سعيد البدري
ربما ينظر الجميع الى الصراع الدائر في سوريا من زاوية واحدة وتفسر المواقف هناك على اساس شعب ونظام اعداءه والمرتبطين به ومصالح الغرب امريكا واوربا وضرر حلفاء الاسد الروس والصينيين والايرانيين, العرب وموقعهم ودوافعهم الطائفية, حزب الله والكيان الصهيوني التنوع الاثني والطائفي والعرقي وعروبة سوريا التي كانت شماعة للتصفية وادعاء هضم حقوق السنة في سوريا من قبل الاقلية الحاكمة العلوية وهذه وجهة نظر العروبيون طبعا, لكن هناك معسكرات وتحالفات ولاعبون اخرون ربما يختفون خلف مسرح الاحداث ولربما كشفت عنهم احداث جرت وتجري خلف حدود سوريا ومن جوارها.فبعد منع قوات البيشمركة الكردية قوات نظامية عسكرية عراقية من الوصول الى اقصى الحدود العراقية من جهة الموصل مع سوريا تكشفت اوراق لاعبين اساسيين ربما يدفعهم الطموح, الامل, الحلم الضائع وربما الكابوس المنتظر الذي يخشاه الزعيم الكردي جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الحالي ويدفع باتجاهه رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني والذي تكشف بعض التسريبات تدريبه لعناصر كردية سورية في اقليم كردستان العراق وعقده باسمهم اتفاقات مع قادة الازمة والمعارضة السورية وحتى مع الجار العدو لسوريا الكيان الصهيوني الغاصب.
ومع تسارع وتيرة الاحداث يرى المراقبون ان مثل هذه الخطوة الخطيرة جدا ستثير حفيظة تركيا التي تخشى تمدد الدور الكردي على حساب وحدة اراضيها مما ينذر باحتدام الصراع واستمراره وامتداده لمناطق اخرى خارج سوريا ليشمل فضلا عنها اجزاء من العراق وتركيا وهذا ما لا يتحمله الكرد حسب وجهة النظر الطالبانية, بينما تدفع مسعود البارزاني احلامه بتحقيق الدولة الكردية مهما كانت النتائج معتمدا على تكتيكات وتحالفات مع الغرب والكيان الصهيوني وبعض العرب المرتبطين ايضا بهذا الكيان كحكومة قطر بشكل مباشر والاردن والسعودية كما يرى نفسه اليوم زعيما وممثلا للنضال القومي الكردي ضد التمييز القومي الذي عاناه الكرد في كل دول المنطقة منذ الاطاحة بمملكة مهاباد الكردية العام 1946, المهم ان البارزاني الذي نجح في استغلال الموقف الراهن في المنطقة يدرك جيدا الخطر التركي والتهديد المباشر للقوات التركية حيث ترتبط هذه القوى الاقليمية بتحالف متين مع الغرب وهي عضو في الناتو وبموجب عضويتها فأن الحلف ملزم بالدفاع عن وحدة اراضيها لذا اخذ التحرك البارزاني اليوم يتجه نحو التهدئة ونيل الحقوق الكردية بالطرق السلمية وتشكيل ضغط مباشر على الجبهتين معا,
فجبهة الاسد تراهن على بقاء الكرد الى جانبها وتعد بان تنظر في قضايا مهمة من قبيل الحكم الذاتي واعطاء اكثر من 700 الف كردي من اصل مليوني كردي حقوقهم التي انتهكت منذ العام 1962 حيث تم استبعادهم من التعداد السكاني العام ليبقوا في دائرة البدون والمواطنين غير الشرعيين كما هو الحال مع عشرات الالاف من المواطنين العرب في دول الخليج والذين تعتبرهم الحكومات الخليجية مضرين بتكوينها القبلي ووحدتها الطائفية لاصولهم العراقية والسورية والمصرية واليمنية وغيرها بينما يعدهم فريق المعارضة بقوة اكبر ودور متميز في صناعة القرار السوري المستقبلي خصوصا ان فريق المعارضة يؤمن ان الحرب ستخرج سوريا ضعيفة جدا بل اضعف انظمة المنطقة على الاطلاق نظرا للتعددية الكبيرة وقلة الموارد الطبيعية في البلاد.
لذا فهم يرون في وجود الكرد السوريين الى جانبهم قوة اضافية كونهم مرتبطين قوميا بكرد العراق الاثرياء دون ان يحسبوا حسابات انفصالهم مستقبلا وبين هذا وذاك يبقى الموقف الرسمي العراقي متأرجحا بين قبول امتداد كردي خطير عبر الموصل سيجر العراق في النهاية الى اقتتال داخلي كون عرب الموصل لن يقبلوا بمثل هذا التمدد والبقاء تحت رحمة الكرد في هذه المناطق المتنازع على بعضها وبين عدم القبول وعدم فعل شيء كبير يكبح جماح البارزاني بسبب ضعف الحكومة الاتحادية عسكريا امام الاقليم والى ان تكشف الايام القادمة عن مزيد من المواقف تبقى مسالة حسم الصراع في سوريا مسألة معقدة وصعبة للغاية بفعل تضارب مصالح جميع الاطراف المشتركة في هذه اللعبة المستعرة ....
https://telegram.me/buratha