سعد جاسم الكعبي||
واخيرا افرجت حكومة مصطفى الكاظمي عن الورقة البيضاء لاصلاح الاقتصاد ومحاولة هروب بالبلاد من حافة الافلاس.
هذه الورقة الكثيرين لايتفألون بها، وعذرهم بذلك تجاربهم السابقة مع الحكومات المتعاقبة وبرامجها الاصلاحية التي ظلت حبيسة الوعود والامنيات ،بل بعضها كانت بابا اوسع للتجاوز على مشاريع الدولة وسرقة تخصيصاتها.
فمعظم قطاعات الدولة تعاني من ترهل كبير، والواردات النفطية في موازنة العام2019 على سبيل المثال والبالغة ،نحو 112 مليار دولار أنفق منها 80 بالمائة على رواتب الموظفين والمتقاعدين (64 مليار دولار رواتب للموظفين و10 مليار دولار الى المتقاعدين،ومنح اخرى لتهدئة الشارع).
أي أنه لم يبق من الإيرادات النفطية وقتها إلا 18 مليار دولار أنفقت على باقي قطاعات الدولة العراقية ما شكل عجزاً مالياً كبيراً تم تغطيته من خلال احتياطي البنك المركزي من القطع الأجنبي والقروض التي تضخمت وباتت تشكل خطراً على مستقبل العراق وحاضره.
مقرر البرلمان احمد الصفار أقر بانه في حال توفير قانون الاقتراض للحكومة سيرتفع الدين العام الى 120مليار دولار داخليا وخارجيا..
كما انه يعترف ان رواتب الناس،ستبقى رهينة بموافقة البرلمان لتامين تلك الرواتب ومن دونها سيكون الوضع صعبا.
وكالعادة صار كلا يدلو بدلوه،البعض هاجم الورقة ووصفها بانها تصلح كدراسة او بحث وليس اساسا للاصلاح وان الاستئصال والحلول الجذرية هي الاهم من التنظير.
اما الاخرين فيرون انه ليس امام الحكومة والبرلمان سوى هذا الطريق والا فالافلاس هو الطريق الوحيد للدولة .
مايهم المواطن البسيط هو توفير لقمة العيش من خلال راتب يتقاضها،ولايمهه الاصلاح وشكله وكيفية تطبيقه.
فالناس فقدت الثقة بالمنظومة الحكومية ،وربما لاترى فيها املا بالعبور بالبلاد من الازمات التي خلقتها طبقة سياسية تدير البلاد منذ 17عما واسهمت بمختلف السبل باغراق البلاد بالفساد والمحسوبية ونهب المال العام.
الغريب ان اكثر الناس ترى الاصلاح يتم باعتقال رموز سياسية بدلا من اعتماد برامج اصلاحية ،لان اغلبهم يملكون مفاتيح حل هذه الازمة باعادة الاموال المهربة للخارج والمقدرة ب500مليار دولار ومحاسبة من قام بتهريبها ،كائن من يكون.
الورقة الكاظمية البيضاء قسم كبير بل معظم الطبقة السياسية تراها ليست سوى شعارات فارغة وتشكك بقدرتها على الاصلاح ،لانها متأكدة ان ماتبحث عنه الحكومة ليس في داخل العراق،ولذا ترها تتهكم وتسخر من هذه الورقة التي تراها (مصخمة).
الورقة البيضاء قد تكون حلا لبعض المشاكل وليس كلها ، لكن شرط ذلك يتوقف على جدية من ينفذها وان يرافقها ارادة سياسية قوية من قبل الفريق الحكومي ممثلا بالكاظمي وقدرته على مواجهة رموز تقليدية يتهمها الشارع بالفساد،اما غير ذلك فهي لا تتعدى «طشة» اعلامية وحسب.
ـــــ
https://telegram.me/buratha