( بقلم : سعد البغدادي )
لم اكن راغبا في مرافقة جا ري ابو تيسير في الذهاب الى دائرة الطب العدلي الواقعة في باب المعظم لكن حق الجار على الجار والرسول وصى بسابع جار هي الامور التي حتمت علي الذهاب الى هناك وتحمل ذلك المنظر الكريهخرج محمد علوان وهو شقيق جاري ابو تيسير الى عمله كحمال في الشورجة ولم يعد وبعد اربعة ايام من البحث في المستشفيات ومراكز الشرطة كان علينا التوجه الى الطب العدلي , كنا نعلم انه يرقد هناك لكن الانسان يحاول ان لا يصدق حدسه ولو بطريق اخر قضينا اربعة ايام بلياليها في البحث عن محمد علوان كان الجميع ينصحنا بالذهاب الى الطب العدلي
دائرة الطب العدلي جثث ملقاة على قارعة الطريق
وعند وصولنا الى باب المعظم طلب مني جاري الذي لن احترمه بعد اليوم ان اذهب الى الدائرة وابحث عن شقيقه لانه مريض ومحبط وادعى ان قلبه يؤلمه وتمارض وافطر وفعل كل ما هو محظور من اجل ان لاياتي الى الطب العدلي وقال سانتظرك هنا وكان قريبا من وزارة الصحة , وتوكلت على الله وفي باب الطب العدلي كانت الرائحة , واي رائحة نتنة قذرة لايمكن لك ان تصمد دون ان تتقيأ حاولت اخرج لكن تمالكني شعور بالدخول , وضعت كمامة من قماش على انفي واغلقت كل مجاري التنفس في الاستعلامات نظرت الى صور المغدورين والشهداء انها صور العراقيين سالت الموظف قال هذه صور تلتقط للموتى حتى يتمكن ذويهم من التعرف عليهم لان الجثث تبقى هنا لفترة طويلة ربما لاتعرفها ويتم ترقيم هذه الجثث
يصبح العراقي رقم في دائرة الطب العدلي رايت صورة جاري او شقيق جاري ابو تيسير وقلت للموظف هذه الصورة قال احفظ رقمه وتاريخه واذهب فتش في الثلاجات عن هذا الرقم ستجده مكتوبا في ورقة لاصقت بقدم المتوفي وما ان عبرت الاستعلامات المخيفية حتى عثرت بكومة الجثث العراقية المتفسخة والمتكدسة
حاولت هذه المرة ان اخرج لكن الامر خرج عن سيطرتي حينما تقدمت ثلاث سيارات من الاسعاف وهي ترمي بجثث اكثر من ستين جثة قال لي السائق انها من اماكن مختلفة من بغداد سالته بهمس هل تعود لسنة ام لشيعة قال انها لموتى؟
اول مرة اشعر ان العراقيين متوحدون لكن اين رايت ام تبكي ولدها الشيعي واخرى تبكي ولدها السني لم يكن بينهما مسافة انها نفس المسافة التي نذبح بها على الهوية سمعت صراخ
حاولت ان اركز سمعي هل هذا الصراخ لامراة سنية ام شيعية تداخلت الاصوات ولم اعد اميز كان منظر الجثث الملقاة على قارعة الطريق مؤلما وانت تمشي لابد لك ان تسقط لانك ستعثر بجثة عراقي مغدور . وصلت الى الثلاجة وجدت كومة من الجثث مرمية كنت ابحث عن رقم 993 قال لي ابحث هنا في هذا الكوم ربما ستجد قريبك في هذه الجثث
جثث متفسخة واخرى تحول لونها الى اللون الازرق لايمكن لك ان تتعرف ابدا على صاحبها باستثناء الرقم الموجود على جثة القتيل فتشت عن رقم صاحبي لم اجده كانت الرائحة قد بلغت اوج مدياتها لايمكن لك ان تتحمل هذه الرائحة حاولت مرة اخرى ان اذهب الى غرفة الاستقبال وسط هذا الكوم من الجثث العراقية المتفسخة التي صارت مرتعا للديدان والحشرات القاتلة من كل مكان
طلبت من موظف ان يبحث لي عن هذا الرقم مقابل خمسين الف اعطيه اياه وخلال ساعة رمى الجثة امامي نظرت اليها جثة متفسخة رائحتها نتنة اعطيته خمسون الف اخرى ليدلني على مكان اخرج منه بدون هذه الرائحة ومن دون المرور عبر جثث العراقيين
https://telegram.me/buratha