حيدر عباس النداوي
سنسلم جدلاً بما صرح به نائب رئيس الجمهورية المستقيل الدكتور عادل عبد المهدي عند لقائه مراجع الدين الكرام في النجف الأشرف، وما أعلنه رئيس لجنة العلاقات الخارجية النيابية والقيادي في المجلس الاعلى الدكتور همام حمودي من رفض المجلس للعرض الذي قدم من قبل ثلاثي أربيل والذي يقضي بسحب الثقة من رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي ومنح هذا المنصب للمجلس الأعلى يرشح من يريد ليكون رئيس وزراء العراق للفترة المتبقية من عمر الحكومة الحالية.ومن المؤكد ان موافقة المجلس الأعلى بهذا المنصب الذي هو أقرب إلى المنال من أي وقت مضى بعد حالة القطيعة التي وصل لها تحالف أربيل الثلاثي مع حكومة المالكي، والتي وصلت إلى حد مرحلة كسر العظم، أضف الى ذلك ان موافقة المجلس ستمنح الاغلبية المريحة لسحب الثقة عن الحكومة دون أن تترك ذريعة لرئيس الجمهورية جلال طالباني والذي برر عدم التوقيع على موضوع سحب الثقة من ان الشيعة في التحالف الثلاثي غير ممثلين بصورة واقعية، وان انضمام المجلس الاعلى سيضع رئيس الجمهورية في زاوية ضيقة مع ما للمجلس الأعلى من موقعية في نفس رئيس الجمهورية.إذاً ما الذي منع المجلس الأعلى من اغتنام هذه الفرصة ومسك المبادرة بيد من حديد، مثلما يفعل الآخرين واستغلال المنصب الأول في الدولة لاغراض حزبية وتنظيمية واعادة الهيبة للمجلس الاعلى الذي فقد الكثير من بريقه بسبب أخطاء الحكومة التي تحمل وزرها واخطاء المفوضية وقانون الانتخابات الذي اهدى أصوات ناخبيه الى التيار الصدري، بالاضافة الى أخطاء رجالات وقيادات المجلس الاعلى التي لم تكن مقصودة في كثير من الاوقات بعد تبني مبدأ ام الولد قولاً وفعلاً.وقد يكون في منهج ورؤى المجلس الاعلى وإطروحاته مدخلاً لمعرفة أسباب الرفض، والتي من أهمها ان المجلس الاعلى لا يبحث عن الحكم كغنيمة للتربح او الانتقام او التسلط انما يسعى الى بناء الدولة المدنية العصرية القائمة على العدل والحرية والمساواة وفق مبادئ الدستور الذي أقره الشعب العراقي، وان السعي الى الحكم في ظل الظروف الحالية يمثل انتحاراً وموتاً بسبب الظروف الشائكة والتي يعجز عن حلها لقمان الحكيم، هذا أولاً، وثانياً ان المجلس الاعلى أعلن ان المؤمن لن يلدغ من جحر مرتين، بعد أن قرأ ما بين السطور وأيقن ان بعض المنادين في اربيل بضرورة التخلص من المالكي لن يكونوا صادقين اذا جد الجد، وانهم سيتخلون عن تعهداتهم كما تخلوا عنها يوم رفضوا ترشيح المالكي في فترة ما بعد الانتخابات واقسموا أغلظ الايمان واعلنوا ان مفتاح ترشيح المالكي قد تم رميه في قاع المحيط الا انه بعد يومين تم العثور على المفتاح بوحي إلاهي وتم القبول بالمالكي رئيساً للوزراء وهذا ما حدث بالضبط من جديد عندما ادار التيار الصدري ظهره لشركائه في اربيل وقرر التوقف عن سحب الثقة والامتناع عن المشاركة في الاستجواب.من هنا فان المجلس الاعلى كان صادقاً فيما أعلن عنه من رفضه لمنصب رئيس الوزراء في وقت يسير فيه البلاد الى الهاوية، لأن قبوله بهذا المنصب سيجعله في صف الآخرين الذي لا هم لديهم غير مصالحهم الحزبية والشخصية وأكد بالقول والفعل انه يسعى الى بناء دولة عصرية مدنية وان تضحياته ليس من أجل فلان وفلان او إرضاءاً لهذا الطرف او ذاك إنما هي من اجل العراق والشعب العراقي.
https://telegram.me/buratha