حافظ آل بشارة
تعثر مشروع حجب الثقة عن الحكومة ، لاسباب تتعلق بالعدد اللازم من الاصوات وفشل التنسيق المسبق ، الحكومة ورئيسها فرحون بهذا التعثر ، وفرحهم فرح دستوري ، وفريق الحجب حزين وحزنه دستوري ايضا ، شيء جيد ان يحزن الانسان ويفرح ويضحك ويصرخ ويناقش ولكن طبقا للدستور ، في الدستور يوجد كل شيء الا الشتائم والاتهامات وتلفيق الاخبار ونشر الاشاعات فهي تصرفات غير دستورية ، بعد ذلك تعثر مشروع استجواب رئيس الوزراء في مجلس النواب ، واكتشف دعاة الاستجواب ان معادلة الملفات المتقابلة قد تعطي نتائج كارثية ، وفي جلسة واحدة يجد الشاكي نفسه قد تحول الى متهم ، فالملفات المسبقة سلاح دمار شامل ، وليست القضية قضية ملائكة تقابلها شياطين ، فالتعامل يجري بين بشر لهم فضائل ولهم أخطاء والكمال لله وحده ، وكل خطأ يصلح ان يتحول الى ملف استجواب ، ونحن نعيش تحت اضواء النظام الديمقراطي وتعجز كل جهة عن ستر أخطائها ، لذا يصعب استخدام الآليات الدستورية القاطعة لحسم المشاكل ، فالحجب او الاستجواب يستخدم عندما يكون ملف المشتكي ابيض ، وملف المتهم اسود ، ولكن في قصة الحجب أوالاستجواب لوحظ ان ملفات الجميع متقاربة في الوانها ، وهي ظاهرة قد تغير اتجاه المعادلة . هناك ميل الى الهدوء وتفكير جدي بالاجتماع الوطني . ولكن لنكن صريحين ، ما هو تعريف الاجتماع الوطني ؟ الاجتماعات السابقة الشهيرة التي عقدها الرئيس جلال طالباني في بيته ، او في بيوت الآخرين لحل الخلاف وضمت اغلب المعنيين ألم تكن اجتماعات وطنية ؟ ما الذي انتجته ؟ لم يحدث شيء وكانت الحوارات تبدأ لتنتهي في المربع الاول . الاجتماع الوطني الآن منهم من يدعو اليه ومنهم من يؤيده فقط ومنهم حائر متردد ومنهم قلبه معه وخطابه ضده ، لن ينجح الاجتماع الا اذا انطلق من اعتبارات جديدة . اكتشف الساسة المتناحرون ان غياب الصراحة هو سبب فشل الاجتماعات السابقة ، اغلب الساسة يقول شيئا بحضور خصومه ويقول شيئا مخالفا في غيابهم ، يصف خصمه بحضوره بأنه وطني استقلالي مسالم نزيه ديمقراطي ، وفي غيابه يصفه بأنه عميل للاجانب تابع وارهابي وفاسد واستبدادي ، وطبق قائمة الصفات الاولى سيكون اللقاء مع الخصم كله خير وتوافق والخلاف طفيف ، خلاف ذوق واجتهاد وليست خصومات ويمكن حلها بدون اجتماع ، ربما عبر الفيس بوك ، اما اذا تعامل الخصم مع خصمه على اساس القائمة الثانية من الصفات فسيبدو ان القضية ليست قضية خلافات بين طرفين بل هي تناقض في الوجود ، لا يمكن لهذين الخصمين ان يشتركا في اي مشروع سياسي ولا يمكنهما حتى الاكل في صحن واحد . اللقاء الوطني يجب ان يعقد بطرح أسوأ القائمتين من الصفات بأدلتها الثبوتية بالارقام والزمان والمكان ، لأن هذه الصفات هي التي تحدد نتيجة الاجتماع ، هناك حاجة ماسة للشجاعة الاستثنائية ، وليحدث ما يحدث ، مهما حدث فلن يمر البلد بأسوأ مما هو فيه الآن ، عندما تغيب الصراحة ويبقى كرسيها فارغا فلن ينجح الاجتماع وان حضره الجميع الأحياء منهم والاموات .
https://telegram.me/buratha