( بقلم : الدكتور محمد علي مجيد )
تمسكنا بالقرآن الكريم لم يأت من عاطفة كعاطفة عصبية القبيلة التي كانت سائدة في العرب قبل الإسلام كأحد نواميسها وإنما مدنيةالاسلام وتأسيس حضارة الشعوب لقرون آتية ومستمرة إلى حين قيام الساعة تلك حقائق علمية تنبع من الواقع صورها القرآن الكريم في القول والفعل فهو لم يترك ثغرة في مجال الشك واليقين إلا واظهر الدلالة على بطلانها أو صحتها ولذلك جاء مسلك النبي(ص) من إيحاءات تلك الدلالات وهو ينهل علمه الإلهامي من لدن عزيز حكيم وبطبيعة الحال يكون الاستدلال بذلك الكتاب المبين ونعني به القرآن الكريم والذي اثبت نبوة النبي الأكرم بعدة دلالات آيات بينات ومنها:" ما ينطق عن الهوى انه إلا وحي يوحى....."
لقد كان النبي(ص) مؤهلا تأهيلا ربانيا لحمل الرسالة وقد اعترف بذلك قومه ومجتمعه بعد نزاعات شتى كما هو معلوم حيث اقترنت الحجة بالقرينة وبهت الذي كفر ولهذا فأن النبي(ص) علم وهو المعلم مسبقا أن الناس على دين ملوكهم وسيأتي الزمن في تداعياته على فرض الواقع بحب الدنيا وتغليب الطمع على الحق، لذلك أكد وزاد التأكيد على الحق ومجال الصدق مستلهما من ألآيات القرآنية التي تعالج كل موقف في زمنه مثل قوله تعالى:
" بل ندمغ بالحق على الباطل فإذا هو زاهق...."
حيث يثبت أن تقلب الأحوال وان مالت لها النفوس إلا انه لابد من عودة للحق لأنه سبيل الحياة الذي يؤدي إلى حياة أخرى مستقرة وهي الهدف من الإنشاء والإحياء.
لقد دأب النبي دون كلل أو ملل على إبلاغ الناس أن علي بن أبي طالب(ع) هو وصيه وأمينه وقد أكدت الأحاديث فضلا على ألآيات القرآنية صحة ادعاء النبي(ص) وهو لاتأخذه عصبية النسب أو القبيلة وإنما مصلحة ألأمة ليؤكد صحة مدلول الآية الكريمة:
" كنتم خير امة أخرجت للناس.....
وقد يأخذنا تسلسل الكلام إلى نواح شتى بما تختلج به النفس من هموم الدنيا ومحاولة إزاحتها وان رحمة الله وسعت كل شيء، فقد كنا نطمح وقد تفرقت بنا السبل إلى المنافي والبلدان أن يرجع الحق إلى أهله بعد زوال اكبر كابوس عرفتها الدنيا وكانت المساومة مع الولايات المتحدة كما اشرنا في مقالات سابقة إما أن تكون هي سيدة الموقف عند إزاحة هذا الكابوس وإما تترك إزاحته وكانت هيكلية ألاحتلال واضحة مخطط لها وهي تعلم بأن أتباع أل البيت هم المتصدرون للإطاحة بالكابوس وهم أهل لإدارة بلدهم وقد حصل مع حصل حسب المخطط المرسوم ولما عبر الشعب عن إرادته في ألانتخابات الأخيرة وفبركة الأمور من جانب الولايات المتحدة بإضافة أصوات لكيانات ليس لها حضور في معاناة الشعب العراقي بحجة التوازنات وهذا أمر لم يكن بالحسبان في حينه فهمشت الأغلبية في حالة الضرورة وقد استيقظت الفتنة النائمة حيث كان دور الوهابيين الذين أستوردهم صدام عن طريق مكتب الوساطة عزت الدوري فكما كان الأمريكان يخططون لالتهام العراق بتمرير من التكتلات الشيعية المناضلة أن صح التعبير كان صدام الذي علم علم اليقين أن الأمريكان قد استغنوا عن خدماته فخطط إلى ما بعد سقوطه وكثف من قوى الشر التي كان يرأسها وكيف يكون الحال بعد إزالته فهبت هذه القوى وأعلنت غليلها بالتصدي إلى أتباع أل البيت وكأنهم هم الأمريكان وكانت المفخخات والعبوات الناسفة التي استوردها صدام لهذا الغرض
وكانت الحرب على الشيعة كما ترجمتها الوقائع بدلالتها وأنشأت هيئة علماء المسلمين كغطاء ديني وكذلك الحزب الإسلامي الذي لم نسمع عنه وظهرت على الساحة وجوه كالحة تسير بمسيرة تلقفوها يابني أمية وكان نضال أتباع أل البيت وتضحياتهم الجسام الممتدة عبر التاريخ لم تك شيئا وكانت المرجعية الرشيدة منتبهة لما يمكرون وان هم هذه الفئات التي دربت على السيئات هو إعادة نظام صدام ونسوا أو تناسوا ما فعل هذا الزنيم بهم بل فضلوه على أي حكم شيعي مرتقب كما قالها ذلك المقعد في الدنيا والآخرة الملك فهد بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة.
وقد اختط محبوا أل البيت مسيرة تجسد مسيرة الأئمة الأطهار بأتباع اللين والمودة وقد سطروا أمثلة رائعة للخير المستقبلي للعراق ولا ننسى موقف الدكتور الجعفري الذي اختير رئيسا للوزراء وكيف تسامى على المنصب خدمة لصالح المسيرة مسددا لأولئك النفر المتطاول على الحق صفعة في إفشال مايريدونه من قصد سيئ.
وتتوالى الأحداث وتنكشف السرائر وقد ظن أولئك المتربصون أن حكومة المالكي ضعيفة وهم يروجون بكافة أساليبهم الحاقدة الممولة من حاقدين سلفيين لا يعرفون من الإسلام إلا اسما يتسترون به ومن أمراء وملوك استعبدوا الناس وهزهم ما حصل في بلد جار يكون سبب لزوال ملكهم كما يعتقدون وهكذا تهالكت قوى الشر واخذوا يتوددون للأمريكان ويقسمون لهم بأنهم معهم إذا ما أزيح الشيعة عن الطريق واخذوا يصورون لهؤلاء المحتلين بأن الشيعة صفويون إيرانيون يريدون لإيران الامتداد إلى الخليج وصولا إلى سوريا ليكونوا هلالا ويخرجوكم من الديار.
وهكذا كانت الصورة تعززها الفضائيات المأجورة.
وقد ترجمت خطبة الجمعة الفائتة لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير آهات هذا الرجل وهو يتكلم من قلب الحدث حيث ترجم واقع الحال بصفته شخص مسئول في البرلمان من جانب وتهزه الإحداث وما يحصل لمحبي أل البيت لكونهم محبين وهم يقتلون على مرآى ومسمع من حكومة يرأسها شيعي.
وهذه الخطبة أكدت الوجه الحقيقي للديمقراطية فقد تكلم بصراحة الانتقاد دون خوف على ضياع منصبه ولا محاباة لرئيس الوزراء بل شخص حقيقة ما يجري في حي سبع البور ودور الأمريكان الذين اخذوا يتخبطون خبط عشواء في سياستهم تجاه الشيعة وتركيزهم بإيحاءات من أشخاص مشاركون في البرلمان والحكومة على جيش المهدي وكأنما هذا جيش جرار هو الذي يفخخ وينسف ويصاحب ذلك إعلام مقيت يردد ما تكتبه الصحف والمجلات الأمريكية عن الشيعة وعن هذا الجيش الأسطوري وكأنما مصائب العراق الآن سببها هذا الجيش وهو افتراض مقصود عزز من تأليب العناصر الحاقدة من منهزمي حزب البعث يساندهم الوهابيون حتى وصلت بهم الجرأة على أن يجتمعوا بالحويجة وينادون ويهتفون لعودة صدام ولكن هذا الذي شاهدناه لو كان في عهد صدام لمسح المكان من الأرض كما مسح الدجيل وحلبجة.
أن للكلام آهات وآهاتنا أن نقرن الواقع بالحزم وان لاتأخذنا في الله لومة لائم لأن العقاب علاج للإرهاب وهو فعل حق في رحاب صدق وان تكاتف الجهود الخيرة يخرجنا من الحيرة بعد أن تكشفت نوايا القوم وأصبحوا يستهدفون العراقيين في تغطية من الأمريكيين وأن الأمل الوضاء آت لامحالة لأن حكمنا لو اتيح له المجال سيهذب الآجيال ويجعل عبارة اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها ألأسلام واهله ذلك الاسلام المحمدي الذي سلكه الرسول(ص) بايحاء من جبرائيل رسول رب العالمين .
https://telegram.me/buratha