سعد جاسم الكعبي ||
موعد انتخابات مجالس المحافظات الذي حدد في 18كانون الثاني المقبل رغم ان معظم أبناء الشعب يرون عدم جدواها وفساد أعضائها وسوء سمعهتم كونهم يشكلون القاعدة الاساسية الاولى للأحزاب التقليدية التي تسلطت على العملية السياسية منذ عام 2003إلى اليوم.
تلك المجالس تمثل نموذجا حرفيا للبيروقراطيةاو "حكم المكاتب"،ويرى بعض المختصين مفهوم البيروقراطية وهو المطبق في بلدنا للاسف بأنه "نمط إداري يتمسك بالشكل دون المضمون ويتسم بالتخلف الإداري وكثرة التعقيدات والإهمال والتحيز والمحسوبية ".
قانون انتخابات مجالس المحافظات كان يشير إلى وجوب أن لا يتجاوز الموعد تحديداً الـ 20 من كانون الأول ومن هنا توقعنا الموعد المحدد وجدول العمليات الذي ستطبقه المفوضية العليا للانتخابات بهذا التاريخ.
وعلى هذا الأساس يكون موعد الاقتراع العام في 18 كانون الأول والخاص في الـ16 منه والاستعدادات مستمرة وسيكون هنالك 7008 مركز اقتراع وبواقع 47 ألف محطة حسب بيان للمفوضية ،وحدد عدد الناخبين المتوقع مشاركتهم يبلغون 23 مليوناً و367 ألفاً وواحدا وثمانين شخصا ومن بينهم 18 مليونا حدثت بياناتهم ومستمرون بعمليات التحديث وتوزيع بطاقات الناخبين!!.
فمجالس محافظات البصرة، بابل، ذي قار، الانبار، صلاح الدين وغيرها من المجالس كمثال حي للكارثة الحقيقية،التي تشي بأن الفاسدين ظلوا يعبثون لسنوات طويلة بمقدرات تلك المحافظات، وشعوبها المغلوبة على امرها، وما تفجر فضائح الفساد تباعاً في البصرة والانبار وغيرهما يعطينا صورة عن عمل تلك المجالس .
الأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي فتحت ابوابها أمام الراغبين بالترشح للانتخابات المحلية المقبلة، حتى قبل التصويت على شكل القانون الانتخابي وموعد إجراء الانتخابات، وهو سعي دائم منها لتقوية تنظيماتها واستقطاب المؤثرين، سواء على مستوى ترشيحهم للانتخابات أو لجعلهم أعضاء فاعلين في هذه الأحزاب .
ونرى هذه الأيام بان العقلية السياسية التقليدية لبعض الأحزاب ما تزال تصر على ترشيح شيوخ العشائر الوجهاء ، لأن هؤلاء أصواتهم مضمونة من أبناء العشيرة وألمناطق الساكنين فيها.
الهدف الرئيس من إنشاء هذه المجالس حسب الدستور العراقي عام 2005، كان لمساعدة الحكومة في إدارة شؤون المناطق محلياً، فالقانون رقم 21، يشير إلى أن هذه المجالس تعبّر عن وحدة إدارية ضمن حدودها الجغرافية، وتتكون من أقضية ونواحٍ وقرى، ومُنحت على هذا الأساس صلاحيات مرتبطة بعملها، كونها الممثل الشرعي لناخبيها، ولكنها وبحسب ماهو معروف عنها من خلال تجربة عملها في السنوات الماضية صارت مرتعا للهدر المالي من خزينة الدولة.
هذه المجالس ومنذ تأسيسها شكلت ثقلا على كاهل الدولة، واقتصادها الريعي بل صارت الدولة ملزمةً بتحمّل مصاريف شهرية تتجاوز الـ200 مليون دولار شهرياً، هي رواتب ومخصصات أعضاء 15 محافظةً غير منضوية في إقليم، ونحو 120 قضاءً إدارياً، وأكثر من 400 ناحية من عموم البلاد، بالإضافة إلى شمول أعضائها جميعاً بقانون التقاعد، بعد إتمام خدمتهم المحددة بـ4 سنوات، وعادةً ما تتراوح رواتبهم التقاعدية ما بين 2 إلى 4 ملايين دينار عراقي شهرياً حسب أحد المختصين.
ان حجم ثراء المسؤولين في بعض المحافظات مخيف وهو يحتاج الى تحقيقات فورية لمعرفة مصادر اموالهم،وهنا نعرف حجم الكارثة والفساد من مجالس المحافظات التي بقيت تشكو الإهمال وضياع الأموال وتلكؤ مشاريعها .
وهذ المجالس شكلت عبئا على عمل المحافظات واداة ضغط على المحافظين وميدانا للصراع على المغانم بين القوى الماسكة لها، ما جعلها اداة لتعطيل التنمية، على الرغم من الاموال الضخمة التي صرفت للمحافظات، حتى باتت مسألة الاستغناء عنها مطلبا شعبيا في ثورة تشرين التي تمكنت من تجميد عملها وكانت على بعد خطوة من انهائها للأبد.
مجالس المحافظات للأسف اصبحت هي عبارة عن مجموعة الاشخاص تنهب المحافظات لا أكثر ولا اقل و من دونها والمجالس البلدية الامور سارت ولم تتعطل والمحافظ ونائبيه يكفون .
وخلاصة القول أن تجربة مجالس المحافظات كانت فاشلة وعززت نفوذ الأحزاب ونهبها للاموال العامة واستشراء الفساد ، فهذه المجالس كانت بوابة الخراب ، وبرغم تغيير بعض فقرات قانونها الانتخابي للتقليل من الفساد والمحاصصة والعمل للمصلحة الشخصية لكنها تبقى باب الخراب والهدر الذي ينذر بإنهاء البنية التحتية للدولة العراقية لا إصلاحها ،وبعيدا عما أراده لها الدستور العراقي .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha