الصفحة الإسلامية

البعد الاستراتيجي في حادثة الغدير 


  ✍ د.محمد العبادي||
  في تاريخ ١٨/ ذي الحجة/ ١٠ ه ق قضى النبي الاعظم مناسكه ، وقفل راجعا إلى المدينة، وكان الناس قد شايعوه في مسيره إلى الموضع المعروف بغدير خم من الجحفة حيث منه تفترق الطرق كل إلى الناحية التي انحدر منها .    هذه الحادثة حصلت قبل وفاة النبي بثلاثة أشهر  لان النبي توفي  في ٢٨ / صفر / ١١ ه ق  .  عند ذلك نزلت اية البلاغ ( يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ..) سورة المائدة : الآية ٦٧. وهنا عندما نزلت الآية أمر النبي  برد من تقدم من الناس وحبس من تأخر وخطب فيهم النبي تلك الخطبة التي تدور حول موقع ومكانة اهل البيت في هداية الأمة واستقامتها عند تمسكها بأهل البيت عليهم السلام، وفي مقدمتهم الإمام علي عليه السلام حيث أخذ بيده ورفعها وقال : أيها الناس من اولى الناس بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم،  قال (ص) : ان الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا اولى بهم من انفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه " يقولها ثلاث " ثم قال اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه واحب من أحبه وابغض من ابغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيث دار الا فليبلغ الشاهد الغائب . ثم لم ينفضوا من حول الرسول حتى نزل الوحي بقوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) سورة المائدة : الآية ٣ . ثم جلس النبي إلى خيمة ، وامر عليا ان يجلس بازائه وامر الناس ان يدخلوا عليه لتهنئة الإمام علي عليه السلام ويسلموا عليه بامرة المؤمنين ففعلوا .  وقد ذكر  احمد في مسنده والمفيد في الإرشاد وغيرهم من المحدثين والمؤرخين ان الناس طفقوا يهنئون الإمام عليه وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب ( بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) . ان هذه الحادثة الكبيرة لم تكن حادثة عرضية ، بل هي حادثة تنتسب إلى سلسلة من الحوادث التي كان يتوج فيها الإمام علي باوسمة من النبي ابتدأت من حادثة الدار ثم حادثة المبيت في فراشه ثم الايفاء بتأدية الامانات عن الرسول الأكرم ثم صبره على مالقيه من قريش ، ومواقفه في غزوات وسرايا النبي والتي بلغت (٦٧ ) غزوة في عشر سنين ، فقد شهدها كلها ماعدا تبوك حيث استبقاه الرسول على المدينة وقد القى النبي ايضا على صدره وسام  حديث المنزلة اي بمنزلة هارون من موسى وكان الإمام علي عليه السلام في كل تلك المعارك صاحب راية الرسول والقائد البارز فيها . لقد كان النبي الاكرم يصدر اقواله وافعاله وتقريراته عن مناسبة ، ولذا فقد كانت كل كلمة قالها في حق علي عليه السلام لها مناسبة وتلتصق بواقعة معينة ؛ على خلاف بعضهم قد الصقت فيهم صفات حميدة من دون مناسبة في تقولات ومكذوبات نسبوها الى النبي الاعظم . لقد كان الرسول باعتباره مبلغا عن الله تعالى ينظر إلى الماضي والحاضر والمستقبل نظرة شاملة وثاقبة حتى أن التراث الذي وصل إلينا عن الرسول يتحدث عن أزمنة تتعدى زمنه إلى زماننا الحاضر والى أزمنة مستقبلية ، وعليه فقد كان العقل الإستراتيجي للنبي يحيط بالازمنة إحاطة الخبير وينبيء الناس عن معالم المستقبل ، ولم ينس الحاضر  فقد كان قد هيأ الأمة لموضوع الإمامة والخلافة .  لقد كان النبي يقوم بتوزيع المسؤوليات في كل معركة ويضع قائدا للسرية أو الغزوة وحتى عندما يخرج من المدينة إلى الحرب أو ماشاكل ذلك كان يضع من ينوب عنه وحسبنا ان نشير إلى توزيع الأدوار والقيادة في غزوة تبوك فقد اعطى الراية لجعفر بن أبي طالب وقال ان قتل جعفر فاسامة وأن قتل أسامة فعبد الله بن رواحة ، الرسول لم يترك الأمة هملا بغير راع لا في حرب ولا في سلم ، لقد كان يشرح للامة الآيات في ذهاب موسى لملاقات ربه وضع هارون على الأمة وانقلبت الأمة من التوحيد إلى عبودية العجل في ظرف قصير فكيف لهذا النبي الذي يعلم الأمة الايات الحكمة ويقوم بتربيتها وتزكيتها  ان يترك الأمر من بعده إلى سقيفة بني ساعدة تتجاذبها الصيحات والتهديدات ؟!           إن حادثة غدير خم هي حادثة تضمن للامة مستقبلها ( لن تضلوا ) .  انها تتويج لمواقف ذلك الإمام الهمام الذي تربى في حجر النبي وقضى نشأته الأولى في بيت النبوة ، ثم لما نشأ وقوي عوده مباركا كان مع كبار المسلمين يجالد حيف قريش وعتاتها ، وقضى شبابه بين يدي الرسول مجاهدا صلبا ومضحيا في سبيل الله . نعم لقد كان الإمام علي عليه السلام هو الخليفة الوتر الأوحد للتصدي لقيادة الأمة وايصالها إلى بر الأمان والنجاة .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك