التحليل السياسي/ غانم عريبي
هاتفني من مكانه بإحدى الفنادق العراقية في الجادرية وكشف لي عن جانب من الاستعدادات العربية في تركيا، مؤكدا إن القاعدة العربية في الجزائر وليبيا والمغرب وسوريا عقدت اتفاقا مع بلدانها وأنظمتها العربية برعاية تركية والهدف الأساس من تلك الاتفاقية السفر إلى تركيا والقيام بعمليات عسكرية ضد القوات السورية في شتى مناطق القتال والإسهام في إسقاط بشار الأسد كما تمت تلك الاسهامة في قتال كتائب القذافي وإسقاط النظام الليبي.. برعاية وتدريب وتسليح تركي وغض نظر أميركي !.
هو صديق عين أخيرا دبلوماسيا في إحدى دول الجوار العراقي لم يكن على علم مسبق بزيارة ديار بكر التركية لكن الرجل حزم أمتعته وأمره وسافر إلى هناك للإقامة يومين من اجل مقاصد دبلوماسية لكنه فوجئ كما قال لي بحجم كبير من المسافرين في المنطقة التركية هذه حتى بلغ الأمر إلى أن الفنادق لم تعد تستوعب هذا العدد الكبير من المسافرين الذين أتوا من المغرب وليبيا والجزائر وسط اهتمام وترحيب من نظرائهم الأتراك!.
قال صديقي: "ولكي أتعرف على أسباب مجيء هؤلاء العرب إلى ديار بكر التركية أبديت تعاطفا مع الربيع العربي ومع "ثورة الشعب السوري" ومطالب الإصلاح التي لم تعد تنفع مع نظام تأخر كثيرا عن بلوغ ربع المطالب.. وتحدثت كثيرا عن ذلك مع رجل سوري يبدو انه محوري في حركة استئجار الغرف والأجنحة الفندقية في المنطقة التي أغلقت تماما على الأخوة "المجاهدين"!.
قال لي الأخ "المجاهد السوري" وجلس إلى جانبه رجل آخر من المغرب بعد أن سألته عن هذا الوجود الكثيف للعرب القادمين من شمال أفريقيا، فأجاب: "أنهم مجاهدون تركوا مواقعهم في الرباط وأفغانستان وطرابلس واتوا لنصرة الثورة السورية وإسقاط بشار الأسد بعد أن تعذر على المقاتلين السوريين إسقاطه بجهودهم الذاتية وحين رأينا أن الأمر سيطول أبدينا تعاطفنا واتصلنا بمقرات الثورة في تركيا واتينا إلى هنا بتسهيل تركي واضح بالرغم من ممانعة القيادات العسكرية التركية لكن الأمر تم بقرار من رئيس الوزراء اردوغان الأخ غير الشقيق للثورة الاخوانية في سوريا"!.
تابع الرجل المغربي قائلا "حتى نصل إلى تركيا نطير من الجزائر والمغرب إلى ليبيا والسلطات السياسية والأمنية في المجلس الانتقالي الليبي تسهل لنا الأمر فنطير من ليبيا وننزل في اسطنبول بعدها يأتون بنا بباصات كبيرة مع مرافقة عسكرية وحماية أمنية وينزلوننا في فنادق هنا في ديار بكر ثم يتم نقلنا امنيا إلى معسكرات تدريب أعدت لنا لهذا الغرض وبعدها يتم إدخالنا بواسطة عناصر أمنية وعسكرية تركية وأعوان سوريين إلى الأراضي السورية وهناك يتم توزيعنا على المدن ومناطق القتال حسب الحاجة وحسب اختصاص كل واحد منا"!.
وأضاف صديقي: "فهمت من الناقل السوري والآخر المغربي أن القوات التركية وأجهزة المخابرات تشرف على تدريب وتأهيل هؤلاء المقاتلين وتتولى رعاية قادة ومسؤولين عسكريين منهم في مكاتب وبيوت تم استئجارها لهذا السبب وربما تتحول تركيا بعد سنوات قليلة إلى قاعدة متقدمة ومحورية لحركة القاعدة العربية وقد يكون ذلك تم بالتفاهم مع الطرف الأميركي" !.
المهمة هي قتال القوات السورية لكن الهدف الستراتيجي الإمساك بالأرض السورية التي ينتزعونها من الجيش النظامي في قتال المدن الكبيرة وحتى العاصمة والتمركز فيها لإنشاء مناطق آمنة والمبرر الدائم الذي يقوم به الجيش الحر لإقناع المجتمع الدولي المتعاطف أساسا مع "الثورة السورية" منع دبابات الأسد من ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات البشرية بحق المدنيين الأبرياء جدا القادمين من المغرب والجزائر ومن تلمسان والدار البيضاء!.
يقول الدبلوماسي العراقي.. وأنا موجود في الفندق غادرت مجموعة من المغاربة والجزائريين إلى حلب السورية وحين سألت "الصديق السوري" قال لي علنا ..إنهم ينفذون واجبات دفاعية لحماية الثورة في حلب ونعتبر الثورة المسلحة هناك جزءا من استمرار حركة الثورة في دمشق العاصمة والمناطق الآمنة هي الحد الأدنى من الأهداف التي نشتغل عليها الآن هذا إذا لم نستطع بلوغ هدف انهيار الجيش السوري والقيام بخطة الانقلاب العسكري بالتعاون مع الأتراك فنحن عازمون على البقاء في الأراضي السورية لكي نقيم الملاذات الآمنة تماما كما جرى في الوضع العراقي فقد كانت المناطق الآمنة تحديا جغرافيا وسياسيا للنظام وشكلت عاملا مقلقا له وربما استخدمتها القوات الأمريكية في الحرب الأخيرة عام 2003 قاعدة انطلاق لإسقاط صدام!.
تحدث السوري قائلا "المجموعات المغربية والجزائرية والليبية التي تراها الآن جرت الخطة العسكرية بالتعاون مع المخابرات التركية وتقسيمها إلى ثلاثة محاور و3 مجاميع هي: مجاميع استشهادية مجموعات خاصة بتنفيذ العمليات النوعية ومقاتلون ميدانيون، وقد نفذت تلك المجموعات نشاطا نوعيا كبيرا كان له دور في توسيع رقعة العمليات العسكرية ضد الجيش السوري أما القسم الأهم من القوات الثورية المغربية والجزائرية فقد تم تسويقه على جبهة شمال القامشلي بعد سيطرة قوات الـBKK عليها بالتعاون مع النظام السوري وهنالك تعاون حقيقي بين هذه القوات "العلوية" الأصل وبين الجيش السوري وربما كانت خطة مقاتلة هذا التنظيم الكردي المعارض للسياسة التركية تحقيق توازن رعب بين المعارضة التركية الموجودة في سوريا والمعارضة السورية الموجودة على الأراضي التركية!.
الصديق الدبلوماسي أكد في حديث لي "أن الأوضاع السورية في غاية الحراجة والمقاتلون العرب الوافدون إلى تركيا امضوا سنوات طويلة في حرب الأغوار الأفغانية وقد تدربوا في امهر المعسكرات التي كان بن لادن يخصص لها ملايين الدولارات لكي تكون حواضن حقيقية للتدريب وإعداد المقاتلين بالقياس إلى رداءة أداء وبنية الجيش السوري الذي غادر أجواء المعارك منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية وخلوده في المعسكرات وهو ما كشفته المعارك الأخيرة التي لم ينجز فيها ربع ما كان عليه انجازه بالقياس إلى حجم الإعلام الممنوح للترويج والدعاية السياسية"!. قبل أن انهي حديثي مع الصديق الدبلوماسي همس الرجل..
في يقيني أن المعركة الفاصلة لم تبدأ بعد وما جرى غضبة أسد في دمشق بسبب مقتل قادة خلية الأزمة وهو المبرر الوحيد الذي اظهر فيه الرئيس السوري حزما في تطويق المسلحين وضربهم في العاصمة مع إن المعلومات الحالية "أمس" كشفت عن انهيار في جبهة العاصمة عبر تجدد المعارك في كفر سوسة ومخيم اليرموك والزاهرة والتضامن تلك المناطق التي أعلن النظام السوري السيطرة عليها وإخراج المسلحين منها!. كان الصديق يتحدث عن جبهة العاصمة وكانت يدي على "وطني" وأنا اسمع لعلعة الرصاص الآتي من مديرية مكافحة الإرهاب التي اقتحمها مسلحون إرهابيون لغرض إطلاق سراح مجموعة من أعوانهم فيما كانت الذاكرة تسرح إلى حيث توجد كتائب المسلحين السوريين في معبر البوكمال وهي تلوح ببنادقها وتصرخ بوجوه المقاتلين العراقيين .. اليوم درعا وغدا الكوفة!.
https://telegram.me/buratha