سعد جاسم الكعبي ||
الفاجعة التي عشناها كعائلة صغيرة في هذا الوطن ، بفقدنا شاب بمقتبل العمر بسبب فشل القوانين التي لاتراعي انسانية ووضع المرضى وذويهم مثلت فصولا مؤلمة وصعبة،شاهدت الآف الحالات المشابهة لنا في المستشفيات، والتي مازال الكثيرين يعيشون فصولها القاسية.
الفشل الكلوي ومهزلة اللجنة الطبية التي لم تراع ألم فقيدنا ولم تهزها توسلات والده بالاسراع باجراء عملية نقل الكلى له من شقيقه والذي رفضت اللجنة اجرائها لعدم بلوغ شقيقه الاصغر السن القانونية ب3اشهر فقط جعلتنا نعيش معاناة قاسية ولحظات مؤلمة انتهت للأسف بفراقه ووفاته امام اعيننا،ونحن عاجزين.
اللعنة على قوانين لاتراع حياة إنسان ولم تنثني امام دموع واهات والده ولم ترحم حزن والدته!!.
كل يوم ارى والده امامي يعصرني الحزن ،امام انهمار دموعه،لفقد فلذة كبده وهو يلوم نفسه والحقيقة ليس بيده شيء.
لقد تحول الرجل الى كتلة من الحزن والاسى، واقفة على قدميها ،رغم انه مؤمن بقضاء الله وقدره،لكن لاكلمات تواسيه او تخفف عنه صدمة مايعانيه وهو يرى ويسمع ويرى ذكريات فقيده وملبسه الذي تركه ورحل الى العالم الاخر.
إذا كان الموت يعطى «مكافأة» للراحلين باراحتهم !!، فلا شىء غير «الوداع» يمنحه الموت للأحياء، ليس من قبيل الكرم و«التحنن»، وإنما حتى يضع النقطة الأخيرة فى نهاية سطر الحياة، والخاتمة للقصة الطويلة، التى كانت قصتنا أيضا، ونعود بعد كل وداع، وقد نقص وضاع منا شىء، وتفاقم إحساسنا بالغربة والوحشة، وفقدان رحابة الأبواب الكبيرة، التى أغلقها الموت.
مامر به شقيقي د. رعد وهو استاذ جامعي واعلامي بارز، وولده الراحل ماهي، الا ماسأة تعيشها الاف العائلات التي تعجز عن انقاذ اعزاء وهي تراهم يموتون امام عيونهم جراء قوانين ولجان وتعليمات لاتعني شيئا ولاتكترث لفقد ذويهم قدر اهتمامها بقوانين غايتها اجبارهم على ترك البلد واللجوء للخارج بحثا عن طوق النجاة لمرضاهم!!.
اكتب هذه الكلمات بقلب محزون وحسرة كبيرة على شاب لاذنب له الا انه وقع فريسة قوانين وزارة الصحة ولجانها المتحجرة .
ورحم الله الامام علي حينما قال"فقد الاحبة غربة".
حقا إن «فقد الأحبة غربة»، وهى غربة لا تضاهيها غربة أخرى، قسوة وبرودة، ووخز لا يتوقف فى العمق، بـ«سنون» إبر حادة، تنغرس تحت الجلد، فحين يرحل الأحباء من الجدود والآباء والأمهات، يضيع السند، اما فقدان الولد فضياع للمستقبل حسبما يصف والد فقيدنا.
وايما غربة ،تلك التي نعيشها كعائلة مفجوعة بولدها الراحل عنوة وبقرار لجنة وزارية ظالمة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.