المقالات

تركيا مع العراق.."إذا احترق بين جاركاجلب الماء لبيتك" !!


سعد جاسم الكعبي ||

 

عطش أرض السواد المعروفةببلاد ما بين النهرين منذ فجر الخليقة، يأتي من جراء أزمة المياه الذي حول البلد الذي يعد مهدا للزراعة في العالم ويعرف بأنه أرض الخصوبة لاعتماده على نهرين "عظيمين" هما دجلة والفرات ،حوله الى جرداء قاحلة  واندثرت حقول أشجار الفواكه والبساتين وباتت اثرا بعد عين.

12 مليون عراقي تقريبا يعتمدون على اقتصاد الزراعة مهددون بالبطالة، ما يعني ثلث سكان البلاد.

الايرادات المائية للدول المتشاطئة يجب ان تكون مشتركة، وبالنسبة لتركيا فان كلاً من دجلة والفرات يتأثران بسياستها المائية تجاه العراق.

هنالك سدود تركية على نهر دجلة، تحجب من الحصة المائية للعراق مما يتسبب في اضرار جسيمة للاراضي الزراعية ولاسيما بالنسبة للمحافظات الثلاث الرئيسة في صناعة الشلب، حيث انخفضت المساحات المتاحة للزراعة الى 50 % وخاصة يتعلق بنهر دجلة

الحل الامثل هو تفعيل الاتفاقيات مع الجانب التركي ولاسيما اتفاقية عام 1947 والتى تنص المادة الخامسة منها على قيام دول المنبع باطلاع الجانب الآخر على انشاء السدود والخزانات التي اقامتها.

مؤشر الاجهاد المائي، يجعل من العراق سيكون ارضاً بلا انهار بحدود 2040، ولن يصل النهران العظيمان الى المصب النهائي في البحر. وبعد ثماني اعوام (2025) ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة الى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.

لدى العراق أوراق ضغطٍ ذهبية حيال تركيا لكنه يستنكف عن استغلالها بسبب ضعف حكومته وتوزع القرار السيادي على المضاربين السياسيين تبعاً لولاء المصلحة.

ظروف بغداد السياسية اليوم أفضل من ظروفها خلال الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، بمعنى حزمة العلاقات الدبلوماسية التي تملكها، لكنها أسوء من ناحية استغلال تلك المظلة الإيجابية للدفاع عن مصالحها.

التهديد بالتصعيد العسكري مثلا  بحدِ ذاتها ورقة ضغط هائلة تُحرِج المجتمع الدولي وتقود الى وساطات، وهو ما يعني "تدويل" غير رَسّمي يقود الى حشِر انقرة بزاوية التّفاوض.

 تركيا ترفض تدويل مُشّكلة المياه لأن موقفها ضعيف وغير قانوني.

الورقة الاقتصادية تبدو في صالح العراق فقد قفز التبادل التجاري التركي مع العراق من 3.5 مليار دولار في العام 2008  الى 20 مليار دولار خلال عام واحد فقط.

تحتل تركيا المرتبة الاولى في التجارة مع العراق مستحوذةً على 22 في المئة من السوق العراقي.

عام 2009 افتعلت تركيا أزمة مياه بخفض تدفق دجلة والفرات الى العراق. وفي منتصف العام 2018 قامت بتشغيل سد وبحيرة اليسو التي ستقتطع ثلثي تدفق مياه دجلة نحو العراق. وحتى اللحظة لم تفكر بغداد باتخاذ اية اجراءات ضد انقرة، بل تحاول كالعادة اضاعة الحق العراقي بمناوشات دعائية خاسرة لكسب الرأي العام المحلي دون الاكتراث الحقيقي لخطورة الأزمة.

الواردات المائية القادمة من إيران هي الأخرى أيضا تعاني من الشحة، ومتذبذبة بسبب عدم وجود سياسة مائية أو خطط تشغيلية للإطلاقات أو تبادل للبيانات أو للوفود المختصة بين البلدين، أسوة بنهر الكرخة الذي ينبع من المرتفعات الإيرانية وكان يغدي هور الحويزة بالقسم الأكبر من مياهه، والذي قطعت إيران مياهه بشكل تام منذ أكثر من عام، إضافة إلى الكميات الضئيلة جدا المطلقة من نهر الكارون الذي كان يصب في شط العرب عند ميناء خرمشهر، ما تسبب أحيانا بزيادة ملوحة شط العرب لكنه يقينا ليس بحجم الضرر التركي .

فتركيا ليستا وصية على العراق وعليها اطلاق حصة العراق العادلة والمنصفة حسب المواثيق الدولية دون التدخل بسياسة العراق المائية.

تركيا باعتبارها البلد الذي تتدفق من اراضيه المياه ، تقر لنفسها السيادة المطلقة على تلك المتضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية كما ترفض ادعاء جيرانها بشأن الحق في المياه، مدعية أنه مثلما الموارد النفطية لأي بلد من حق ذلك البلد، فأن موارد المياه التي تنبع منها هي ملكها. في حين يرى العراق وحتى سوريا، جاريّ انقرة المهمين، ان نظام الانهار العابرة للحدود برمته ينطبق على نهري دجلة والفرات.

الاعتداء على الحصة المائية للعراق، وهو ما يهمنا دون باقي الدول، يجب ان تعده الحكومة العراقية عملا سلبيا من جانب تركيا، يستلزم اتخاذ الاجراءات القانونية الصارمة تجاهه. وبما ان بغداد قد تعجز اليوم عن تحشيد الجيوش على حدود تركيا كما فعلت في عام 1990 ، لاسباب عديدة ، الا انها تستطيع استخدام الميزان التجاري الذي يشير الى ورود اكثر من 20 مليار دولار بضائع من تركيا الى العراق عبر المنافذ الحدودية.

يبدو ان الاتراك يطبقون المثل السويدي بحذافيره" عندما يحترق بيت جارك، أجلب الماء لبيتك".

وأرى أننا في غضون عامين سنعتمد على جدول قطع مائي حيث تزويد السكان بالماء كل يومين في الأسبوع فقط ولن نقدر ان نجعل الماء سبيلا على أرواح امواتنا ونكتفي بالدعاء، وهو أضعف الإيمان.

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك