينما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اختيار الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، كانت تركيا تعتقد بكل ثقة أنها ستحصل على مقعد، لكن، الأمر المخجل، هي أنها خسرت هذا المقعد لصالح أسبانيا ونيوزيلندا، وهي صفعة في وجه أردوغان، الذي انتخب رئيسا في أغسطس/آب الماضي، ولقد بدأ الأمر "بالربيع العربي"، حيث لجأت تركيا إلى الرهان الخاسر من خلال دعمها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وراهنت أيضا على الإطاحة السريعة بالرئيس السوري بشار الأسد، والآن لا يوجد لها سفير في القاهرة، وندد أردوغان نظيره المصري عبد الفتاح السيسي ووصفه بأنه "طاغية غير منتخب"، وانزلقت تركيا بصورة لا يمكن الفرار منها إلى الكابوس السوري، وواجهت انتقادات حادة بسبب سماحها للمتشددين الأجانب بعبور حدودها، وضعفت علاقاتها مع العراق وإيران والسعودية، وأصبحت شراكتها الاستراتيجية السابقة مع إسرائيل في حالة يرثى لها، وسحبت أنقرة سفيرها في تل أبيب، ووصف أردوغان القصف الإسرائيلي لقطاع غزة بأنه "إبادة جماعية، تذكر بالهولوكوست".

لكن الآن حتى علاقاتها مع حلفائها القدامى مثل الولايات المتحدة قد تراجعت، وحينما أنشأت واشنطن تحالفا دوليا لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، استبعدت تركيا من هذا التحالف، ورفضت السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها هناك لتوجيه ضربات مالم تستهدف أيضا الرئيس الأسد ودعمت فرض منطقة لحظر الطيران فوق سوريا، وبعد مرور ساعات قليلة من تحذير أردوغان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالامتناع عن تسليح المقاتلين الأكراد في سوريا، ألقت الولايات المتحدة أسلحة عن طريق الجو، وبالكاد لا توجد إشارة أوضح على الخلاف بين الجانبين، وقال سنان اولجن من مؤسسة "اي تام" البحثية إن "هناك إدراك لدى الحكومة بمدى الأرضية التي خسرتها (تركيا)، لكن أنقرة تبرر ذلك بزعمها أن سبب عزلة تركيا هي أنها الدولة الوحيدة التي تتمتع بجرأة كافية لتبني سياسة خارجية أخلاقية راقية تستند إلى القيم"، وأضاف "هذه الحجة يطرحها (أيضا) الناخبون المؤيدون لأردوغان، وبالنسبة له هذا هو الأهم".

هذا في النهاية هو الذي يقود تحركات رجب طيب أردوغان، فنجاحه منقطع النظير في الانتخابات منحه قناعة راسخة تماما بأن سياساته هي السياسات المناسبة، اما احتجاجات الشوارع الحاشدة التي انطلقت في يونيو/حزيران عام 2013 على خلفية خطة للبناء في حديقة "غيزي" في اسطنبول لم تغير من مسار أردوغان، وبينما دعت شخصيات بارزة حوله إلى الحوار، وصف أردوغان المتظاهرين بأنهم مجموعة من "الغوغاء"، ونجا أيضا من تسريب مسيء لصورته مكالمات هاتفية خاصة قبل عام ورطته هو وحلفاء مقربين منه في مزاعم بالفساد، ورد أردوغان على التسريبات بالتنديد "بمحاولة انقلاب"، واقال الآلاف من القضاة والشرطة وسعى لحظر وسائل إعلام اجتماعية، ووطد علاقاته معتمدا على حلفاء مخلصين، وقال سنان اولجن إن "الاحتجاجات في غيزي وما تلاها من رد فعل (لأردوغان) على مزاعم الفساد تزامنت مع تحول وجهة النظر العالمية إزاء أردوغان"، واعتبر أن "عزلة تركيا تمثل مشكلة بالنسبة لها، لكن أيضا للغرب، إذا أراد الغرب تحقيق أهدافه الأمنية في المنطقة، فإنه على الأرجح لن يكون له شريك أفضل من تركيا"، لكنه أضاف بأنه "مع تراجع نفوذ تركيا، سيكون الغرب مقيدا، ويؤمن أردوغان بأن الشرعية الديمقراطية هي صندوق الانتخاب، (لكن) آخرين يتوقعون أكثر من ذلك من الديمقراطية التركية، حرية الصحافة واستقلال القضاء وسيادة القانون"، وفي الأسابيع الأخيرة، زادت الانتقادات في الداخل، من بناء قصر رئاسي يضم ألف غرفة بتكلفة 615 مليون دولار في غابة محمية، متحديا بذلك 30 طعنا قانونيا، إلى اعتداءات لفظية على صحفيين أجانب إلى بيانات مثيرة للجدل قال فيها إن المسلمين وليس كريستوفر كولومبوس هم من اكتشفوا أمريكا، وأشارت هذه التصريحات إلى الشعور بأن الحكومة تعاني من ارتباك.

لكن أردوغان لا يزال يحافظ على الدعم بين مؤيديه، ولا يعبأ كثيرا الناخبون الذين مثلوا 52 في المئة من الأصوات بحظر موقع تويتر الاجتماعي أو مزاعم الفساد، والتي يرون أنها تحوم حول معظم السياسيين تقريبا، وبالنسبة لهؤلاء، فإن التحول من دولة ضعيفة اقتصادية إلى المركز ال17 كأفضل اقتصاد في العالم في العقد الماضي هو الأمر الأهم، (وهو ما تجسد في بناء) مستشفيات جديدة وطرق ومدارس، وتركيا رفضت السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها لضرب مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ما لم تستهدف الأسد، ويشعر أنصار أردوغان، وهم بشكل رئيسي محافظين إسلاميين، بأنهم تحرروا بدعوة رئيسهم والسماح لهم بارتداء الحجاب في المدارس والجامعات، وهو ما كان محظورا في السابق خلال الحكم العلماني الذي امتد لـ 80 عاما، وهؤلاء يعشقون صورته كرجل دول، كقائد على استعداد للوقوف ندا للغرب، وقال إبراهيم كالن مستشار أردوغان أن الرئيس التركي جعل تركيا "مركز قوة سياسية واقتصادية"، وأضاف بأن أردوغان بدأ "عملية جديدة لتسوية القضية الكردية، واتخذ عددا من الخطوات التاريخية للاعتراف بحقوق الأقليات الدينية وحارب النفوذ العسكري"، في إشارة إلى خطواته التي حظيت بإشادة كبيرة بكبح الجيش الذي أطاح بأربع حكومات منذ عام 1960، لكن النجاحات الأولى لقيادته طويت في النسيان جراء استبداده المتنامي، وقال لي مسؤول أوروبي "في الاجتماعات المنفردة، إنه شخص جذاب جدا، ويمكن أن يستمع للنصيحة، لكن أمام الجمهور، فإن الأمر يتعلق بالانتصار في المعركة، فالتوافقات والضوابط والتوازنات هي إشارات ضعف، بشكل طبيعي فإنه يتحرك لتبني مواقف أكثر عدوانية وصرامة، ثم يدرك (لاحقا) أن هناك ضرورة لتبني نهج مختلف".

وتلاشى الاهتمام الذي كان موجودا في بادئ الأمر بالاتحاد الأوروبي بسبب المخاوف بشأن حرية التعبير، وبعد أن توقفت تحركات تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي وتلاشى التحمس (التركي) لتوسيع العضوية، تراجع أيضا هنا نفوذ الاتحاد الأوروبي، وهو ما زاد من الشعور بالعزلة، وأقر المسؤول الأوروبي بأن "الشعور الجيد إزاء أردوغان قد تلاشى، هناك قدر أكبر من الحذر، لكننا نريد أن نبقي على الاهتمام بعملية الانضمام (لعضوية الاتحاد) ونريد أن تكون هناك علاقة أكبر، فهناك إدراك لأهمية تركيا"، وقال المسؤول الأوروبي إن "طموح أردوغان الشخصي هو أن يصبح أعظم تركي على الإطلاق، وحتى إذا تراجع حماسنا إزاءه، فإن لا يزال الرجل الذي يجب أن تتعامل معه"، ويسعى رجب طيب أردوغان إلى بناء ما وصفها "بتركيا الجديدة"، وآخرون يصفون تركيا تحت زعامته بأنها مستقطبة وبائسة، دولة بدأ يختفي سريعا أصدقاؤها في الداخل والخارج.

9/5/141128

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك