المقالات

التقسيم المناطقي.. والتقسيم السيادي

891 05:37:00 2012-06-27

 

 

خلاف التقسيم السيادي المتمثل باعلان الدولة المستقلة، فالتقسيم المناطقي هو ان تتحول الدولة الواحدة الى مناطق بارضها وسكانها، كما شهدناه في المغرب والصحراء، والصومال، وحكومتي غزة والضفة، ولبنان، والسودان، واليمن.. واشكال هذا التقسيم متعددة فمنها الحربي والسلمي وشبهه.. والمنطقة مرشحة للمزيد من النماذج المكررة او المستجدة.

 

والعراق ليس استثناءاً فهو يعيش التقسيم المناطقي منذ عقود.. وانه مرشح للمزيد منه، خصوصاً بعد التطورات السياسية الاخيرة اقليمياً وداخلياً.. فالاوضاع في سوريا والمنطقة سينعكس على العراق، بل بدأ بالفعل.. كذلك المسألة الكردية والقضايا المذهبية والاثنية والدينية، منظوراً اليها من اصحاب العلاقة ومن طريقة تعامل الحكومات مع عمق القضايا، وليس شكلياتها.

 

تاريخياً عرفت المنطقة –والامم الاخرى- انماط سلطات وولايات تقيم لنفسها مناطق نفوذ تتمتع بدرجات الاستقلالية.. والتي اسماها الماوردي في "الاحكام السلطانية" بـ "امارة الاستيلاء" او سلطة الامر الواقع.. وكان يمكن لتلك السلطة ان تعمر طويلاً بسبب الجغرافيا والاتصالات والمواصلات، والاهم من ذلك تمتلك مقومات سيادية فلا تبقي للخليفة او الحاكم سوى الاسم.. اما اليوم فالتحولات سريعة.. والارتباطات الاقليمية متداخلة.. والمنظومات الدولية تحكمها قوانين وانماط علاقات تختلف جذرياً عن السابق.. فالوحدة السيادية عندما لا تتكامل وتحقق شروط الرضا والقناعة لدى الجميع، فانها تبذر بذور التقسيم السياسي.. الذي لا يبقى بحدود الاحزاب والقوى.. بل ينتقل الى الارض والتنظيمات.. لتصبح لكل منطقة مصالحها الخاصة وسلوكها المضمر والعلني.. وخصوصياتها وحماياتها وهويتها ومواطنتها غير المحايدة لنوع محدد.. فالظاهرة دليل فشل وتلكؤ وفقدان توازن وسوء ادارة وتفكك.

 

تطرح مشكلة التقسيم نفسها كقضية العلاقة بين المكونات وادارتها. لقد فشلت اساليب القمع والضغط والتهجير واسقاط الجنسية.. كما لم تحسم الثورات والمفاوضات والتحالفات مسألة استقرار نمط العلاقات. فنمت افكار وممارسات ناجحة وفاشلة لمناطق الحكم الذاتي منذ الستينات والسبعينات.. ومفاهيم وتطبيقات الفيدرالية كما اقرها مؤتمر صلاح الدين في اوائل التسعينات.. والذي انعكس في بناءات الدستور الجديد. فالانقسامات السياسية ان انتقلت الى انقسامات مناطقية، كما يحصل الان، فانها تهدد بتعطيل البلد وتفكيكه.. بل والانتقال الى الانقسامات السيادية. فجوهر المشكلة داخلي وبيننا.. وعندما نتآمر على وعينا ومسؤولياتنا، ونعجز عن تقديم الحلول للتقدم وترسيخ عناصر الوحدة، والمنافع المتبادلة وانصاف بعضنا.. ولا نلتزم بالدستور، نفتح بلادنا للمؤامرات والتدخلات وشتى الاحتمالات الخطيرة.

 

5/5/627

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حيدر الاركوازي - هولندا
2012-06-28
رسالة عتب الى السيد نائب رئيس الجمهورية المحترم عادل عبد المهدي. اولا: شكرا على مقالات الرائعة ثانيا: ايها الفارس الشجاع المغوار والمفكر الوطني الشريف. مضى وقت طويل على تنحيك من منصبك و فعلا شعرنا بقيمتك في خلال هذه الفترة القصيرة، فلا يوجد الان اي شخص يملىء الفراغ الذتي تركته. و اصبح الفاسدون يسيئون الأدب بعد أن امنو العقوبة. نفتقدك بشدة، عد الينا فقد طال الغياب.
ابو اصف اللامي
2012-06-27
تشخيص صحيح ولكن يحتاج الى معالجة وحلول ! !! فما هو الحل ؟ وكيف تتحرك القيادات السياسية العليا والتي لها ثقل سياسي و القريبة من صنع القرار ؟ ولماذا لم تعالج ظاهرة المناطقية كأولوية منذ 2004 حتى 2012 ؟ ومازالت متروكة دون اهتمام المسؤولين؟ الكلام يطول ولست الملام بل كل المتصدين في الساحة السياسية سوف يسألون. قال تعالى وقفوهم انهم مسؤلون
فاضل العمري
2012-06-27
جزاك الله خير.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك