لسنوات مضت السياسيون عندنا ،اكثروا من الحديث عن هيبة الدولة وضرورة اعادتها واحترامها ،بينما هم اول من تجاوزوها واستهانوا بها. المعروف ان هيبة الدولة الحقيقية تتحقق بخدمة مواطنيها وتوفير سبل الراحة والأمن لهم، لا بترويعهم وقتلهم وتهجيرهم من منازلهم، وابقائهم في فقر مدقع. في الظروف التي يعيشها العراق وطوال عام من التظاهرات ضد الفساد وتحكم طبقة سياسية بمقدرات الدولة ونهبها، ضاعت هيبة الدولة وسرقت جهارا نهارا، خاصة بعد سنوات امتدت ل17عاما من تراجع الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي لمختلف طبقات الشعب وخاصة معدومي الدخل وما ترتب عن ذلك من مستويات تمخضت عن التراجع الى حالة اللادولة وهيمنة السلاح المنفلت وغياب او تغييب القانون بشكل مطلق ، وماترتب عنه من حراك اجتماعي واتساع لفضاءات الاحتجاج والتظاهر اللذين اتخذا احيانا طابعا عنيفا سواء من جهات مسلحة ضد المتظاهرين،او كرد فعل منهم تجاه الاحزاب ومايمثلها من مقرات . فهل نحن فعلا أمام مشهد انهيار هيبة الدولة ؟ أم انهيار نمط من الدولة وأسلوب من الحكم المنخور ،والذي بنى هيبته بالمحوسبية تارة او بالقمع والترهيب وتصفية كل صوت معارض تارة اخرى. شارعنا المنتفض منذ عام يعاني من ازمة عدم التفريق بين منطق الدولة والحكومة ، فالحكومة جزء من الدولة وليس العكس،فقد تذهب لاي سبب كان ،بينما تبقى الدولة . مشكلتنا الحقيقية ان هنالك احزاب وجماعات مسلحة تتعامل بمنطق واحد انهم هم الدولة ولاينبغي التطاول عليهم حتى لو سرقوا البلد ونهبوا حقوق شعبه وامتهنوا كرامة ابنائه،بينما في حقيقة الامر انهم يتعاملون بمنطق دولة داخل الدولة او اللادولة، وهو ماجلب الخراب والفوضى وانهيار واضح لكل شيء في العراق. ومن المضحك ان تتسابق الشخصيات والجهات والاحزاب المتهمة بسلب الوطن وتخريب بناه التحتية من خلال سرقة تخصيصات المشاريع التي بلغت نحو5000 مشروع ظلت وهميةالى اليوم ،اونهب اموال الموازنات منها الاستثمارية على وجه الخصوص والبالغة 400 مليار دولار،اقول من السخرية ان تتباكى تلك الجهات على هيبة الدولة !!. من دون وجل هيبة الدولة في دخلت بغيبوبة منذ 1979مع وصول صدام للسلطة حيث اختزلت الدولة بمقولة«اذا قال صدام قال العراق»،ووصولا الى الاحزاب وقادتها الذين عمدوا لتغييب الدولة ومرغوا هيبتها في وحل فسادهم. ايها السادة هيبة الدولة ان لايخاف المواطن على نفسه وهو في بيته ،هيبة الدولة ان لايسرق حقه ،هيبة الدولة ان تكون عدالة بالتعيينات ولاتباع لحبال المضيف،هيبة الدولة ان لايعتقل الانسان ويظل سنين من دون تحديد مصيره ،هيبة الدولة طفل يجد رحلة مدرسية يجلس عليها ،هيبة الدولة ان لاتدخل مياه المجاري لبيتك في الشتاء وتعاني من الحر صيفا لانقطاع الكهرباء.. هذه ابسط الحقوق التي تظهر هيبة الدولة ماعداها الدولة غائبة ،ومن غاب لاوجود له.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha