روى الشيخ عباس القمي( طاب ثراه)، بسند متصل عن الريان بن شبيب( رحمه الله)، قال:
دخلت على أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه في أول يوم من المحرم فقال لي:
يابن شبيب أصائم أنت؟ فقلت: لا، فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عز وجل فقال:(رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنّك سميع الدعاء) فاستجاب الله له وأمر ملائكته فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب( أن اللهّ يبشرك بيحيى)، فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا.
ثم قال: يا بن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً.
يا بن شبيب، إن كنت باكياً لشيء، فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم شبيهون في الأرض، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم عليه السلام، فيكونون من أنصاره وشعارهم( يا لثارات الحسين عليه السلام).
يا بن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده لما قتل جدي الحسين عليه السلام، أمطرت السماء دماً وتراباً أحمر.
يا بن شبيب إن كنت بكيت على الحسين عليه السلام، حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته، صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
يا بن شبيب إن سرك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام.
يا بن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي( صلى الله عليه وعلى آله) فالعن قتلة الحسين عليه السلام.
يا بن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب، مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السلام، فقل متى ما ذكرته( ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيما).
يا بن شبيب إن سرك تكون معنا في الدرجات العلى في الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أن رجلاً تولى حجراً لحشره الله تعالى معه يوم القيامة.[ نَفسُ المهموم/المصدر]
ذكر الشيخ جعفر التوستري( قدس سره)، عدة خواص في البكاء على الحسين عليه السلام، حسب ما جاءت في الروايات، منها:
أولا: النجاة من شدة وهول خروج الروح عند الموت. ثانياً: النجاة من عذاب القبر.
ثالثاً:البكاء على الحسين عليه السلام، ينفع عند قراءة الصحف، ونداء إقرأ كتابك.
في خواص العين الباكية، ذكر الشيخ التوستري عدة أمور تظهر في الروايات، منها:
الأول: أنها أحب العيون الى الله. الثاني: إن كل عين باكية يوم القيامة لشدة من الشدائد، إلاّ عين بكت على الحسين عليه السلام، فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.
من خواص الدمع الجاري في عزاء الحسين عليه السلام، ذكر الشيخ أيضاً:
الأولى: ان قطرة منها لو سقطت في جنهم لأطفأت حرها.
الثانية: انه لا تقدير لثوابها فكل شيء له تقدير خاص، إلاّ أجر الدمعة.
في البحار، وكامل الزيارات، ان رسول ـ صلى الله عليه وعلى آله ـ لما كان يقبل نحر الحسين يبكي، وكان يقول لعلي عليه السلام: امسكه يا علي، فيمسكه فيكشف جسده، ويقبله ويبكي، فكان يقول: اُقبّل مواضع السيوف وأبكي، وكان يقبل شفتيه وأسنانه، ويبكي لأنه يتذكر قرعة بالخيزران في مجلس ابن زياد ويزيد ـ لعنهما الله ـ وكان قد رآى ذلك زيد بن أرقم.
ثم حضر يوم الكوفة، ورأى ابن زياد يقرع ثنايا الحسين عليه السلام، ويطعن في فمه وأنفه فقام، وقال ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله الا هو لقد رأيت ثنايا رسول الله ترشف ثناياه.
أفتى فقهاءنا( أيدهم الله)، إن البكاء مبطل للصلاة، إلاّ البكاء من خشية الله، أو البكاء على مصيبة سيد الشهداء عليه السلام.
https://telegram.me/buratha