المقالات

الصدريون .. لن تبنى دولة في ظل السلاح

1120 14:46:00 2008-04-22

( بقلم : غسان العسكري )

لا يمكن ان تقوم أي دولة بدون ان تركز على الأشياء اللازمة والضرورية لتأسيس قاعدتها من بناء بنية تحتية ومشاريع ستراتيجية عملاقة والحاجة الملحة الى تكاتف الشعب معها لكي يكون هناك ربط بين الشعب وبين الدولة وتهيئته للمشاركة الفاعلة في البناء حتى تستطيع ان تذلل الصعوبات وتؤسس القاعدة القوية وفق المعطيات الآنية والمستقبيلة ولأيام طويلة الأمد

فالعمل ليس مقتصرا على الدولة حسب وانما يحتاج الى مشاركة الجميع لترسيخ الركائز واستغلال فرصة ما بعد سقوط النظام التي كان ينتظره الجميع لكي يبدأ مشروع بناء العراق ثانية وفق المعطيات المتوفره والجيدة من ازدهار الاقتصاد واستثمار الأموال وعدم انفاقها على الآلة الحربية وإعادة بناء البنية التحتية المنهارة وتحسين الدخل وإقامة علاقات حسن الجوار وعلاقات إقليمية ودولية والعودة الى خيمة المجتمع الدولي والنظر الى العراق كمشارك فاعل بعد ان أصبح على الهامش وفي القائمة السوداء التي أرادها البعث له وهو مخطط تحاول جميع القوى السياسية الفاعلة الآن ان تستثمره وتبدأ بمهمتها بتطبيع العلاقات وتهئية المناخ الملائم لها وفق المبادئ الرئيسية لنجاح هذا المسعى والتي يقف مقدمتها مساندة الشعب وتعاونه لخلق إطار جديد لمفاهيم التعامل الصحيح بين الدولة والشعب .

لا احد ينكر ان عملية الاحتلال هي فكرة مرفوضة وغير مقبولة ولا يوجد احد في العراق مهما كان لونه وانتمائه الطائفي او القومي او الحزبي يقبل ان يكون عبدا لأي جهة ، فالناس ولدوا أحرارا كما قال الرسول الكريم (ص) ومن مبدأ الحرية والديمقراطية التي تمنحها القوانين الطبيعية للإنسان رفض شكل العبودية والخنوع والذل والطاعة العمياء للمحتل ، وهذه العناوين التي قامت عليها الثورات في العراق والمشهود لها في طرد المحتل ومقاومته والمساهمة في إضعافه ، والعراق الذي بدأت العافية تدب في عروقه بعد إزاحة الكابوس المرير الجاثم على الصدور استفاق على هذه المفردة الصعبة وحاولت الثلة الطيبة من الشرفاء بكل وسائلها بمحاولة تغيير هذه المفردة وهذا القرار وقامت بالفعل بخطوات جرئية ونجحت في مسعاها وباشرت في أول عملية ديمقراطية يشهدها تاريخ العراق الحديث وتشكلت أول حكومة عراقية بالمعنى الحرفي للكلمة وقامت هذه الحكومة مع كل سلبياتها بخطوات مهمة وقوية من خلال سن تشريعات قوانين مهمة وسن دستور دائم للبلاد الذي يحفظ حقوق الجميع وكان الدستور بمشاركة الشعب الذي ىعلق عليه وقام بتعديل فقرات مهمة منه والاستفتاء عليه وكانت هذه اولى بوادر التعاون بينهما ، وكانت المساهمة الأخرى الفاعلة هي التوجه والتعاون التام الانفرادي بخطوة غير مسبوقه وبدوافع وطنية في مقاتلة الإرهاب والنهوض العشائري الكبير في الانبار بعد ان شعر الشعب الخطر الكبير الذي يحيق به فبادر الى المشاركة الفاعلة مع الحكومة حتى يتحقق لها النصر وتنهض قوية ثابتة وهذا التعاون حدث أيضا في البصرة ومدن الجنوب .

 الحاجة الآن الى نهضة في جميع القطاعات كما حدثت في بلدان العالم التي شهدت حروبا ونزاعات داخلية ولكنها استطاعت ان تتجاوز تلك العقبات وتقوم بتأسيس دولة قوية وتحقيق مكاسب اقتصادية من خلال استغلال الطاقات والكفاءات واستغلال الجهود الساعية للبناء وتحقيق النمو والازدهار على كافة المستويات والقطاعات الحيوية وهذا الجهد ذاته الذي سعت اليه تلك الدول لبناء مؤسساتها وإزالة ما تراكم فيها من أخطاء الماضي ، ولا احد ينكر ان المهمة صعبة الآن ولكن ينبغي من الجميع ان يكون بمستوى هذه المسؤولية ويقدم ما يستطيع تقديمه في هذه المرحلة والدولة بدأت بالفعل في مسرتها من تطبيق خطة فرض القانون وتطهير المناطق وملاحقة العناصر الإرهابية وبناء مجالس الصحوة والمصالحة الوطنية وغيرها ، فهل ستكون حضارة السلاح بديلا عن حضارة البناء والتقدم ؟ وهل من المجدي ان نزرع طلقة في الشارع بدل ان نزرع وردة في حديقة جميلة او نزرع نخلة مثمرة ؟ ما هو الأجدى في هذه المرحلة وماذا علينا ان نقدمه كشعب تجاه وطننا بغض النظر عن نوع الحكومة وانتمائها ؟ المرحلة الآن تريد من الجميع ان يتقارب في وجهات النظر والمواطن ان يرتقي السلم العمراني ويهيأ القاعدة اللازمة لذلك من خلا لنبذ العنف وإلغاء المظاهر المسلحة ، فاللجوء الى السلاح مظهر خير حضاري ومظهر غير مقبول .

 نحن نحتاج الى ان تتضح الصورة الحقيقية للعراق ، الصورة التي يجب ان يكون عليها في ظل ما تحقق له من ديمقراطية وحرية وقضاء على نظم الدكتاتورية ، يجب ان نستثمر هذا التقارب في وجهات النظر وان نكون يدا واحدة ونقول للحكومة اذهبي قاتلي فنحن معك مقاتلون واذهبي وعمري فنحن معك معمرون . يجب ان تسود روح التعاون وروح العمل وروح الأمل بين الجميع ويشعروا بمسؤوليتهم عن الوطن ونبذ كل ما يشوه كرامة الإنسان وحقه في تقرير مصيره ، ومسؤوليتهم أمام التاريخ كصناع حضارة كما خلفها لنا الأجداد ، بعيدا عن التحزب والتخندق مع الطائفية والحزبية وتغليب العلاقة الوطنية على العلاقة الذاتية ذات المصلحة والتي لا تبنى الا على أساس هش سيسقط سريعا ،يجب ان نبتعد كل مظاهر القوة التي وضعت أبناء المجتمع بين المطرقة والسندان ، نحن هنا نحتاج الى بناء مرحلة جديدة لمشروع تقدمي متمثل بالنزاهة ومحاربة الفساد .

فهنا يجب على العراقيين جميعا وبالذات الأخوة في التيار الصدري ان يساهموا مساهمة فاعلة في بناء العراق وان يكونوا عونا له لاشينا حتى تكتمل حبات العقد ، فنحن كعراقيين لا نريد ان نفرط بأي شخص مهما كان لونه لأن العراق للجميع وليس لفئة وشخصية معينة ، كفاكم حروبا وكفاكم قتلا ، التفتوا الى العراق الذي شربتم من نهريه حد الارتواء ، التفتوا الى ما دمرته آلتكم الحربية وما جلبه سلاحكم من آثار وخيمة ولنساهم جميعا بإبعاد العناصر المسيئة التي لا تريد افتعال الحرب وتريد ان تحرقه حتى لا تقوم له قائمة ، يجب ان تكونوا عراقيين بعراقتكم وتكونوا اصلاء بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، كونوا بحجم الاسم الذي ترفعونه شعارا لكم ، وكونوا بمقدار اللافتات العريضة التي أوهمتم أنصاركم بها وتبعوكم دون النظر الى حقيقة المقاصد وما تبطنون ولم تطبقوا منها حرفا واحدا ، كما يريد العراق وكما يريد أبناؤه الشرفاء الذين لم يساموا على عروبتهم وعلى بلدهم وقدموا التضحيات من اجل ان يكون بمستوى الطموح ويصل الى مستواه ومكانته بين دول العالم ، هذه دعوة مخلصة الى الانضمام ثانية مع عائلة العراق الكبيرة والشرب بذات الكأس الذي شرب منه الجميع ، جربوا ان تكونوا عراقيين وسترون النتيجة ان لغة الورود ستكون أقوى من لغة السلاح ، فالسلاح لن يبني دولة وبلن يكون خسارة بل هو آلة تلتهم الحرث والنسل ، تعالوا لنركل الحرب ونلقي رشاشاتنا ونحمل بدلا منها ورودا نزرعها في الحدائق الجميلة التي يلعب بها أطفالكم ، فأعطوهم مستقبلا مزهرا ولا تعطوهم رصاصا قاتلا .، وحاولوا أن ترمموا العراق من خرابه الذي خلفته آلتكم الحربية المدمرة ورصاصكم الطائش الذي لم يميز بين أحد ، تكونوا بحق من يستحق العيش على أرضه والنوم على ترابه هي دعوة الى الشرفاء عسى ان يكون هناك من يسمع .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك