سعد جاسم الكعبي ||
العراق منذ تسعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا عانى من غياب المنهج الحكومي الواضح وضعف القانون و تقلب القرارات السياسية والاجتماعية، ولذا فان مفعول اي قرار او قانون لن يستمر اكثر من ايام ويضمحل ويتناسى ويعمل بالضد منه احيانا كثيرة.
وضعف القرار وتراجع الثقة بالقوانين ليست وليدة اللحظة بل هي ظاهرة نعاني منها منذ عقود تصل إلى ايام الحصار زمن النظام السابق.
رئيس النظام البائد كان يعد القانون مطاطي ويمكن تغييره بسهولة حسبما صرح بذلك مرات عدة!.
وما ان يصدر قرار حتى يتم نسيانه وتجاهل والعمل بطريقة عشوائية تبعا لمصالح القائمين.
واذكر منذ أعوام تم العمل ببنود موازنة التي لم يصوت عليها النواب وتم تزويرها والتلاعب فيها قبل إرسالها لنشرها بصحيفة الواقائع الرسمية ويومها تفجرت القضية وتم "طمطمتها" لأن المعنى فيها وزير المالية الذي احتج بها عندما تم مسالته عن ارسال أموال لاقليم كردستان وأخرج نسخة الموازنة المتغيرة عن عمد وتم اسكات الأصوات المطالبة بالتحقيق في هذا الشأن.
وفي هذا الشأن فقرار إيقاف تصدير النفط الكردستاني الذي اتخذ مؤخرا كان المفترض اتخاذه من سنوات وليس الان والا كيف قبلت به الحكومات الاتحادية السابقة أن كان التصدير غير دستوري ام ان المصلحة السياسية للبعض هي من تقف ورائه، وأين كان القضاء عنه منذ سنوات طويلة؟ .
والحديث عن الوزارات الاتحادية وتعليماتها و قراراتها تثير السخرية،فوزارةالداخليةوالمرور العامة بالتحديد لاثوابت لها، فيوم تفرض فحص الهزة واخر تلغيه ومن ثم تعيده،والحال ذاته مع أجور تسجيل المركبات، اما وزارة الصحة فحدث ولاحرج من تغيير وتعليماتها وطرقها لحلب جيوب الناس تفننت فيها من ايام بطاقات فحص كورونا، والحال ذاته مع التعليم العالي التي كلما جاء وزير غير تعليمتها مرة تخفيض أجور الدراسة الأهلية وأخرى تعديلها، بينما لاتاخذ الجامعات الأهلية بها اصلا و تتجاهلها، وفي أمانة بغداد مملكة خاصة لامينها والجهة التي ترشحه للمنصب وتغير أجور العاملين واجرة گرجات الوقوف ونهب الارصفة مستمر بطرق تحايلية، ولعل قرارات وزارة التربية الأخيرة التراجع الواضح عنها خير دليل بعد أن صدعوا روؤسنا بها وفي الأخيرة عادت حليمة لعادتها القديمه كما يقال في المثل الشعبي الدارج.
والسبب في ذلك يرجع لضعف القرار والأزمات التي يعاني منها البلد وغياب الرقابة الحقيقية.
فالأحزاب السلطوية مانفكت تتنافس على أساس الاتفاق بتقاسم المغانم، والمحاصصة والاتفاق فيما بينها على توزيع المناصب العليا حسب المحاصصة الحزبية، وتعمل هذه الأحزاب معا تحت مبدأ التخادم وتبادل المصالح.
ربما ساهمت الأحزاب وفق مايرى مختصون، في انهيار مؤسسات الدولة من خلال تعيين عشوائي غير الكفوء في المناصب العليا وبهذا استقطبت طبقة انتهازية من بين صفوفها تعمل على خدمتها من خلال هذه المناصب.
القرارات والتعليمات والقوانين في العراق مفعولها شبيه مفعول العقارات الطبية المسكنة او المهدئة التي يزول تأثيرها في ساعات لكنها تختلف بأنها تزول تأثيرها بأيام وغالبا فان موظفي الدولة لن يطبقونها اول صورها بانتظار اضمحلالها ونسيانها كي يعملوا باخرى تعمل على تأمين مصلحتهم ومصالح من ورائهم .
فالعراق بات بلد التقلبات والمتغيرات وتجاهل القوانين ولا ثوابت فيه سوى المصالح وهو امر فتح الباب على مصراعيه لنهب اموال الدولة وسرقة مشاريعها بصورة عانية، ولاخوف من قانون ينتهي مفعوله او يا استبداله او تفسيرها وفقا لاهواء المسؤول الذي يضمن انه لن يطاله القانون او حتى ان طاله فيخرج بحيله قانونية كالحكم المخفف او مع وقف التنفيذ .
https://telegram.me/buratha