الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
قبل أكثر من 40 أربعين سنة قرأت قصيدة الشاعر السوري الدكتور محمد مجذوب الذي خاطب معاوية بن أبي سفيان .. هذا ضريحك لو نضرت لبؤسه...لأسال مدمعك المصير الأسود ... كتل من الترب المهين بخربة ... سكر الذباب بها فراح يعربد... الخ ، شدني شوق كبير لرؤية القبر البائس... غير إني لم اعرف سبب عدم موافقة الأمويين السوريين الساكنين بجوار القبر أن يدلوا عليه .. هناك احتمالات كثيرة أولها التاريخ الإجرامي المخزي لصاحب القبر انه لا يشجع أن يتفاخر المسلم به، وهو سبب جميع النكسات التي وقعت وستقع للإسلام والمسلمين, ولا بد إنهم يعرفون أشياء لا يفصحون بها مثَلًهم مثلُ بقايا الفئات الدينية التي لا تفصح عن عقيدتها ولا ترضى أن يقرأ غيرهم فكرهم لذلك تكتموا على قبر سيدهم أبي يزيد ، وأصبح البحث عنه والعثور عليه ليس بالأمر بالهين ....في عام 2001 تشرفت بزيارة عقيلة الطالبين زينب الكبرى{ع} حين اسقط الطاغية الضريبة التي تدفع بدل الجواز، التقيت في سوريا مع احد المجاهدين الفارين من العراق ، سألته عن مكان القبر , أجابني انه بذل جهدا كبيرا لفترة تزيد على سنة ولم يتمكن من رؤيته فترك الأمر بعد اليأس ... دعوت الله بحبيبه الحسين أن أرى تلك القمامة التي يصفها السيد مصطفى جمال الدين : هيا دمشق استفيقي ونظفي .. وغدا على مضر القمامة يرقد ...حتى أصفه للجمهور الحسيني وصفا دقيقا...كانت الفرصة حين وقفنا نأكل حمص{لبلبي} في شارع القباقيب المقابل باب صلاح الدين في الجامع الأموي بدمشق ، تحدثت بلهجة سعودية مع البائع وسألته عن قبر معاوية .. قال: وما تريد منه..؟ قلت أريد أن أصلي له ركعتين ، قال: صلي له هنا في الجامع الأموي ، قلت: أنا أحبه وأريد أن أرى قبره.. قال: من أي بلد أنت..؟ قلت من السعودية.. ضحك وقال أنت عراقي ومن الجنوب ، قلت: كيف عرفت ..؟ قال لأنك لا تجيد اللهجة السعودية .. ثم أنا من مدينة الثورة ببغداد وهارب إلى سوريا.. هنا أفصحت له عن مرادي ، قلت أنا خطيب حسيني وأريد رؤية قبر الطاغية الخربة ..قال أنا بالخدمة لخدام الحسين ... فصار يوصف وأنا أصغي له بتركيز ، ومن نصائحه أن لا أتحدث مع احد ليعرف إني عراقي ، وفعلا وصلت أليه ... قبر في حفرة قطرها 8 م فيها غرفة عليها قبة طليت بالأسمنت الأبيض تآكل اغلب أجزاءه ، على جانب من الغرفة ركن دكان ملاصق للقبر ، نضرت في الدكان رأيت انه معمل صناعة نعل وأحذية .. وقفنا اقل من خمسة دقائق وغادرنا المكان ونحن نشعر إننا رأينا عدو الإمام علي{ع} في مزبلة الدنيا في عاصمته الشام .. بعد يومين اتصل بي صديق قادم من هولندا إلى سوريا ، وبعد السلام والاستفسار جرى الحديث عن شوقه لزيارة العتبات المقدسة في العراق، فأخبرته عن قصتي مع قبر معاوية ، طلب مني بإلحاح أن اصطحبه إلى هناك.. ولما كان صاحبي ثرثارا ترددت كثيرا ولكنه أغلظ لي العهود انه لن يتكلم بكلمة مطلقا.. وفعلا توجهنا إلى الحميدية ووصلنا القبر.. فقال صاحبي : هل تدري إننا أكثر من 200 عراقي في هولندا وكل عام نزور مولاتنا السيدة زينب {ع} ولم نعرف في أي مكان قبر معاوية .. ولكنه تجاسر ونزل إلى الباب ليفتح القبر ، فوجئنا إن هناك باب تحت الدرج تفضي إلى بيت ربما هو بيت متولي القبر ، خرج إلينا رجل مسن يشد جراويته على رأسه ويصيح ماذا تريدون..؟ قال صاحبي أريد أن اقبل الباب ، فقال ممنوع الزيارة وممنوع التقرب إلى القبر، سأله صاحبي لماذا هذا المنع والتعتيم..؟ فأشار إلى جهة القبر المقابلة لبيته ، انظر إلى هذا الدخان والسواد .. وكان سوادا كثيفا , قلنا نعم هذا واضح ، قال قبل أسبوع اشتعلت نار داخل غرفة القبر وخرجت من الشباك كما ترونه..!!! سأله صاحبي ، وهل فيه زوار أو كهرباء ربما حدث تماس كهربائي .. قال لا هذا ولا ذاك ، نار اشتعلت في القبر والقبة من الداخل وخرجت من الشباب وانطفأت لوحدها .. هنا حدثت المشكلة حين سأله صاحبي . أما تظن يا حاج إن الحريق من الله حرقه في الدنيا قبل الآخرة ...؟ النتيجة بعدها معروفة ...وقبل أيام أي يوم 28/6/2012 كنت مع في زيارة إلى لبنان وسوريا .. سألني احد شيوخ العشائر العراقية أن نذهب إلى قبر معاوية لرؤيته فلم أتباعد عن الطلب ،ولكن اشترطت عليه نفس الشروط التي اشترطها علينا بائع اللبلبي.... أن لا يكلمني في الطريق وان يسير خلفي بمسافة حتى لا نجلب الشك على أنفسنا .. لان دمشق ملبدة بالأجواء الأمنية السيئة ، والمنطقة شبه خالية من الناس لكني واصلت السير إلى القبر وأشرت أليه. هذا هو قبر معاوية , ثم أخرجت كإمرتي والتقطت عددا من الصور ، وحين أردت التقاط صور بكاميرة صاحبي ارتبك لان عددا من الشباب جاءوا ألينا .. سألونا ماذا تفعلون .. قلنا نلتقط صور لقبر الخليفة معاوية.. قالوا من أي مدينة انتم .. أعطيتهم اسم محافظة مقبولة عندهم .. رغم ذلك قالوا : يلا شرفوا ممنوع حدا يصور ويزور .
https://telegram.me/buratha