المقالات

التوازن والتعاون

861 18:18:00 2012-07-02

جواد العطار

يقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات .. واساس هذا المبدأ هو تقاسم السلطات وعدم تركيز وظائف الدولة في سلطة واحدة (حماية للسلطة ذاتها وللمحكومين من الاستبداد) بل توزيعها على شكل هيئات او مؤسسات حسب الاختصاص وبما يؤدي الى تمركز القوة وتوزيع القدرة ، فالتشريعية تتخصص بالتشريع والتنفيذية في تنفيذ القوانين بينما تقوم القضائية بتطبيق القانون وتقديم المشورة القضائية ، في اطار من التوازن والتعاون المرن والتنسيق المتبادل والمساواة بين السلطات الثلاث .فالتوازن والتعاون والمساواة بين السلطات هو الذي يتيح لآليات النظام البرلماني النجاح عند التطبيق؛ وبالذات بين السلطة التشريعية والتنفيذية التي تتكون فيها الاخيرة من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة امام البرلمان ، اما مجلس الوزراء او الحكومة فتكون مسؤولة امام البرلمان بصورة فردية او جماعية طبقا لقاعدة (حيث تكون المسؤولية تكون السلطة) . ومع ان السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فانها تمتلك الحق ايضا في مراقبة اعمال السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات ، مثلما للتنفيذية حق اقتراح القوانين ومناقشتها داخل قبة البرلمان ... ما تقدم يؤكد ان معظم العلاقة بين السلطتين مبنية على اسس التوازن والتعاون لا الصراع او الصدام والتناحر ، لان ذلك غير ممكن اصلا؛ فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة وهو الوحيد القادر على مراقبتها ومحاسبتها وحجب الثقة عنها ان امتلك النصاب اللازم بين اعضائه ، في حين من حق رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية الدعوة الى حل البرلمان ذاته قبل انتهاء دورته النيابية وعرض الموضوع للتصويت وان حاز الاغلبية البسيطة اتجهت المؤشرات الى انتخابات مبكرة ، فلكل طرف اذن ادواته الدستورية التي تحقق نوعا من الردع للطرف الآخر ، يحول دون تضارب المصالح بينهما ، او اللجوء الى مثل هذه الحالات الا عند الضرورة القصوى . لكن ما يجري في العراق هو التضارب التام بين السلطتين ، فرئيس الوزراء يصرح بان البرلمان مختطف ويجب اجراء اصلاحات داخلية تعيده الى سياقه الطبيعي ودوره الدستوري ، بينما يوقع رئيس المجلس النيابي اتفاقية خارج قبة البرلمان لسحب الثقة عن رئيس الوزراء .. ويدعو الى تدخل دولي لحماية الديمقراطية في البلاد ردا على تصريحات اعلامية ... وفي ذلك خرق تام وواضح لمبدأ التعاون والتوازن ولمبدأ الفصل بين السلطات الذي يقوم عليه النظام البرلماني .. وكان الاحرى بممثلي السلطتين التشريعية والتنفيذية التوجه الى :1. اللقاء المباشر والتداول في القضايا المشتركة؛ وهو ما طلبه رئيس الوزراء وفقا لتسريبات اعلامية في بداية الازمة؛ ورفضه رئيس مجلس النواب على غير العادة البروتوكولية في الانظمة البرلمانية .2. تحريك الكتل السياسية لاعضائها في البرلمان لممارسة الضغوط او استخدام ورقة سحب الوزراء من داخل الحكومة او التهديد بها . 3. التحرك نحو الحلول الاخيرة؛ والغير مفضلة في حالة العراق الراهنة؛ بسحب الثقة او حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة . هذه الخطوات كان ممكن ان تكون بديلا طبيعيا ودستوريا ، عن التوجه الى الاعلام والدعوة الى التدخل الدولي او شخصنة الموضوع بين اعلى سلطتين ودفعهما الى التصادم ، بشكل يضر بدون ادنى شك بالعملية السياسية ومستقبل الديمقراطية في البلاد.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك