التقارير

مهن كادت أن تنقرض فأنعشها الارهاب!

3240 00:46:00 2007-02-21

صناعة التوابيت، الدفانة، الخط، تأجير الخيم المقوسة، تجارة الاكفان والاقمشة السوداء وغيرها من بعض المهن الاخرى كانت في طريقها الى الانقراض لولا عمليات القتل اليومي التي تشهدها مدننا المبتلاة بالارهاب الذين أعادوا الحياة لها وأنعشوها مرة اخرى، وجعلوها من المهن الرائجة ايضا.

صناعة التوابيت وبعد انتهاء (قادسية صدام) عام 1988 كادت تمحو حتى من ذاكرة النجارين، الا ان احتلال الكويت وما اعقبتها من ويلات اعادت الحياة لها مؤقتا، لكن العنف السائد في مدننا والذي يزيد معدل ضحاياه اليومية على 50 شخصا، ادى الى تناقص اعداد التوابيت الموجودة في المساجد والحسينيات، فضلا عن تكسرها وقدمها، سبب في اعادة الحياة لهذه المهنة بكل قوة، وظهر نجارون اختصاصهم صناعة التوابيت فقط.

يقول النجار جبار حسن الباوي: ان مهنة النجارة اليوم مهنة لا تدر الارباح بسبب نسيان العراقين للفرح، وبالتالي صناعة الاثاث ومستلزماتها متوقفة، الا ان التوسع في بناء الحسينيات والقتل اليومي أنعش مهنتنا، وأخذنا نصنع المنابر الخشبية والتوابيت، وطبعا هذا امر غير مفرح ولكن هو واقع مفروض وعلينا التكيف مع الظروف المحيطة بنا.

أما مهنة الدفانة، فالعراقيون ولوقت قريب كانوا يعرفون بأن مجاميع صغيرة تمتهنها بالقرب من المقابر العامة في المدن المقدسة ككربلاء والنجف، إلا أن الامر ومنذ شهر آذار الماضي اختلف تماما، فلم يعد بالامكان نقل جثامين شهداء العمليات الارهابية المتزايدة الى مقبرة وادي السلام في النجف، لوجود عصابات القاعدة في مثلث الموت في اللطيفية وماجاورها التي تتحكم في الطريق العام اليها، فاضطر الكثير من ذوي الشهداء اللجوء الى الدفن المؤقت في مناطقها لحين توفر الظروف المناسبة لنقل رفات الشهداء الى مثواها الاخير في تلك المقابر المعروفة، وهذا ما استدعى وجود دفانين وفق الطريقة الاسلامية في مناطقهم التي تشهد مثل هذه العمليات، والكثير من مدننا وقرانا في محافظة ديالى منها، والشاب محمد سعيد هو أحد الشباب الجدد الذين ولجوا هذه المهنة يقول: أنا من عشيرة فقدت المئات من ابنائها بسبب ولائها لآل البيت (ص) و تأييدها للتغيير الحاصل في العراق، وكنت أذهب الى مقبرة وادي السلام لتشييع شهدائنا باستمرار، وتعلمت هذه المهنة مكرها، ولأن الوصول الى النجف الآن محفوف بالمخاطر فقد آثرنا ممارسة (حفظ الميت بالأمانة) في قبر مؤقت لحين انفراج الازمة واعادة نقل رفاته الى مقبرة وادي السلام.

اما الخطاطون، فقد ساد الكساد مهنتهم ايضا بعد الانتهاء من مواسم الاحتفالات اليومية التي دأب النظام السابق اختلاقها، وظهور الحاسوب الذي اخذ يتنافس معهم بضراوة.

شرار جواد البياتي رسام وخطاط لم تسنح له الفرصة في التعيين بعد في دوائر الحكومة، فلجأ الى فتح محل للرسم والخط على الاقمشة يقول: بعد ان لمست ان المهنة التي اجيدها قد دبت الحياة فيها، تركت عملي السابق كسائق تكسي وافتتحت محلا للخط وسط هذا الحي الشعبي الذي اسكنه، فهو يبعد عن مخاطر العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والاغتيالات على الهوية السائدة في البلد هذه الايام، فضلا عن مواسم الانتخابات والاحتفالات الدينية، آخذة في التصاعد، ولاسيما في المحلات والاحياء الفقيرة والشعبية. فيما يضيف جاره احمد حسن الشمري بائع الاقمشة: إنا لله وإنا اليه راجعون، مع ادراكي التام بان بيع الاكفان عمل غير محبب، الا ان تزايد نشاط الارهابيين القتلة الذين يضيفون يوميا ارقاما متزايدة من اليتامى والثكالى، فان اسرهم بالتاكيد يتوجهون الينا للتوشح بالسواد هم واقرباؤهم، فضلا عن كتابة نعي للشهيد على اقمشة سوداء واحيانا كثيرة يكتبون اكثر من واحدة تتوزع على ساحات مدننا، مما تسبب في اعادة الحياة لعمل الخطاطين وباعة الاقمشة السوداء والبيضاء بقوة، ورب ضارة نافعة.

الخاتمة كانت عند أبي سجا وهو صاحب محل لتأجير الخيم المقوسة ومستلزمات الطبخ: عملنا مشترك سواء في الافراح او الاتراح، فعند ايام العرس وفصول العشائر يأتون الينا ايضا، وطبعا هناك طاقم من الطباخين يرافقون عملنا حسب رغبة الزبائن، الا ان زيادة عدد الشهداء وطبقا للعادات الاجتماعية لاهلنا في اقامة مراسم العزاء لمدد تتراوح من 3 الى 7 ايام وفي بعض الاحيان 10 ايام حسب المستوى المالي لكل اسرة منكوبة، وبعد الـ40 يوما، وإحياء الذكرى السنوية للشهيد والميت، فان الطلب ازداد على الخيم المقوسة، وهي بالتأكيد تساهم في انتشار العشرات من المحلات التي تتعاطى هذه المهنة المستحدثة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك