سعد جاسم الكعبي ||
مع كل موسم لإحياء الشعائر الحسينية بذكرى الزيارة الاربعينية لسيد الشهداء"ع"،نسمع ونقرأ الكثير من المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تنتقد وتنال منها ،وطبعا مغلفة باعذار واهية منها الخوف على تشويه العقيدة الإسلامية او الحفاظ على الصورة الوطنية ،بحجة انها جهل يناقض المدنية والتطور ،من دون أي مراعاة لمعتقدات دينية لملايين المؤمنين راسخة ومتجذرة بالنفوس تعود لآلاف السنين.
قبل كل شي يجب إلاعتراف ان هنالك العديد من الممارسات العشوائية قد طرأت على تلك الشعائر أدخلت نتيجة جهل وبصورة عفوية وغير ممنهجة من قبل البسطاء ولابد من التصدي لها من قبل الحوزات العلمية والخطباء والقائمين على أحياء تلك المناسبات وخاصة من أصحاب مواكب العزاء كي لا تأخذ نمطا سنويا وتصبح جزء من تلك الشعائر.
ومن هذه السلوكيات المرفوضة التطيين وهو وضع الطين على روؤوس واجسام الزائرين وغسل أقدامهم وتقبيلها او القيام بحركات راقصة هجينة بحجة اللطم حزنا على صاحب المصيبة أو المشي على الجمر وغيرها من تلك التصرفات التي تندرج ضمن التقديس العفوي بالدرجة الاولى أو المقصود بدرجات أقل.
الغريب من أولئك الناقدين للشعائر اننا لم نرى تلك الانتقادات العنيفة تواجه حرق القرآن الكريم في السويد والدنمارك وكأن الدين لا يهمهم ولايحرصون عليه قدر حرصهم واستماتتهم في النيل من الشعائر والمذهب الجعفري ورموزه بدوافع معروفة والأموال قذرة مدفوعة لهم مسبقا من جهات حاقدة ومذهبية في محاولة لتشويه صورة تلك الشعائر ومحاولاتهم لإظهار صحة مذاهبهم المليئة بالفتاوى والخرافات والممارسات الدنيئة والتي نستطيع ان نذكر مجلدات منها نحن لسنا بصدد ذكرها الآن.
فالبكاء واللطم والأنين والجزع والذكر ونظم القول الرقيق كل ذلك له مداخليه في تحصيل قيم الرحمة والطيبة وديمومة احياء الوجدان الانساني ،وهذا هو القدر المتيقن من روايات احياء الامر حيث شدد الائمة عليهم السلام على ضرورة احياء مجالس الذكر والفكر ذكرهم عليهم السلام وذكر فضائلهم واحياء فكرهم وعلمهم وادبهم كما يقول الإمام الرضا عليّ بن موسى(ع) : "رحم الله عبداً أحيا أمرنا ،قبل له وكيف يحيي امركم قال عليه السلام يتعلم علومنا ويعلمها الناس,فان الناس لو علموا محاسن علومنا لاتبعونا .
المفردات المستحدثة على الشعائر اثارت الكثير من الجدل بين المؤمنين ومرجعياتهم وبذلك اصبحت مثارا للفتنة وقد يأتي النقاش فيها من هذا الجانب وفي سياق قوله تعالى {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } يعني حتى لو كان في هذه المفردات الجديدة شيء من النفع الديني الاانها بالعنوان الثانوي اصبحت مثارا للفتنة بين المؤمنين وبما انها خالية من ملاكات الاصل مما يضيف مسوغ لردها والتعامل معها على اساس انها ليست من الشعائر.
إن نسيان القيم والمبادئ التي إستشهد من أجلها الإمام يضيق القضية ويحدها ويجعلها حكرا على مجموعة لعدم مشاركة الآخرين بها.
يحاول البعض ممن في قلبه مرض على اشاعة ان الخطاب الحسيني يضيق بباقي الطوائف الإسلامية،
وكأن المسجد والجامع يخص الشيعة فقط، فالحسينية أولى بأن تكون ذات طابع عالمي، فهي تحمل قيم إنسانية بالتحرر وتحقيق العدالة الإجتماعية ورفض الطغيان والتسلط والعمل من أجل الإصلاح بكل أبعاده، النفسية والإجتماعية والسياسية ، وهنا لابد لهذه القيم أن تترجم لفعل منظم من خلال إنزالها لأرض الواقع وليس النيل منها من قبيل البعض وتشوييها بانتقادات الهدف منه تشويهها وعدم النظر لما يجري فيما يجري من شيوع المثلية والانحرافات للنيل من الإسلام وتعاليمه.
فهناك من يهاجم مظاهر الحزن في عاشوراء، سعياً منه إلى تشكيك الناس بدينهم، وإضعاف حالة الاندفاع نحو الالتزام بأحكامه. وإسقاط محله في نفوسهم، وإبعادهم عن حالة التعبد والانقياد، والتقديس لمقدساتهم، ولا يقتصر نشاط هذا النوع من الناس، على محاربة عاشوراء والإمام الحسين (ع)، بل هم أيضاً اليوم يحاولون السخرية بمن يصلي، وبمن يلتزم بالزكاة، ويهزؤون حتى بأحكام الحج ومناسكه، وبالطواف حول البيت، ورجم الشيطان، وذبح الأضاحي.. الخ.. وهناك أناس تحدث القرآن لنا عن سخريتهم بالأنبياء.
الاولى لنا اشاعة روح التسامح والتغاضي عن الناعقين وابواق الفتنة وتفويت الفرصة عليهم وتقديم صورة مشرقة وحضارية عن الحسين وشعائره بعيدا عن أية ممارسات تمنحهم فرصة للتضليل وتشغلنا باكاذيب شيخ المنافقين ابن تيميه وكلابه عن غايتنا المقدسة بتقديم الواجب للواصلين من ملايين المحبين للعراق ولكربلاء بهذه الصورة الرائعة في أربعينية الإمام الحسين الخالد عليه السلام .
https://telegram.me/buratha