سعد جاسم الكعبي ||
النظام الصحي في بلدنا بصورة عامة عدا اقليم كردستان، على شفا حفرة من الانهيار، فالمستشفيات العمومية التي كانت سابقا انموذجا متطورا وتحتضن أفضل أطباء في المنطقة العربية ،باتت مرتعا لاصناف مجهولة المنشأ من عقارات طبية قاتلة.
ومثال هذه الفوضى بالقطاع الصحي ، قبل ايام تم ضبط في مخازن قسم الصيدلة التابعة لدائرة صحة صلاح الدين، مدير قسم مُتهم باختلاس (1119) قلما من مادة (نورد تروبين) التي تُعطى لمرضى تأخُر النمو من مخازن قسم الصيدلة التابعة لدائرة صحة المحافظةوالمُجهزة من وزارة الصحة.
ووفقا لاحصائيات شبه رسمية فإن 70% من الادوية في الأسواق غير مسجلة بنحو رسمي، ويعني بالصريح أنها مهرّبة.
30% فقط من هذه الادوية هي التي يتم تسجيلها رسمياً، وطبعا السبب وراء الإدخال عن طريق التهريب هو للتملص من الضرائب والكمارك وغيرها من المستحقات المالية.
في العراق ومنذ اكثر من عقدين، هنالك تجارة غير مشروعة للأدوية والمسؤولون المتورطون عن استيرادها لفائدة الوزارة هم عادة أشخاص يتبعون أحزابا سياسية أو مقرّبون من الطبقة الحاكمة،وقد تكون الأدوية المستوردة بأثمان باهظة مزيفة أو ذات جودة سيئة.
الزيادة في أسعار الفواتير وسرقة مخازن الأدوية واستيراد الأدوية المزيفة ينهك البلاد
فالحصول على موعد مع طبيب متخصص أو لإجراء عملية جراحية صار بحاجة لكثير من الوقت وطبعا، يزيد هذا الزحام من الفساد.
منذ سنوات وحتى اليوم رغم تراجع هذه الظاهرة أمام نمو القطاع الخاص، فان مديرو المستشفيات العمومية واطباء يأخذون الرشاوى مقابل موعد عملية جراحية في مستشفياتهم الخاصة أو غرفة بمشفى حكومي أكثر نظافة أو اهتمام من قبل الممرضات بالمريض.
الفساد في قطاع الرعاية الصحية وصل إلى حد انتشار الرشوة والمحسوبية والسرقة بشكل كبير، والمشكلة خطيرة لدرجة أن صحة المرضى أصبحت في تدهور مستمر ومنتظم، فانتشرت التلاعب والنقص بالأدوية والمعدات الطبية وكثرت حالات الاحتيال، ما أدى إلى تردي الأوضاع في المؤسسات الصحية دون أن يواكب ذلك تحرك حكومي قوي بهذا المجال .
مختصون بالمجال الصحي يؤكدون أن
معالجة القطاع الصحي اصبح معقدا جدًا اليوم لمجرد أن القوى المسؤولة عن الظروف المزرية هي نفسها المستفيدة منها، ونفسها الموجودة في السلطة.
اتفاق الاحزاب و السياسيين الفاسدين ، أو المسؤولون في مجال الصحة الذين ما زالوا في مناصبهم، على الاستفادة من الوضع الحالي لتحقيق الثراء ،السبب الرئيس بانهيار المنظومة الصحية بالبلد.
قانون الضمان الصحي الذي يجري العمل على تطبيقه حالياً ،ربما يعالج جزءاً من المشكلة لأن تطبيق نظام الضمان لا يكون إلا على الأدوية المسجلة رسمياً.
يفترض الان على الجهات المعنية وضمن حملة الاصلاح الحكومي الحالية التي يتبناها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تنظيم حملات حقيقية لتفتيش جميع مذاخر الأدوية والصيدليات وإتلاف كل ما هو غير مسجل،ربما يراه البعض حاليا ضرب من المستحيل في ظل مجاملة الاحزاب ورجالها لكن هذا هو المطلوب للنهوض بهذا القطاع الحيوي والهام .
الأزمة صحية تشتد يوما بعد اخر منذ عقود وتزداد سوءًا خلال الأشهر والسنوات المقبلة، وبينما تسلط الأضواء على مشاكل بغداد والمحافظات الجنوبية من جراء تردي ظروف النظام الصحي، فهذا لن يمهد الطريق لحدوث تغيير ملحوظ بالقريب العاجل ، وسيظل المواطن يعاني ويمرض وربما يفقد احبة له لمجرد عدم توفر الدواء لان المسؤول الفاسد يسرق ويرتشي ويستورد سموم بهيئة ادوية منتهية الصلاحية .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha