ماري جمال
لاشك بأن الأزمة السياسيّة متواصلة وتلقي بظلالها على المشهد السياسي بازدياد ملحوظ وإنها ستتفاقم لأن القادة السياسيين هنا يقومون بالتركيز على الأمور الفرعية وليس الرئيسية ومن المرجح بأن الحلول المطروحة لست مثالية فسحب الثقة الذي يحاول بعض الساسة اللجوء إليه لا يعالج أساس المشكلة في البلاد.ويثير المواطن العراقي عدد من الأسئلة عن تداعيات الأزمة السياسية وعن الأسباب التي أدت إلى الطريق المسدود الذي يعوق جميع الحلول للازمة ويفتح باب سحب الثقة.وحينما يُشار إلى عدم إمكانية سحب الثقة عن طريق تقديم رئيس الجمهورية طلباً بذلك فان الفريق الآخر لا يملك أعداد كافية ولا يعني هذا انتهاء الأزمة بل على العكس إلى تفاقمها وظهور مضاعفات لاستمرارها، وان الحلول المطروحة لحل الأزمة ليست واقعية بما يكفي فمثلا الذهاب إلى حكومة الأغلبية الذي تلوح به كتلة دولة القانون يعني إقصاء باقي فئات العراق ونحن نعلم بان العراق لا يمكن أن يحكم من فئة واحدة لتمتعه بفئات متعددة لا يمكن فصلها وان الشراكة حقيقة دستورية وواقعية.أما الانتخابات المبكرة والتي ينادي بها بعض الفرقاء فإنها لا تمثل الحل الأنسب لأنّها ستعيد العراق إلى المربع الأول، فعندما فازت القائمة العراقية بأعلى نسبة من المقاعد البرلمانية قام الفرقاء بتأسيس التحالف الوطني آلت له الأغلبية البرلمانية وبموافقة من قبل المحكمة الدستورية ولا يغيب عن أذهاننا كيف ان الكتل قد اتفقت على رفض تولية الجعفري منصب رئاسة الوزراء والبقية معروفة وصولاً إلى الأزمة الحالية فهل نريد أصحاب هذا الحل إعادة هذا السيناريو المربك ؟ ولا نظن وجود عاقل يوافق هذا الحل.وهكذا لا يوجد أمامنا غير حل الإصلاح وهو الذي نادى به رئيس المجلس الأعلى السيد الحكيم عمار الحكيم حيث قال السيد في آخر خطبه له حول الموضوع ما يلي ( إنّ علينا أن نعود إلى أصل الخلاف وجوهر الاختلاف القائم ونناقشه ونتعرف على حقيقته ونعالجه فالكل يدعي أن لديه حق والكل محق في انه يمتلك جزءا من الحق والكل يدعي أن لديه حجة وبرهان والكل محق في أن جزء من هذه الأدلة والحجج صحيحة ويجب الوقوف عندها طويلاً ولكنّ لابدّ أنّ نجد منطقة في المنتصف تلتقي عندها الأطراف وتضمن حقوق الجميع).وهذا يمثل الرأي الحكيم الذي يصل إلى جوهر المشكلة ويسبر أغوارها ويستكشف أبعادها الدقيقة لاكتشاف الحلول، فكلنا يعلم أن الحل لا يمكن أن يكون حلاً حقيقياً بدون استجلاء أساس المشكلة والأسباب العميقة التي تقف وراءها وهذا ما وجدناه في طرح السيد والذي يتجسد في مواقف المجلس الأعلى التي طالما يتم طرحها في مختلف المناسبات.ولعل المهم في ذلك أيضا هو المنهج الذي يركز عليه لحل الأزمة وهو مبدأ التنازلات المتبادلة وعن ذلك قال (ليس بالضرورة ان يكون الحق المضمون حقا مطلقا يمثل كامل ما يريده طرفاً من الأطراف وليس بالضرورة أن يكون حق كل طرف من الأطراف على حساب حقوق الآخرين، فلا بدّ أن نقف عند منتصف الطريق لنجد أن حقوق الجميع مضمونة في جزء منها ويتخلى الجميع عن جزء من طموحاته ومطاليبه لصالح الشريك الآخر وبهذا تكون التسوية وبهذا تضمن حقوق الجميع).فيا حبذا وبناءً على ما ذهب إليه أن تعمل الكتل بهذا المنهج الموصل إلى الحل بلا ريب وان يطبق للوصول إلى الحل فيرتاح العباد وتهنأ البلاد.
https://telegram.me/buratha