( بقلم : علي حسين علي )
يمكن توصيف المرحلة الحالية للدولة العراقية بأنها مرحلة تأسيس لدولة عصرية ومتقدمة.. ويمكن القول بأن المرحلة الانتقالية قد شارفت على نهايتها بعد ان قطعت ثلاث سنوات ونصف السنة تم خلالها إنجازات هائلة وعظيمة ايضاً، أولها أجراء أول انتخابات عامة نزيهة، وثانيها الاستفتاء الشعبي على الدستور الدائم الذي يعد اول دستور في العراق يؤمن للعراقيين حياة كريمة ويتساوى فيه المواطنون بالحقوق والواجبات فعلاً لا قولاً ويتم على أساسه تشكيل دولة حديثة ومتطورة على وفق نظام الفيدرالية التي تضمن توزيع السلطات والثروة على الأقاليم والمحافظات وتبعد شبح الانقلابات والحكم المركزي الشمولي وترصن وحدة العراق وضمان استمرارها. وثالثها الانتخابات العامة التي أسفرت عنها الحكومة الحالية، حكومة الوحدة الوطنية والتي ضمت معظم مكونات الشعب العراقي وهذه الحكومة هي التي ستقود الى بناء الدولة.
وقد تهيأت لها مقومات البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي فضلاً عن البناء الأمني والذي وان جاء في آخر التوصيفات للدولة الجديدة، فان له أهمية كبيرة، وتعتمد كل المشاريع والخطط والإجراءات الى حد كبير على استبباب الأمن وتثبيت الاستقرار.
قلنا ان المعطيات والمقومات قد تهيأت، ولعل اولها ان الكتل السياسية الفاعلة ورغم ما يحصل بينها من شد وجذب الا انها متفقة، بل ومقتنعة، على ان لا تصل الى حالة القطيعة والافتراق، ويمكن ان نتصور بان الذي يحصل ليس اكثر من مجادلات لتحقيق مكاسب سياسية، بمعنى ان معظم الكتل السياسية المنضوية في العملية السياسية تتصارع، ان جاز لنا توصيف الحال على وفق مفهوم الديمقراطية، وهي تعمل بان لا يتحول هذا الصراع بعيداً عن السيطرة وجميعها تعمل على ضبط مساره والتحكم بمقوده.
وثاني هذه المعطيات والمقومات هو اقرار قانون تشكيل الأقاليم، وبإقرار هذا القانون تكون الخارطة للفيدرالية قد رسمت وتحددت معالمها مما يعطي للحكومة الحالية فرصة ثمينة للبناء والاعمار وترصين الأمن أيضاً.. فالحكومات السابقات لم يكن لها الوقت الكافي للعمل، وكذلك لم تكن ممثلة للشعب العراقي بكافة أطيافه، كما هو حال الحكومة الحالية، ولم تكن قد تهيأت لها ملامح النظام الذي ستسير عليه، كما هو الوضع الآن… فالنظام الفيدرالي الذي اقره الدستور وقانون تشكيل الأقاليم أتاح للحكومة العمل وهي تعرف ما تريد ولديها خارطة طريق (قانون تشكيل الأقاليم) لبناء الدولة الجديدة.
وثالث هذه المعطيات المهمة هو ما يحصل في المنطقة الغربية وفي محافظة الانبار تحديداً، ففي هذه المحافظة حدثت انتفاضة لم يفهما الاعلام حقها، وتمثلت بنهضة عشائر الانبار العربية الأصيلة ومقارعتها للغزاة المحتلين من الإرهابيين، وملاحقة عناصر الشر والإرهاب من التكفيريين والبعثيين، وهذه الانتفاضة لها اكثر من مدلول على ان العراقيين لن يقبلوا بوضع او وجود تهدر فيه كراماتهم وتصادر فيه أرادتهم ويتحكم فيه الشقاة أياً كانوا.. لقد ادرك زعماء عشائر الانبار بان العراق يتجه الى استعادة الاستقرار الأمني من خلال حملات منظمة ومؤثرة ألحقت هزائم كبيرة بالإرهابيين وجرى خلالها تدمير قياداتهم وتشتيت قوتهم. وان مسؤوليتهم أمام أبناء وطنهم العراق وابناء محافظتهم على الخصوص تفرض عليهم القيام بواجبهم في تأمين الامن والاستقرار ومطاردة الإرهابيين، لتلتحق محافظتهم بشقيقاتها الأخرى الآمنة وليحصل المواطنون في الانبار على خيرات بلدهم لاعادة اعمار المحافظة التي تعرضت الى التدمير والفوضى الأمنية التي أفقدتها ميزتها في كونها محافظة كبيرة وواسعة وتقع على حدود جارتين للعراق لها معه علاقات اقتصادية وتجارية واسعة.
هذه المعطيات الثلاث تحفز الحكومة الحالية على بناء الدولة التي رسم خارطتها العراقيون عبر الانتخابات والاستفتاء على الدستور.. دولة العدالة والديمقراطية والأمن والامان.. دولة الرخاء التي تليق بشعب بنى أجداده أسس الحضارة العالمية.
https://telegram.me/buratha