تحقيق : الزميل احمد الحلفي _ وكالة انباء براثا ( واب )
ميسان كبقية مدن الجنوب وقفت بوجه أعتى طمغة ابان الحقبة الصدامية السوداء ولم يبخل ابناء ميسان في دفاعهم عن الاسلام ان يقدموا الغالي والنفيس فكانت لهم صولات وجولات في سوح الوغى ويشهد على كفاحهم وشراستهم قصب الاهوار ولعل ابرز صفحات جهادهم وتضحياتهم هي الانتفاضة الشعبانية المباركة حيث تفجر الغضب الميساني فاحال ليل الطغاة إلى نهار ولقن الميسانيون ازلام البعث المهزوم درسا بليغا وبعد ان عاد الكابوس الصدامي ليجثو على الصدور من جديد انتقم من ميسان واهلها فكانت المقابر الجماعية التي حملت بين جنباتها جثامين طاهرة خير شاهد على القمع الاجرامي للنظام البائد.
ولكي تخلد ذكرى شهداء هذه المقابر العطرة لابد ان تحول إلى مزارات تستذكر من خلالها الاجيال تضحيات وصمود شعب لايموت لكن وللاسف بقيت تلك المقابر على حالها دون ان يوليها احد ادنى اهتمام . التقينا الامين العام لاتحاد السجناء السياسيين في العراق فرع ميسان السيد جاسم محمد خلف لتفتح ملف المقابر الجماعية والذي حدثنا قائلا :
بعد تأسيس الاتحاد قمنا بتشكيل لجنة مسؤولة عن المقابر الجماعية حيث باشرت اعمالهم في البحث عن تلك المقابر وبجهود فردية وعمل يدوي مضني وبدون اي دعم يذكر من قبل اي جهة مسؤولة في المحافظة والتي لم تكلف نفسها بالاستفسار او السؤال عن تلك المقابر وما ضمته من رفاة ابطال ميسان وشهداءها.
وجدنا ما يقارب من (8-10) مقابر جماعية في الفليق الرابع مقسمة الى مقابر كبير وصغيرة احتوت على (800) شهيد تم اعدامهم على يد المجرم هشام صباح الفخري بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة،ولكن القوائم التي عثرنا عليها احتوت على (909) اسم، وتعتبر هذه اكبر المقابر الجماعية في المحافظة، اما بقية المقابر فهي متفرقة ففي ناحية المشرح قرب اسالة الماء تقاطع (غزيله- مشرح) توجد مقبر ضمت (7) رفاة منهم ثلاث اخوة ،وفي الجانب الايسر من نهر دجلة قرب اتحاد شباب العمارة وجدنا رفاة لشابين، وقرب معمل الورق ايضا وجدنا رفاة لشابين ، واخر مقبرة وجدناها ضمت (8)رفاة .
- : لقد قلت ان مقابر الفيلق الرابع احتوت على (800) رفاة من مجموع (909) اسم ، وهذا يعني ان هناك (109) رفاة مفقودة فهل عثرتم عليها في مقابر اخرى .
السيد جاسم : خلال بحثنا عن الاسماء المفقودة التي لم نعثرعليها في مقابر الفيلق الرابع من ضم القوائم التي ضمت (909) اسما وجدنا ان بعض تلك الاسماء مازالت على قيد الحياة وهذا مما يدلل على ان الاعدامات كانت تجرى بشكل عشوائي وبدون اي محاكمة، حيث ان التحقيقات كانت تجرى في استخبارات الفيلق وبعد انتهاء تلك التحقيقات يتم اعدامهم ودفنهم في هذه المقابر .
- : وهل هناك رفاة لم يتم التعرف عليها؟
السيد جاسم : نعم هناك ما يقارب (125) رفاة تم دفنهم في مقبرة خلف الاذاعة مجهولة الهوية ولم يتم التعرف عليها . - : سمعنا ان بعض تلك المقابر احتوت على اشياء غريبة تدلل على وحشية النظام السابق ودمويته فماذا وجدتم؟ السيد جاسم :ان اغرب ما وجدناه في تلك المقابر ما احتوته احدها على رفاة شهداء ومعهم محتويات سرير المستشفى من غطاء السرير والمغذي و(الكانونة) وغيرها. ولا نعلم هل ان ازلام الطاغية قد جلبوهم من المستشفى الى تلك المقابر مباشرة.
- :وما هي الكيفية في معرفة المواطنين على رفاة اولادهم؟
السيد جاسم : ان اغلب الرفاة قد تم التعرف عليها من قبل ذويهم اما من خلال بعض الملابس التي كانوا يرتدونها اثناء الاعتقال او من خلال الخواتم او بعض المستمسكات الرسمية او بعض المقتنيات الشخصية.
- : وهل هناك مقابر غير مكتشفة ؟
السيد جاسم : بالتاكيد هناك مقابر غير مكتشفة ولكننا وجدنا خمس مقابر بحاجة جهد فني دولي لغرض البحث عن الرفا حيث ان اغلب البحث السابق كان بطرق بدائية وبجهود الاتحاد فقط واشراف الشيخ حسين المحمداي وبدون اي دعم مادي او معنوي من اي مسؤول في المحافظة.
- : وهل اماكن تلك المقابر ما زالت موجودة ، او تم التحفظ عليها؟
السيد جاسم : لقد تحولت اغلبها الى اراضي زراعية وقد جرفت وتساوت وزرعت، ولو كانت تلك المقابر في اي دولة لكانت مزار لكل الوافدين الى ارض الوطن لما تحمله من قيمة وطنية وشاهد على جهاد هذا الشعب وابناء هذه المحافظة.
- : اخر تلك المقابر الجماعية التي تم اكتشافها من قبل الاتحاد؟
السيد جاسم : اخر تلك المقابر تم اكتشافها في(1/8/2005) وفي هذا التاريخ تم ايقاف كافة عمليات البحث عن المقابر الجماعية في المحافظة من قبل الاتحاد والسبب مثلما قلت هو قلة الدم المادي وعدم مساندة اي جهة حكومية او منظمة انسانية او غيرها.
- : وما هي معانات الاخرى؟
السيد جاسم : ان اغلب تلك المقابر قد تم اكتشافها من قبل الاتحاد وانا واعضاء الاتحاد من قام باخراج جميع الرفاة من تلك المقابر وعند تأييدنا الى احد الاشخاص لهذه الحالة يأتي الجواب من قبل وزارة التربية مثلا اجلب ما يثبت صحة ذلك ، وانا اقول كيف اثبت ونحن من قام باخراجهم وتسليمهم الى ذويهم.
- : وقبل الختام ما هو عدد شهداء محافظة ميسان حسب أحصائيات أتحادكم .
السيد جاسم : العدد الكلي هو خمسة آلاف شهيد، ثلاثة آلاف منهم قد تم تزويد ذويهم بكافة المستمسكات التي تثبت استشهادهم وذلك من خلال مراجعتهم لنا ، والقسم الآخر وهو ألفي شهيد لم يتم مراجعة أي شخص يمت لهم بصلة وذلك لسببين أما كون العائلة باكملها قد استشهدت أو ان عائلة الشهيد قد هجرت أو هاجرت خارج القطر . - :
كلمة اخيرة.
السيد جاسم : نناشد الحكومة المركزية بتفعيل مؤسسة رعاية الشهداء ومؤسسة السجناء اللتين اقرتهما الجمعية الوطنية السابقة، وفي الختام اشكركم جزيل الشكر على هذا اللقاء. وفي الختام نقول هذا غيض من فيض وفي محافظة مثل ميسان التي تعتبر من المحافظات الصغيرة من حيث المساحة وعدد السكان ، وفيها هذا العدد من الشهداء وربما اكثر وهو الاكيد طبعا ، فكيف بباقي محافظات العراق الاخرى ، وكم احتوت وأعطت من الشهداء في زمن الطاغية (صدام)، ورغم كل ذلك ونحن نرى وفي كل يوم هناك من يدافع عن هذا الصنم ، وخير دليل ما جرى قبل ايام وبعد صدور قرار الحكم بحق طاغيتهم الملعون . نقول لكل هؤلاء هذه بعض من مأسي الطاغية وما خلفه ، والتي أصبحت شاهدا على كل اعماله الإجرامية بحق الشعب العراقي.
https://telegram.me/buratha