محمد حسن الساعدي
ونحن نعيش في خضم الخلافات الحادة والخطيرة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان, بدءً من مشروع سحب الثقة عن هذه الحكومة، وإثارة ملفات الفساد وانتهاءً بالاستجواب، نجد ان حالة الخلاف والاختلاف هي السائدة في هذه العلاقة المتوترة وهي تسير نحو التصعيد والتعقيد أكثر فأكثر وكان شيئاً يجعل هذه العلاقة في توتر دائم ,آخر هذه التصعيدات هو منع الجيش العراقي من قبل قوات البيشمركة من حماية حدوده مع سوريا, من تسلل الارهابيين.أثر الملف السوري والذي القى بضلاله على المشهد العراقي، مثل هذه التصرف الذي أجاز لقوات البيشمركة من منع القوات الحكومية تحمل الصفة الدستورية في حماية الارض العراقية من الشمال الى الجنوب ومهما كانت هذه الاسباب والخلافات لايمكن ان تجعل هذا القوات سلطة للوقوف بوجه الجيش العراقي واخذ دوره الطبيعي في حماية ارضه وحدوده، وجاءت الاخبار الاعلامية التي تؤكد على وجود اتفاقات بين الاقليم وشركات طيران لدول معادية والسماح لطائراته بالهبوط في مطار اربيل وجاءت هذه التسريبات لتضع العلاقة بين الاقليم والمركز على المحك، وان مسار هذه الاحداث آخذ منحى آخر في التجاوز على الدستور وعلى الاتفاقات المبرمة بين الطرفين، وهذا ما يجعل العلاقة بين الحكومة والاتحادية في خطر يهدد المصالح والثوابت الوطنية للدولة العراقية.واذا ما استمرت هذه الطريقة التي يتعامل بها الكرد مع الحكومة الاتحادية فأن هذه الازمة مرشحة للتصعيد اكثر فأكثر فهذا التصعيد تجاه الحكومة يبدو انه لم يكن وليد اليوم وان الحكومة الاتحادية لم تحسن التصرف أزاء هكذا أشارات استفزازية من الاقليم من حيث المطالبة بالانفصال والاستقلال وهو هدف يحلم به الكرد منذ عقود مضت، فبين الحين والآخر تطل علينا أزمة من هذه الازمات المفتعلة من الكرد وما هي إلا محاولة لجس نبض الحكومة الاتحادية ومعرفة مواقفها وهذا ما يجعل الحكومة تسير مع هذا الاستفزاز بسهولة، ويبدو ان القيادات الكردية قد وضعت هدف الانفصال من ضمن اولوياتها الاستراتيجية والتي تعمل عليها وأصبحت تعمل بشكل مدروس وممنهج من اجل تحقيقه .كانت زيارة وزير الخارجية التركي الى كردستان والى كركوك تحديداً هي التصعيد الاكثر خلال الفترة السابقة والذي اثار حفيظة الحكومة المركزية واعتبرته استفزازا واضحاً وتدخلاً في شؤونها الداخلية مما زاد في حدة التوتر بينهما، الى ذلك انطلقت الكثير من الدعوات الى ضرورة ايقاف الخطاب الاعلامي المتشنج بين الطرفين والبدء فوراً بالجلوس الى طاولة الحوار الجاد لأنها السبيل الوحيد لإيجاد الحلول الناجعة للخروج من الازمة، والتأكيد على ضرورة اعادة تفعيل اللقاءات والحوارات الجادة والمسؤولة بين اطراف الصراع لبحث نقاط الخلاف بعيداً عن لغة التهديد والتسقيط والتحريض واعتماد منطق الحكمة والاستناد الى الدستور والمواثيق والاتفاقات في حل جميع المشاكل العالقة، فغياب الثقة وقطع عرى التواصل بين الفرقاء السياسيين يعد احد الاسباب الرئيسية لتوسع بؤر الخلاف وتجدده .ان الحكمة اليوم تقتضي وقف تصعيد الخطاب الاعلامي والبدء بالجلوس على طاولة الحوار لتطويق الازمة والمباشرة بالحوار الجدي بين الفرقاء ويجب على الجميع ان يعوا حجم المخاطر الكبيرة التي يمر بها المشروع الوطني في العراق من خلال إثارة الفتن والنعرات القومية والطائفية وإثارة المواجهات بين الحكومة الاتحادية والإقليم والتي لاتخدم سوى اعداء العراق الجديد .
https://telegram.me/buratha