( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
كنا قد حذرنا مراراً وتكراراً من ان اطالة محاكمة الطاغية المنبوذ صدام سوف لا تجدي نفعاً لاحد وان التذرع بالاستماع الى اكبر عدد من شهود الاثبات سوف لا يغير من واقع الجريمة في شيء ولا في واقع الادانة. ولعلنا في هذا الصدد نتذكر محاكمة الفاشي موسوليني التي لم تطل لاكثر من ساعة واحدة وبعد ادانته بالادلة الثبوتية تم اعدامه رمياً بالرصاص لاسدال الستار على حقبة تأريخية سوداء عاشتها ايطاليا آنذاك.المهاترات الخاوية التي اعتاد هذا الدكتاتور على اطلاقها من خلال خطاباته غير المنسجمة مع الواقع خلال جلسات المحاكمة مستغلاً فسحة الحرية الكاملة للدفاع عن النفس والتي حرّمها هو على العراقيين عندما كان على رأس السلطة ومستفيداً من الادب والخلق الرفيع وسعة الصدر للقضاة الذين تعاقبوا على رئاسة المحكمة الجنائية التي تحاكمه في قضيتين من اصل سبع قضايا عبرت وتعبر – المهاترات- عن ياس هذا المجرم واعوانه الذين بدأوا يستعجلون اصدار الحكم عليهم بالاعدام او رمياً بالرصاص كما طالب المجرمون علي كيمياوي وحسين التكريتي وسلطان هاشم.
الشعب العراقي الذي ضاق ذرعاً بالمشاهد التي كان يبثها تلفزيون بغداد سابقاً اذ لا تمر ساعة بث واحدة الا وتظهر صورة الدكتاتور المنبوذ وهو يمثل الدور تلو الآخر من ادواره السمجة التي مجها العراقيون والتي اصابتهم –هذه المشاهد- بالغثيان فكانوا يعمدون الى اطفاء التلفزيون لانه محرم عليهم مشاهدة قنوات اخرى كانت ممنوعة عليهم مشاهدتها لانها لا تبث صور (صدام) بشكل مستمر كما كان يفعل اعلام النظام.المحكمة الجنائية مطالبة اليوم واكثر من أي وقت مضى بوقف مسلسل ظهور الطاغية وهو يشتم العراقيين ويتجاوز على شهدائهم وتأريخهم من خلال شاشات التلفزيون ويحرض بقاياه وازلامه على الارهاب وقتل العراقيين دون استثناء تطبيقاً لنظريته بتسليم العراق ارضاً دون شعب.
نحن نعتقد وهذا متروك للمحكمة نفسها ان جرائم صدام وزمره بحق العراقيين لا تعد ولا تحصى وما وقع من وثائق جرمية بيد العراقيين تعد بعشرات الاطنان موزعة على الاف الجرائم المتنوعة جرائم حرب، ابادة جنس بشري، مقابر جماعية، اعدامات بالجملة، اسلحة كيمياوية، انتهاكات حقوق الانسان الى غيرها من الجرائم المروعة التي راح ضحيتها الملايين من ابناء هذا الشعب المظلوم، وهذه الادلة الثبوتية التي اكدها شهود الاثبات الذين استمعت لهم المحكمة في قضية الدجيل والانفال والذي وصل عددهم ما يقرب المئة شاهد اثبات تعد كافية في تحقيق العدالة لادانة هذا المجرم والذي لا تحتاج جرائمه التي ارتكبها بحق العراقيين الى ادلة او قرائن اخرى فهي معروفة على المستوى المحلي والاقليمي والدولي وكانت ولا زالت محل تندر السياسيين عندما يذكرون الطغاة من الحكام.
نقول كفى تعذيباً للشعب العراقي وهو يرى جلاده يتبختر ويهاجم ويشتم العراقيين كما كان يفعل عندما كان على رأس السلطة نعم نقول ان المحكمة يمكن لها ان تقنع بهذا القدر من الشهود لتسدل ستاراً على حقبة سوداء عاشها العراق على ايدي هذا الدكتاتور وازلامه واقزامه من البعثيين المجرمين.
https://telegram.me/buratha