المقالات

بغداد: الأرملة التي أحترق كوخها...

1222 01:04:16 2014-06-01

حيدر فوزي الشكرجي

وقفت أتأملها وقد إمتلأ وجهها غضونا وتجاعيد وأحدودب ظهرها بفعل مرارة السنين، غرقت وأنا انظر في عينها في بحر لا متناهي من الدموع، مع ذلك كله فما زلت أراها الأجمل ولا أرى من يضاهيها جمالا، وأناقة فهي الغادة بين قريناتها، لم يعتد أحد سابقا رؤيتها بالسواد، أما الان فكل ملابسها سود محمرة، هي الحرة الأصيلة ذات الحسب والنسب التي ظلمها أهلها وزوجوها إلى ملك من العبيد، فأسكنها بعد القصور كوخا، لا نوافذ له ولا أبواب وسط غابة من الذئاب الجائعة.
إعتادت كل يوم مراقبة هذه الوحوش تدخل كوخها البائس، وتلتقف أحد أبنائها الجياع لتأكله أمام ناظريها، فتندب وتصرخ وتبكي دما ولا مجيب، فتجمع رفاته وتدفنه بيديها مع أخوته الذين سبقوه في باحة الكوخ.
بعلها مخمور بلا خمر، لا هم له في الدنيا إلا ظلمها وسرقة ثرواتها، يضحك لبكائها ويتلذذ بذلها وحزنها على أولادها، قلما يرى أهل بيته الكسوة والطعام.
لا أستطيع تخيل حالها فقد قيل أن الرجل يشيب بمجرد وفاة أمه، فما بال الأم التي تلد وترضع وتربي وتزق أولادها الحنان زقا، ليذبحوا بدم بارد أمامها بلا رحمة ؟ أكاد اجزم أنها تتمنى أن تسبق رفاتها أبنائها تحت الثرى.
أصبحت كسعفة نخل في مهب الريح، لم أتحمل ما أراه، تمنيت لو كانت لي المقدرة على مقابلة ولي أمرها، لخاطبته صارخا: يا هذا ألا تعلم من هي؟ ألا تعلم كم من الشعراء تغنى بمفاتنها وخصالها؟ وكم من الملوك والأمراء طلب وصالها؟ أنها بغداد يا ظالم ، بغداد العلم والمعرفة، بغداد الحضارة، بغداد الكاظمين، عاصمة العالم المنكوبة، التي لم يعد يرى منها الآن سوى الدم والدخان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك