وجد موظفوا الدولة انفسهم إزاء ازمة مالية حقيقية لايحسدون عليها ، بعد ان تاخرت الحكومة بصرف مرتباتهم لشهر ايلول المنصرم.. تأخر الراتب صار فرصة للفريق المناوئ للحكومة ،بينما وجدها الفريق الحكومي ومن يؤيده بساحات التظاهر،سببا في النيل من البرلمان وكتله التي تتهم بانها وراء ما تشهده البلاد من ازمات سياسية واقتصادية .. الحكومة وعلى لسان وزير ماليتها علي عبد الامير علاوي قالت ان صرف الراتب مرهون بقانون الاقتراض الذي ينتظر داخل مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي،بانتظار الفرج. الناقمون على الكاظمي من كتل برلمانية معارضة تطالب حكومته للايفاء بالتزامتها تجاه الموظف المسكين ،علما انها جزء من المشكلة والحل بذات الوقت ، فهنالك من يتهمها بانها تعرقل اقرار الاقتراض داخل قبة البرلمان لإحراج رئيس الوزراء. هذه اللعبة الخاسر الوحيد فيها هو الموظف البسيط ممن ينتظر الراتب مثل هلال العيد ليفي بالتزامات قد لاتبقي منه سوى النزر اليسير ربما لايكفيه لنهاية الشهر. قد لايعني هذا الامر كثيرا المتظاهرين لانهم في الاغلب ممن لايملكون راتبا يعولون عليه،كما لا يتضرر منه اصحاب الدراجات الخاصة برواتبهم المليونية الكبيرة . زميل لي يكثر الذهاب لساحات التظاهرات قال ان الموظفين ربما سيدخلون تلك الساحات بحثا عن رواتبهم المتعسرة، وسيرفعون شعار #انريد راتب،وليس وطن،فالراتب اهم من الوطن !. اذكر انه في اول قيام التظاهرات قبل عام بحت اصوات الناشطين مطالبين الموظفين بالاضراب ،لكنهم لم يجدوا اذنا صاغية واستمروا بالدوام وتوزعوا بين مؤيد فيسبوكي للتظاهرات طمعا باجازة اجبارية بحظر تجوال شامل ، واخرين سارت مفردات حياتهم اليومية بذات الوتيرة دوام ومطاعم وكافتيريات ومتنزهات،ونوم ،كانهم لاتعنيهم التظاهرات بشيء مادام راتبه ماشي ياخذه نهاية الشهر. ترى هل يعون الان انهم ليسوا بعيدين عن الخطر وان التظاهرات (السلمية) المطالبة بالحقوق هي ليس من اجل وظيفة وبضعة الاف من الدنانير ،بل من اجل مستقبل بلد باكمله. الغريب ان الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 الى اليوم تعمل بذات النهج ان الدولة دولة موظفين فقط ،فالسلف والقروض والتسهيلات والجمعيات وكل شيء للموظفين وعددهم لايتجاوز ال6ملايين ومعهم المتقاعدين ربما 10ملايين ،فيما غير الموظفين هم نحو 30مليون مواطن ليس لهم شيء بهذا الوطن ،ولايملكون منه سوى جنسيته . خلل كبير في ادارة الدولة العراقية الجديدة التي تعلمت الكسل والاعتماد على النفط فقط ،بينما غيبت القطاع الخاص وحتى العام في فوضى الدولة الريعية ،بعكس دولا مجاورة غادرت الاعتماد على النفط مثل الإمارات والسعودية التي تكون حصة النفط بالموازنة لاتتجاوز ال27% والحال ذاته مع تركيا وايران . اعتقد ان الراتب اذا تاخر اكثر من ذلك سنرى شعارات جديدة بساحة التحرير ومثيلاتها من قبيل #نريد -راتب،بدلا من نريد وطن.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha