الشيخ عبد الرضا البهادلي ||
قال تعالى (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
من القضايا التي اكد عليها الدين الوحدة والمحبة والتعاون والاعتصام بحبل الله بين ابناء الامة والمجتمع من اجل بناء واعمار الحياة والمجتمع وقد ذكر الله تعالى ذلط في الكثير من الايات المباركة في القران ومنها .
قال تعالى ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) [آل عمران:103] .
وكذلك قال تعالى ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة:71].
وقال تعالى : إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ . الحجرات 10 .
والوحدة قوة وهيبة واقتدار وعزة بين افراد المجتمع وقد عبر الله تعالى عن هذه الوحدة بالريح وهي اشارة لطيفة بما نعبر عنه اليوم بالطاقة الايجابية التي تحيط المؤمنين ، والوحدة بين افراد المجتمع ينعكس على واقعهم في مختلف الاصعدة الاجتماعية والامنية والاقتصاد لذلك اقول : لولا التنازع والاختلاف بين القوى الشيعية لاستطاع الشيعة من بناء افضل دولة في المنطقة، رغم كل الظروف والصعاب والتحديات والمؤامرات ية والسياسية والثقافية مما تشكل قيمة عليا في المجتمع، وهذا ما تحقق في ايران الاسلام فرغم كل الظروف والتحديات استطاعت الجمهورية من بناء افضل بلد في منطقة الشرق الاوسط ،ولو سار العراق على خطى الجمهورية الاسلامية لاصبح العراق وايران يشكلون اكبر قوة في العالم العربي والاسلامي .
▪️اثر الاختلاف
القران الكريم يبين حقيقة الاختلاف والتنازع بكلمة مختصرة وهو الفشل والهزيمة والهوان والضعف وذهاب الريح وهذه الحقيقة نراها في واقعنا اليوم سواء على مستوى واقع الامة الاسلامية او واقع الشيعة في العراق فالفرقة بين الاحزاب اوجدت كل هذه الفوضى وبقاء الارهاب وعدم التطور والازدهار رغم الموارد الكثيرة والاموال الطائلة .
ومن جهة اخرى فان المراء والاختلاف والتنازع بين افراد الامة والمجتمع الواحد يوقع الانسان في حبائل النفس الامارة والشيطان والهوى والمعاصي والكبائر والسيئات ،وهذا ما نراه في واقعنا الاجتماعي العراقي من التسقيط والعداوة والبهتان والغيبة والكذب فجماعة تقسط الجماعة الاخرى وجماعة تتهم الجماعة الاخرى ، ولاجل ذلك نهى الله تعالى عن الخلاف والتنازع وهكذا النبي صلى الله عليه واله واهل البيت عليهم .
قال النبي صلى الله عليه و آله : أورَعُ النّاسِ مَن تَرَكَ المِراءَ وإن كانَ مُحِقّا .
▪️اسباب الاختلاف والتنازع
الاختلاف والتنازع والمراء بين نخب المجتمع او قادة المجتمع سواء على الصعيد الديني او السياسي او الاجتماعي له عدة اسباب وكما يلي.
🔹1- الانا : شعور الانسان بانه الافضل من غيره من جهات متعددة ،منها عائلية او تاريخية سياسية او اجتماعية ،مما يسبب الغرور والتكبر على الاخرين وينتج عن ذلك الخلاف والتنازع والمراء والفرقة والتشتت.
🔹2- الجهل : الانسان عدو ما جهل ، والجهل سبب سيال في الكثير من الاخطاء التي يرتكبها الانسان في حياته ،فلولا جهل الانسان لما سقط في فخ التنازع والاختلاف والمراء والذي يؤدي الى التشتت والفرقة وكل اثار الاختلاف والفساد .
🔹3- الطمع وحب الدنيا : اصل المصائب في الحياة حب الدنيا ،فالانسان عندما يستولي عليه حب الدنيا وعشقها فهو من اجل ينازع الله تعالى وليس فقط ينازع الاخرين من اجل الكرسي والمنصب والمال ولاجل ذلك يقول الإمام الصادق (عليه السلام): رأس كل خطيئة حب الدنيا .
🔹4- كل جهة تدعي الحق : من الامور التي تسبب الاختلاف والفرقة والتشتت والفشل هو ان كل جماعة توحي واتباعها بانها الحق والمنهج الصحيح وغيرها الباطل مما يشكل ذلك بعدا فكريا وعقائديا في الاختلاف وهذا هو الخطر في الاختلاف والذي وقع فيه الاولون من المسلمين فصاروا فرقا ومذاهبا .
🔹5- عدم الايمان : المؤمن الحقيقي لا يمكن ان يحمل العداوة والحسد والحقد على الاخر ولكن عندما تجد العداوة والحقد والخلاف والتنازع والتخاصم فهذا يعني عدم الايمان .
▪️ علاج وحل التنازع
🔘1- الرجوع الى الله : المبدأ الاول الذي يجب على الجميع الرجوع اليه وعرض الاختلاف والتنازع عنده هو القران الكريم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } [النساء : 59] .
🔘2- طاعة اهل البيت عليهم السلام : طاعة اهل البيت عليهم السلام الطاعة الحقيقية تجعل الانسان لا يفكر في الخلاف والتنازع والتخاصم وهذا يمكن من خلال الرجوع الى فكر ومنهج اهل البيت وسيرتهم في الحياة فهي دروس مهمة لمن يريد الله واليوم الاخر فهم منهج للحياة لذلك تقول فاطمة الزهراء عليها السلام ( وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا أمانا من الفرقة )فالانسان عندما يرجع الى سلوك وفكر اهل البيت
🔘3- الرجوع الى العقلاء : العقلاء لا يختلفون في كل زمان ومكان ،لذلك عند الاختلاف الرجوع اليهم حتى يمكن من خلالهم بيان الحق والباطل والصح من الخطأ .
🔘4- التنازل : يجب ان نتعلم من امير المؤمنين عليه السلام هذا المبدأ على مستوى الطائفة الشيعية فهو من اجل الاسلام والوحدة الاسلامية ، تنازل عن حقه الالهي فنحن الشيعة في العراق علينا ان نتعلم هذا المبدأ من اجل الاسلام ونصرة المذهب وحفظ البلد وتطوره وازدهاره ، والا فقد يؤدي بنا هذا التناحر والتافس والتشاجر والتخاصم والاختلاف والتنازع ان نخسر جميعا الدنيا والاخرة .
⬅️واخيرا اقول : لكل النخب والقوى السياسية والدينية الشيعية اتقوا الله وكونوا مع الصادقين واتحدوا قبل فوات الاوان وقبل ان يندم الجميع فالكل يتربص بهذه الطائفة من اجل القضاء عليها . واقول لكم كما قال احدهم لابنائه .
كونوا جميعاً يابني إذا اعترى...خطب ولا تتفرقوا آحـــادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً...وإذا افترقن تكسرت أفرادا
https://telegram.me/buratha