نور الحربي
بعد كل هذا الذي أفرزته الأزمة السياسية في البلاد من تناحر وتباعد وتقاطعات لا يمكن إلا أن توصف بأنها محبطة للمواطن والشارع العراقي الذي بقي منتظراً إشراقة للحل عبر حوار جاد لا يشوبه لعب السياسيين الذي اثبت مراهقتهم وعدم حرصهم على مصالح البلد، والمشروع السياسي وبعد تجربة كافة الأسلحة ألإعلامية الهجومية والدفاعية من قبل الأطراف المتخاصمة لم يفلح أي منهم إخضاع الآخر لأرادته أو لي ذراعه أو تحويل مساره، وبينت هذه الأطراف عدم قدرتها على إنتاج ما يمكن أن يكون نهاية معقولة تؤسس لبداية جديدة رصينة تقوم على احترام الذات أولاً، والالتزام بالتعهدات والاتفاقات والتوافقات التي أبقيت خلال الدورات السابقة من عمر البرلمان في إطار الدستور وتحت سقوفه المقبولة، هذه الاطراف والتي انطوى سلوكها على ابرز لهجة الهجوم و التهديد بجر الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه كانت بطريقة مكشوفة تعزف على وتر الطائفية مدعية أنها حريصة على ترسيخ حقوق المكونات بينما العكس تماماً ما رأيناه وعشناه كأمر واقع حيث ظهر الجميع بمظهر المقاتل الذي يصعب الأمر على مناوئيه ويجره لتدوير الأزمة السياسية وفي النهاية ماذا جنينا وماذا تحقق للأسف نقولها بصدق لاشيء فالكل بقي في ذات الدائرة الضيقة وان حاول إخراج نفسه منها، لكنه لم يفلح في النهاية لعدم وجود الإرادة على مغادرة الأزمة من خلال الإسهام الفعلي في تكسير المبادرات وتضييق أفق الحل, ولو حاولنا ان نفهم المغزى من كل التحركات الجادة وفككنا محتوى الجهود التي قام بها المجلس الأعلى منطلقاً من حرصه على إيجاد مخرج معقول من هذه الفوضى، إن التأكيدات تتكرر بضرورة الاحتكام إلى الدستور والجلوس إلى الطاولة المستديرة وإجراء الحوار الوطني باعتباره يشكل أول الحلول التي تفكك الأزمة الحالية دون اللجوء الى المسارات والأساليب الأخرى التي جربها الجميع ولم تحقق أي شيء على ارض الواقع، كما جرى التعقيب على مبادرات أخرى أريد لها ان تكون البديل الأقل ضرراً، بعد تلاشي فرص نجاح عملية سحب الثقة عن رئيس الحكومة بإيجاد إصلاحات ترتكز على مطالبات القوى المناوئة في تطبيق اتفاقات اربيل وهنا كان المجلس الأعلى ممثلاً برئيسه السيد عمار الحكيم شجاعا جدا في التعبير عن طبيعة هذه الإصلاحات ومساراتها التي ينبغي أنّ تسير باتجاهها وتؤطر بها، وكل ذلك كان في صميم مشروع تيار شهيد المحراب الداعي للعمل بوضوح ورفض حالة الضبابية وإخفاء محتوى الاتفاقات والتوافقات بعرضها على الشعب ليقول رأيه فيها حيث دعا سماحته الى ان تكون الإصلاحات جدية وواقعية مع إثبات المصداقية في تحقيقها وهي مفردات أساسية لابد من توفرها لتحقيق نتائج ايجابية في هذا المشروع من هنا فالمجلس الأعلى الذي اثبت ان تعاطيه مع الأزمة الراهنة منطلقاً من ثقة جماهيره وعموم أبناء شعبنا بنهجه لم يكن يوماً محايداً في القضايا التي تمس الوطن والمواطن وترتبط بمصالح فهو التيار الوحيد الذي اثبت انه يحمل مشروعاً للأمة و علاقاته من حيث القرب والبعد مع الآخرين بقدر انسجامهم مع مشروعه الوطني المعروف فالمجلس لم يؤمن يوماً وعلى طول مسيرته السياسية والجهادية بسياسة رد الفعل والتمحور المرحلي والآني وهو لا يستبدل قناعاته وتحالفاته بسهولة بل انه مصر عليها، لذلك تجده ينصح هذا ويطيب خاطر ذاك لكن مواقفه المبدئية واضحة لا لبس فيها وهي تمثل إرادة الشعب وليست على حساب حقوقه وطموحاته وآماله التي طالما تفاعل معها شهيد المحراب وعزيز العراق.
https://telegram.me/buratha