يشكل انقلاب موازين القوى في مصر، وتطورات الازمة السورية، وفرص التغيير، وتوازنات القوى ميدانياً، ضرورة كبيرة للمراجعة، ولتشجيع الايجاب ومنع السلب.. ولبناء الفضاءات الضرورية للعراق والمنطقة للاستقرار والنهوض.
بدأت العلاقات بين مصر والعراق بالتحسن في الفترة الاخيرة للرئيس مبارك.. وحصلت زيارات متبادلة.. وابحاث لاقامة علاقات استراتيجية. وكانت العلاقات، بين المعارضة العراقية -الحاكمة اليوم- والقيادات السورية جيدة عموماً، لكنها بقيت متوترة على مستوى الخطاب والسياسات واستغلال الاراض السورية لعمليات ارهابية. مما ابقى العلاقات مرتبكة.. مع مخاوف ان تقود الاصطفافات الخاطئة، وتأخر التغيير والاصلاحات الحقيقية لمصلحة الشعب، لتصاعد العنف الطائفي.. وانعكاساته القاتلة عراقياً وفي البلدين والمنطقة.
ان فوز الاخوان في مصر، وتقدم دورهم في سوريا، والعلاقات التي ربطتهم او يمكن ان تربطهم بالقوى الوطنية والاسلامية العراقية (السنية والشيعية.. وكذلك الكردية والمسيحية) هي عوامل قابلة للاستثمار لبناء علاقات ثقة وفائدة بعيدة عن السياسات المأزومة والطائفية.. ولايقاف نزيف الدم.. ولمصلحة التغيير والشعوب في سوريا والعراق ومصر وبقية البلدان. واذا تركنا الملف القومي وفلسطين والعلاقات الثقافية والاسرية والمصالح المشتركة والتاريخ والمزارات الشريفة، ووقفنا فقط عند ملف الوحدة الاسلامية، والوسطية التي يتمتع بها الاخوان في مصر وامكانية تاثيرها على اخوان سوريا، وما يجب ان يقابلها، عراقياً فسنجده يعود لعقود طويلة.. ويمر برواد امثال الافغاني وعبدة والطهطاوي والشيرازي والبنا وشرف الدين والبشري وعبد المجيد وكاشف الغطاء والحكيم والكاشاني والقمي وشلتوت والامين والخميني والغزالي والصدر وغيرهم، رحمهم الله جميعاً. وبهذه الظروف المتأرجحة يمكن للعراق استثمار عوامل الاتفاق، ليدفع للوراء عوامل الفرقة والتنازع.. وليطور العلاقات السياسية والاقتصادية، وتجاوز عقد الماضي والحاضر.. وان يستثمر ميزانه التجاري -السلبي اصلاً- لدعم الاقتصادين السوري والمصري (والاردني ايضاً) لمواجهة التحديات الاقتصادية المرتقبة امام البلدين.. بل لتشجيع الاستثمارات المتبادلة، ومنها الاموال الهاربة في الاتجاهين. والمطلوب، ليس بناء محور جديد ضد اخرين.. بل تحريك المشتركات والمصالح لتطويق المخاطر والفتن. ومساعدة النفس وجوارنا لاجتياز مراحل التغيير باقل الخسائر واكثر المنافع للشعوب.. ولبناء قاعدة لمنظومة اقليمية لدول المنطقة بما فيها الخليجية وايران وتركيا، ولشعوبها العربي والكردي والفارسي والتركي وغيرهم، لتعزيز التعاون الهادف الذي يمكن تحت سقفه ظهور اتجاهات مختلفة، كما هو شأن بقية مناطق العالم.
اننا نحلم؟ نعم. فالحلم جزء من الممكن والمستقبل.
18/5/629
https://telegram.me/buratha