حيدر عباس النداوي
تفخر الحكومات في كل بلدان العالم بتعداد انجازاتها التي حققتها خلال سني مسيرتها لاقناع الناخبين بتكرار اختيار هذه الحكومة لدورة ثانية وثالثة لمواصلة الانجازات وتحقيق الرفاهية والاستقرار, ولكن بمجرد ان تنتهي الخيارات المتوفرة لهذه الحكومة ويبدأ الخط البياني لمنجزاتها في التراجع يقرر الناخب اختيار البديل الذي يعتقد بقدرته على توفير الانجازات التي فشل من سبقه في تحقيقها وكل هذه المنجزات والحديث عنها يكون عادة حديث موثق بالارقام ويمكن تلمس اثره في الحياة اليومية للمواطن بمختلف الاصعدة وليس حديث منابر اعلامية يفتقد للمصداقية ولا يصمد امام الحقيقة.واذا اردنا ان نعدد انجازات حكومة الشراكة الوطنية الحالية والسابقة تتوقف الذاكرة ويصيبها العطب والافلاس, بعد ان تفشل في الاهتداء الى منجز واحد يمكن ان يشار اليه بالبنان او يمكن تلمس اثره في الواقع المعاشي والامني والنفسي والترفيهي والخدمي والعاطفي, غير ان هناك منجز مميز لا يمكن غض الطرف عنه او تجاهله استطاعت الحكومة ولا زالت من حصد اعلى الدرجات في سعيها الحثيث لابقائه متالقا ومزهوا الا وهو منجز صناعة الازمات وادامتها وتفعيلها وتوفير معظم الوقت له, يساعد الحكومة على هذا المنجز اعضاء مجلس النواب من اعضاء الكتل المختلفة وعلى قاعدة "كل يجر النار الى تصريحاته".ومراجعة ليست دقيقة لمراحل صناعة الازمات والتي بدأت بازمة تشكيل الحكومة وخسارة تسعة اشهر دون ان يكون لها اي اهمية في حسابات السياسين بقدر حسابات الفوز والخسارة والحصول على المنصب تشكلت الحكومة" بنصف ردن", وقبل ان تبدأ الحكومة عملها حتى طفت على السطح العلوي للازمة الثانية ازمة مجلس السياسات الاستراتيجية وملف الوزارات الامنية والتوازن الوظيفي واتساع ثقب الاوزون في موازنة العراق المالية بسبب ملفات الفساد المالي والاداري المليارديرية، وكل هذه الازمات جاءت على اثر صفقة اتفاقية اربيل وما جرى تحت الطاولة المربعة.ولان الازمات لم تحل انما يتم تجميعها, ترتب على اثر ذلك حدوث ورم سرطاني لازمة معقدة ومستعصية اثرت على التحالفات القريبة فاصابتها بالشلل والرعاش وانتقل الصراع الى دائرة اكبر من الفرقاء السياسيين في وقت كانت مدافع الحرب تطلق بين دولة القانون والعراقية, لتعلن بعدها قائمة التحالف الكردستاني انظمامها الى جبهة المعارضين للحكومة, وقبل هذه الازمات الكبيرة حدثت الكثير من الازمات والاشكاليات منها ملف تصدير نفط كردستان ورواتب البيشمركة والموازنة المالية والمنافع الاجتماعية ونواب الرئيس وارهاب طارق الهاشمي وملفات الفساد وزواج عدد من النواب والنائبات.ومع هذا المد الجارف للمشاكل والازمات وانهيار ملف الامن وانتهاء كذبة النجاحات الامنية بسبب نزيف كل ايام الاسبوع بدماء ابناء الشعب العراقي واعلان الامم المتحدة عن تردي الواقع الخدمي في العراق, حتى وصل الى درجة الصفر على مقياس تجميع قواطي البيبسي والبحث في المزابل والتسول في جميع التقاطعات واشارات المرور, جاء صب الزيت على النيران من قبل جهة سياسية ماسكة لعدد من الوزارات الخدمية لتنظم الى طرف المناوئة ضد حكومة بغداد ومن هؤلاء المناوئين انبثق حلف اربيل الثلاثي والذي لا زالت ازمته مشتعلة وتتراوح لسعات نيرانه بين الاستجواب وطلب الاصلاحات بعد ان خفتت نيران سحب الثقة.وهكذا بدأت الحكومة بازمة سياسية وليست خدمية او وطنية واستمرت هذه الازمة لاهداف سياسية وحزبية وتواصلت هذه الازمة حتى اليوم لاهداف شخصية لم يكن للمواطن فيها ناقة ولا جمل, ومن المؤكد ان هذه الازمة ستستمر ليعلن في نهاية الدورة الانتخابية عن نجاح حكومة الشراكة الوطنية بتحقيق اكبر انجاز على مستوى البشرية في مجال خلق الازمات يفوق انجازات اليابان او دبي او التنين الصيني في مجال الخدمات والاعمار وتحقيق الرفاهية .
https://telegram.me/buratha