( بقلم : علي حسين علي )
قبل كل شيء ينبغي أن نضع الأمور في نصابها، وكشف الحقائق أمام المواطنين كما هي من دون أية تأويلات أو تزييف..أول الحقائق هي اننا كنا ضد الهجوم الأمريكي على العراق مع اننا كنا المتضررين من وجوده..ولنا على ما نقول شهادة الله وشهادة الذين عايشوا معنا الشهور والايام التي سبقت اسقاط النظام وهم ما يزالون احياءً والحمد لله..
وفي وقتها كنا نؤكد أن اسقاط حكم الطاغية صدام يجب أن يكون من قبل الشعب العراقي، وهو قادر على ذلك لو توفرت له بعض المعطيات المتواضعة في تحييد اسلحة النظام (قوة جوية وصواريخ)..وأمام العشرات من قادة المعارضة كان موقفنا هذا الذي ابدينا فيه كامل الاستعداد للعمل على اسقاط النظام، ولم تخف تصوراتنا عن ضعف النظام آنذاك، فقد كان حقيقة نمراً من ورق..لكن البعض من زعماء المعارضة تصور بأن ذلك النظام ما يزال قوياً ويحتاج الى قوة كبرى وعظمى لاسقاطه..وتبين بعد اسبوع من الحرب وأقل من يوم على (أبواب بغداد) أن النظام بجيشه وحرسه الجمهوري وجميع تشكيلاته العسكرية الأخرى قد انهار وفرّ أمام القوات الأجنبية، وان ذلك النظام لم يصمد حتى الساعات في بغداد، ورأى الناس رؤية العين ماكنا قد استشرفناه قبل ذلك بوقت طويل، رأوا صدام يفرّ ولا يلوي حتى على اسرته، وكذلك فعل قادة الفيالق والفرق والألوية..ورؤساء الأمن والاستخبارات والمخابرات..وفي ليلة قصيرة انهار كل ما تبقى للنظام من فلول.ولم يكن الاعتقاد بضعف النظام ما شجعنا على التعهد بإسقاطه رغم أن جماهيرنا كانت متأهبة لهذا الحدث العظيم..لكن ما دفعنا إلى التعهد بإسقاط الطاغية هو اننا لا نريد لبلادنا أن تتعرض لمحنة الاحتلال، ثم أن تأريخنا يشهد على أننا من واجه الاحتلال الأجنبي في العشرينيات من القرن الماضي والحق به الهزيمة العسكرية في اكثر من واقعة.
أما الحقيقة الثانية، وبعد الذي وقع، فان موقفنا من الاحتلال كان واضحاً ولا لبس فيه أو إيهام، كنا من أول يوم لسقوط الصنم نعمل على تقصير مدة بقاء الاحتلال، ولولا المواقف المتشددة أحياناً والحكيمة على طول الخط، لظل الحكم العسكري الاجنبي يتحكم بالعراق الى زمن ربما يصعب تصور نهايته.
نحن من طالب بالانتخابات العامة، ونحن هنا لا نقصد بها الأفراد والقادة السياسيين من هذا المكون الأول في العراق، انما نقصد المرجعية الدينية أولاً والشعب ثانياً والزعامات السياسية ثالثاً، كل هذه دفعت قسراً في احيان عديدة يعرفها كل من اشترك بالعمل السياسي بعد سقوط النظام، دفعت قوات الاحتلال الى التراجع عن الزمن المفتوح لادارتها للبلاد، ثم تراجعت عن الاصرار على تعطيل الانتخابات، وجرت الانتخابات الأولى، وجرى التصويت على الدستور الدائم، وتمت الانتخابات الثانية وانبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية..وخلال ثلاث سنوات وبضعة أشهر استطعنا شعباً ومرجعية وزعامات سياسية، أن نؤمن استقلال العراق ونرصن وحدته، ومع كل هذا الجهد والتضحيات الكبيرة التي بذلناها، وانهار الدم التي فاضت من اجساد ابنائنا إلا اننا لا ننكر بأن الكثيرين من ابناء المكونات السياسية قد وضعوا أيديهم في ايدينا ولولا وقفتهم معنا لصعب علينا الأمر ولطال الطريق من دون أن نتركه.
والحقيقة الثالثة وهي أن هناك اطرافاً كانت تقف بالضد من مصلحة الشعب العراقي، وكانت تستغل انشغالاتنا بترتيب بناء وطننا على أسس المواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة والعدل والرخاء، لتشن هجمات الابادة الجماعية عبر المفخخات والقتل الجماعي، وعبر الافتاء بتحليل قتل أتباع مذهب أهل البيت(ع)..
فالذين سلموا مدنهم علناً وجهاراً للقوات المحتلة، والذين فرّوا قبلها من(ميدان المعركة) والذين جاءوا أو استجلبوا من بلدان قريبة وبعيدة لغرض واحد هو قتل اتباع أهل البيت واعادة المعادلة الظالمة بعد أن تهاوى صنمها وفرّ(حماتها)..هؤلاء هم من ناصبنا العداء، والبعثيون أولاً هم اعداء الشعب العراقي والتكفيريون كذلك، ثم يأتي دور فقهاء الارهاب (وشيخ طريقة القتل ذبحاً)! لقد قاد بعض(فقهاء الارهاب)حملة شرسة ضد اتباع أهل البيت واستهدفوهم بتحليل قتلهم، وكان هذا الموقف من قبل(هيئة قتل اتباع أهل البيت)ليس جديداً بل هو استيقاظ فزع لفتنة ظلت نائمة لاكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان.
والحقيقة الرابعة هي اننا ابناء العراق وقد دافعنا عنه وروينا أرضه الطاهرة بدمائنا على امتداد الف وأربعمئة سنة..وطول العقود الماضية تعرضنا الى مثل ما نتعرض له اليوم، ولكننا صمدنا، وواجهنا الظلم وضحينا كثيراً بارواحنا واموالنا، ورغم كل ذلك الظلم صار عديدنا اليوم بمئات الملايين..ولم يقوَ علينا أي تجبر أو يقهرنا طاغية، أن يذلنا ظالم..(وهيهات منا الذلة).
https://telegram.me/buratha