الصفحة الإسلامية

في ذكرى ميلاد أمير المؤمنين (ع)..الإعداد النبوي للإمام علي (ع)

1899 18:03:53 2014-05-13

كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يتردّد كثيراً على دار عمّه أبي طالب بالرغم من زواجه من خديجة وعيشه معها في دار منفردة، وكان يشمل عليّاً (عليه السلام) بعواطفه، ويحوطه بعنايته، ويحمله على صدره، ويحرّك مهده عند نومه الى غير ذلك من مظاهر العناية والرعاية [1].

وكان من نِعَم الله (عزّ وجلّ) على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وما صنع الله له وأراده به من الخير أنّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للعبّاس – وكان من أيسر بني هاشم -: "يا عبّاس، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة، فانطلق بنا، فلنخفّف عنه من عياله، آخذُ من بيته واحداً، وتأخذ واحداً، فنكفيهما عنه"، قال العباس: نعم.

فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له: "إنّا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتّى ينكشف عن الناس ما هم فيه"، فقال لهما أبو طالب: "إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ماشئتما"، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليّاً (عليه السلام) فضمّه إليه وكان عمره يومئذ ستة أعوام، وأخذ العبّاس جعفراً، فلم يزل عليّ بن أبي طالب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بعثه الله نبيّاً، فاتّبعه عليّ (عليه السلام) فآمن به وصدّقه، ولم يزل جعفر عند العبّاس حتّى أسلم واستغنى عنه [2].

وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد أن اختار عليّاً (عليه السلام): "قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليّاً" [3].

وهكذا آن لعليّ (عليه السلام) أن يعيش منذ نعومة أظفاره في كنف محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث نشأ وترعرع في ظل أخلاقه السماويّة السامية، ونهل من ينابيع مودّته وحنانه، وربّاه (صلى الله عليه وآله) وفقاً لما علّمه ربّه تعالى، ولم يفارقه منذ ذلك التأريخ.

وقد أشار الإمام عليّ (عليه السلام) الى أبعاد التربية التي حظي بها من لدن اُستاذه ومربّيه النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ومداها وعمق أثرها، وذلك في خطبته المعروفة بالقاصعة: "وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة [4]، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جَسده، ويشمّني عَرْفه [5]، وكان يمضع الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة [6] في فعل".

إلى أن قال: "ولقد كنت أتّبعه اتباع الفصيل [7] أثر اُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً [8]، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء [9]، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة [10] الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله) فقلت: يارسول الله، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان آيس من عبادته، إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلاّ أ نّك لست بنبيّ، ولكنّك وزير، وأ نّك لعلى خير" [11]. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد المدينة فليأت الباب". ———————————————————

1- بحار الأنوار: 35 / 43.

2- تأريخ الطبري: 2 / 58 ط مؤسسة الأعلمي بيروت، وشرح ابن أبي الحديد: 13 / 198، وينابيع المودة: 202، وكشف الغمة: 1 / 104، وموسوعة التاريخ الإسلامي: 1 / 351 ـ 356.

3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 15، نقلاً عن البلاذري والأصفهاني.

4- الخصيصة: الخاصة.

5- عرفه (بالفتح): رائحته، وأكثر استعماله في الطيب.

6- الخطلة: الخطأ ينشأ من عدم الرؤية.

7- الفصيل: ولد الناقة.

8- عَلَماً: فضلاً ظاهراً.

9- حراء: جبل قرب مكّة.

10- رنّة الشيطان: صوته.

11- شرح نهج البلاغة للفيض: 802، الخطبة 234.  


..................
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك