عمار الجادر
في مدرسة الاستاذ الشيخ جلال الدين الصغير، ارتقت ارواحنا لترى ابعد بقليل عما كنا نرى، واليوم لدينا هدف اخر تلمسنا منه النتيجة الصائبة، كسياسي وجدت نفسي في الصف الاخير من تلاميذه.
في مرة قد نويت على عمل مهدوي، فسألت سماحة الشيخ في احدى كروبات منتظرون عن رأيه، فكان جوابه صادما وبمثابة صفعة اصحت غفلتي، قال لي: (( كان هناك ثلاث حكماء، ينون الذهاب الى نقطة اعلى الجبل، وكان لهذه النقطة ثلاث طرق، وهم يتباحثون في اي الطرق يسلكون، حتى مر عليهم مجنون، فتركهم وذهب قاصد نفس النقطة، حتى وصل لها وهم لازالوا يتباحثون في الطريق الذي يسلكون).
تعلمت منها درسا، ان الهدف ان كان ساميا فالتباحث بشأن الوصول له لا يجدي نفعا، وان الحكمة ليس بالضرورة ان تصل للهدف وتحصد النتيجة، ومنذ سماعي لهذا القول وفي نفس اللحظة انطلقنا لتحقيق هدف ونتيجة سامية، فادركنا اننا لازلنا في الصف الاخير من التلاميذ، ولكن صفنا الاخير هذا، اليوم هو الاول بالنسبة للكثير غيرنا، فالهدف يراه الكثير، لكن ليس بالضرورة ان يصله الكثير.
تعلمت ايضا ان الانسان الذي قصده الخالق، في قوله: (( عرضنا الامانة ..الخ))، ليس هو نفسه الانسان الظلوم الجهول، بل ان الانسان الذي حمل الامانة لرفعة منزلته لدى الخالق، فكان رسول الاسلام الخاتم وامتداده الشرعي الائمة عليهم السلام، هم مصداق الانسان الاول، لانهم عرفوا ان تلك الامانة تشريف من قبل الخالق، لذا استحقوا ان يكونوا مصداق الوارثون، الذين يرثون الارض.
اصبحنا نرى كتلاميذ حقيقة ابعد، بل ان جل ما كنا نعتقد به كان خاطئا، وكذا ما جاء بالدعاء، حيث ان الانسان قد بشر بها، والنتيجة خرج اليها يسعى! لا انه خرج لمرضاة من بشره بها، رغم انها اصبحت ملكا له بامر خالقها وخالقه، فغره جمالها ولم يغره جمال من خلقها ومن وثق به واعطاه اياها، فكان بنظر الخالق ادنى بكثير منها، واحط بجهله من قيمة نفسه، تلك القيمة التي شرفها به خالقها.
بالنتيجة لم يكن الانسان اليوم يعرف ان هدفه اسمى من حطامها، فعندما يتشرف اي انسان بالتصدي ولو باي مسؤولية، فعليه ان ينظر لهدف هذه المسؤولية، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، ولا يضن ان ما يملى له خيرا لنفسه، فلو ظل طريق مسؤوليته وخرج لها اي لجمالها بنفسه يسى، كان ذلك الاملاء ليزداد به ظلما، فمن ظلم نفسه كان له طريق في ظلم غيره، والنتيجة ستكون بما سعى له فان كان لنفسه، كانت النتيجة فشله وفشل ما أوكل به.
كذلك صعودا نحو المؤسسات والتجمعات التي يراد منها خدمة الناس، فمن اوكل بامرها طمعا لما فيها من منصب وامتياز، كان ادنى منها، فهو يعتقد انه على وجاهة في القوم لكنه في نظر الهدف انه على وضاعة، وهكذا فعلى صاحب الامر نفسه، ان يختبر اياديه فان كان همها نفسها ليعلم يقينا ان امره لا يتعدى غيره ولا يحقق نتيجة، وهي حكمة تعلمناها من استاذ، ان كان الهدف فقط نفسك فلا تثق ان تكون مؤثرا في مجتمعك.
عندما يكون الهدف سامي، ستكون النتيجة صالحة، وان كان الهدف لايرتقي ابعد من انانية النفس، ستكون النتيجة ولما بشرت بها خرجت لها اسعى وليس لمشروعها، والسلام نتيجة الهدف ختام.
https://telegram.me/buratha