تكاد لا تتغير لهجة الأحداث التي تمر بها مدينة بغداد والعديد من المناطق المحيطة بها.
المنطقة الفلانية قصفت بالقذائف فقصفت بعدها المنطقة العلانية بالصواريخ.
المفخخات تفجرت في اكس من المكانات فحصدت أرواح العدد الفلاني، وهوجمت المنطقة الفلانية فحصد نفس العدد مما حصدته المفخخات يزيد قليلا أو ينقص قليلاً.
سني يقتل شيعياً، وشيعياً يقتل سنياً.
بيت شيعي يهجر من منطقة سنية، فيعقبة بيت سني ليهجر من منطقة شيعية.
قصف متبادل وتهجير متبادل وعنف متبادل والجنون يسم جميع الأفعال.
صحيح إن الكثير من الأفعال هي ردود فعل على جرائم ترتكب، ولكن يا ترى هل ان الضحاايا هم من ارتكب تلك الجرائم؟
هل يمكن لنا أن نمضي بمسيرة الثأر؟ والثأر المضاد بهذه الطريقة.
من هو الرابح يا ترى؟ ومن هو الخسران؟
فيما تستقبل مقبرة النجف وكربلاء الكثير الكثير من الجثث تستقبل مقبرة محمد السكران في الراشدية الكثير الكثير من الجثث.
الفواتح في كل مكان!! هذا اذا اتيح للبعض ان يقيم مجلس العزاء.
من هو الرابح اذن؟
هل هو تاجر السلاح؟ أم بياع الأكفان؟ أم الدفانة؟ أم أصحاب أقمشة لافتات العزاء؟
هل الرابح من أطلق اولاً ناره؟ أم هو من تلقى ردة الفعل ثانيا؟
أم ثمة رابح أكبر من هؤلاء جميعاً!!!
دعونا نفكر جيداً أيها المتحاربون وأيها المحارِبون والمحارَبُون!!
توقفوا هنيئة وسائلوا أنفسكم بالله من هوالرابح من كل ذلك؟
من هو الذي جلس يتفرج علينا جميعا ليكشر عن انيابه وسط ضحكة صفراء ماجنة، وهو يرانا نتقاتل ونتراشق؟
أنا اعرف جيداً مشاعر الثأر والألم التي تتولد حين يرى الانسان اخوته واخواته ابناءه وبناته اصدقاءه وارحامه وهم ينصهرون في طاحونة جنون الموت، فلقد عانيت من ذلك الشيء الكثير ورأيت من الدماء التي تصبغ الأرض والأشلاء المقطعة الشيء الكثير وخرجت من أكثر من مصيدة موت بين سيارة مفخخة وعبوة ناسفة وصاروخ يرمى وانتحاري مجرم يفجر نفسه بين العراقيين... ولكن إن لم توجه رغبات الثار هذه في طريقها الصحيح لا يمكن لنا إلا أن ندخل عندئذ في صفوف المجانين.
وإن لم نتحل بالشجاعة الكافية فإن ردات الفعل الثارية تبقى صورة من صور الثار الذي لا يعبر عن المصلحة.
تعالوا لنرى قبل كل شيء من هو المتسبب في كل ذلك؟
لو جمعتم كل ما لديكم من اسباب ستجدونها باجمعها تنتهي عند البعثيين وتجربتهم الماضية تشهد انهم قتلوا الشيعة والسنة ولم يبالوا للعراق ولا لقومياته ولثرواته ولا لكرامته بقدر ما بالوا بسلطتهم المقوّمة على اساس الظلم، وهذه الخسة التي ترونها في أعمال المجرمين تحكي نفس اساليب البعثثين من قطع الرؤوس فما دون ومن تفجير الأجساد إلى تقطيعها إلى آخر سلسلة المجون الارهابي الذي كنا نشهده قبل ذلك في السجون وحين فقدوا سلطتهم المشؤومة عادوا يمارسون أفعالهم الشنيعة المغلفة هذه المرة بلباس الدين والمقاومة وما إلى ذلك من شعارات زائفة.
ورغم أن الاحتلال يتحمل الكثير الكثير في هذه الجرائم، بما يتيحه من مجالات ومناخات لعمل هذه الجرائم، إلا إنه ليس المتسبب الحقيقي وليس المنفذ الحقيقي بقدر البعثيين، فهم من يقف وراء التكفير ومجون التكفيريين، وهو من يقف وراء الطائفية ودعارة الطائفيين.
تخلصوا من البعث المشؤوم وستجدون كيف أن العراق سيعود لما كان عليه، اما اذا ابقيتموهم بطريقة وأخرى عندئذ لن تحصوا إلا المزيد من الجثث التي تذهب تارة إلى النجف وأخرى إلى محمد السكران وتبقى مقبرة كربلاء تستقبل مجهولي الهوية.
بالله عليكم هل يوجد جنون أكثر من هذا؟
محسن الجابري
وكالة أنباء براثا (واب)
https://telegram.me/buratha