حيدر عباس النداوي
أفرزت الأحداث الدموية المأساوية التي تشهدها عدد من المدن السورية بسبب الصراع الدائر منذ اكثر من سنة بين القوات الحكومية الموالية للاسد وبين ما يسمى بالجيش الحر والعصابات التكفيرية التابعة لتنظيم القاعدة والمقاتلين الاجانب المدعومين من امريكا وتركيا وإسرائيل والممولين من السعودية وقطر, عن بروز حالة من الاستقطاب الطائفي والتكفيري لهذه المعارضة وبصورة ملفتة وجلية ظهرت من خلال افعال واقوال وبيانات هذه الجماعات ضد كل القيم السماوية والأعراف الإنسانية والقوانين الوضعية التي ينشد الانسان من ورائها الحرية والعدالة والسلام.ويمكن تشخيص الكثير من المعطيات المهمة للمرحلة اللاحقة لسير الاحداث في سوريا من خلال قراءة الكيفية التي وقعت فيها الاحداث الاخيرة في العاصمة دمشق وما جرى على الجالية العراقية تحديدا من تجاوزات وقتل وترويع وابتزاز وكذلك دراسة الاسباب الحقيقية التي تقف وراء الفتاوى المظلة التي اطلقها ائمة السوء والتكفير والداعية الى تفجير وهدم الاضرحة المقدسة لاهل البيت في دمشق ومدن سورية اخرى يعرف مدى الخطر الذي تشكله هذه العصابات على المنطقة برمتها وعلى السلام والاستقرار اذا ما تمكنت هذه العصابات من ازاحة نظام الاسد.ان مجرد القتل على الهوية او التهديد بفرض منطق القوة وتغييب الاطراف الاخرى ومنعها من اداء طقوسها وشعائرها التعبدية يبعث برسالة واضحة وصريحة الى المجتمع الدولي والمؤسسات الديمقراطية والهيئات التي تعنى بحقوق الانسان بضرورة الوقوف بوجه مثل هذه العصابات ومنع وصولها الى اهدافها والطلب من الاطراف المانحة والممولة التوقف فورا عن دعم وتمويل مثل هذه المجاميع والعصابات المجرمة،لان الاستمرار بدعم هذه المجاميع الإرهابية المعادية للإنسانية والديمقراطية من قبل بعض الأطراف الدولية والمحلية سيؤدي بدون شك الى بروز حالة من التطرف والمغالاة من قبل الأطراف الأخرى التي تشعر بالغبن والمظلومية وبالتالي فان حدوث صراع دموي طائفي امر وارد جدا سيجعل المنطقة بأجمعها في دائرة الخطر والاشتعال ولن تكون هناك دولة بمأمن من هذا الخطر خاصة في ظل التداخل الديني والاثني والعشائري الذي تعيشه دول المنطقة باجمعها.ان العالم اليوم امام مسؤولية كبيرة لتصحيح أخطاء المرحلة السابقة ووقف الاخطاء التي ارتكبتها العديد من الاطراف الدولية والاقليمية عندما سمحت للتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول وعليه ان يسارع بالضغط على أطراف الصراع في سوريا ووقف كل أشكال الدعم للمعارضة والضغط على الحكومة السورية للقيام بإصلاحات حقيقية وتشكيل حكومة وطنية يشارك فيها الجميع تكون مقدمة لإجراء انتخابات ديمقراطية تعددية لان وصول عصابة القاعدة الى الحكم في سوريا لن يخدم اي طرف سواء المؤيدين للتغير او المعارضين له انما سيدخل المنطقة في نفق مظلم وسيعيدها الى مرحلة العصور المتاخرة طالما ان العقلية التي تتحكم بفكر هؤلاء هي عقلية التخلف والاستبداد والقتل.
https://telegram.me/buratha