حافظ آل بشارة
خبر يقول ان رئاسة مجلس النواب تدرس اسباب (الخروق الأمنية) ، وخبر آخر يقول ان وزارة العدل فتحت ابواب السجون امام لجان الأمم المتحدة التي جاءت لتتأكد من راحة السجناء وعدم تعرضهم للظلم ! ... مجلس النواب يسمي المذبحة التي حدثت في الثالث من شهر رمضان الجاري (خرق أمني ) مع انها شملت 15 مدينة واسقطت عشرات الشهداء ومئات الجرحى ، أي خرق هذا ؟ لجنة الأمن والدفاع اجتمعت مع رئيس مجلس النواب لمناقشة (الخرق الأمني) ، القضية مرتبطة بوزارات ليس فيها وزير ولا أمير ، لذا قال النواب انهم سوف يستدعون كبار القادة العسكريين لمحاسبتهم ، ماذا يقصدون بالمحاسبة ، (المبلل مايخاف من المطر) كبار المسؤولين في الدولة تحدثوا للاعلام عن المذبحة الأخيرة وهم يتكلمون بلغة : (نطالب) (يجب) (المفروض) كأنهم ضيوف علينا من المريخ ، مسؤول أمني كبير يقول : نطالب السلطات الأمنية باعادة النظر بخططها ... مسؤول في مكتب القائد العام (يطالب) ايضا واعضاء لجنة الأمن والدفاع (يطالبون) اصحاب القرار يطالبون ! كانت الحكومة في المذابح الكبيرة تشكل لجنة طارئة للتحقيق في (ملابسات الخرق الأمني) ولكن في هذه المذبحة الرمضانية لم تفعل شيئا ولم تتحدث عن (الملابسات) ، اعتاد المسؤولون على اللغة الجاهزة في تصريحاتهم ، جمل يحفظونها عن ظهر قلب يقولونها في جميع البرامج والاخبار على الهواء بدون اي انفعال كحديث الروبوتات ... أما قضية السجناء فالأمم المتحدة كثيرا ما تحن عليهم وتترك شعبا للمفخخات والدنيا حظوظ كما يقال ، من حقهم ان يحظوا بالرعاية والحنية الدولية ، فيهم المدان والبريء ، ولكن السؤال البريء هو لماذا هذا الاهتمام بالجلاد والاهمال الكامل للضحية ، هناك قوى سياسية تعمل ليلا ونهارا لخدمة السجناء وانقاذهم ، تطالب بعفو عام بلا قيد او شرط ، تقنع لجان الامم المتحدة بزيارة السجون ، تنفق الاموال لتهريب كبار المجرمين ، تعطي رشوات كبيرة لقضاة ومحامين لاصدار احكام مخففة عليهم ، أما الضحايا فلا توجد اي قوة سياسية ترعاهم ، (ضلوا الماعدهم عشيرة) تلقى جثثهم في الطب العدلي ، يأخذهم ذووهم الى المقابر ، ينصبون لهم مجالس الفاتحة والصراخ العشوائي ، مجلس الفاتحة مهدد دائما بتفجير انتحاري ناجح مئة بالمئة ، كل شهيد يقدم للمجتمع تشكيلة جديدة من الايتام ، خاصة وان اهل هذا البلد العشوائي يحبون الانجاب ، يدفعون الى الشارع افواجا متلاحقة من الاطفال بلا مبرر ، اطفال لن يحصلوا على خدمات تعليم ولا صحة ولا ملابس ولا طعام ولا ادب ولا اخلاق ، وهم مرشحون دائما لأن يكونوا ايتاما يحتلون مكانهم المشرف في سجلات شبكة الحماية الاجتماعية . كبار المسؤولين يعتقدون ان المواطن في الشارع لا يعرف هذه الحقائق ، يرون انهم هم العباقرة والمواطن غبي ، لكن عندما تسأل اي مواطن عن الذي يجري من مذابح يقول فورا : القوات المسلحة مخترقة ، اطراف في الدولة تخطط للمذابح وتمولها ، دول في المنطقة تريد استمرار هذه المذابح ، كبار المسؤولين غير مهتمين لأن أنفسهم واهليهم في أمان ، المقصرون غير مهتمين لأن أحدا لا يحاسبهم ، هذه اقوال الناس في المقاهي والسوق وفي حافلات النقل الجديدة الحمراء المبردة ذات الطابقين .
https://telegram.me/buratha