المقالات

دولة الري المركزية.. النفط.. الاستبداد الشرقي

1022 08:36:00 2012-06-17

يقول ويتفوكل في كتابه "الاستبداد الشرقي"المنشور في خمسينات القرن الماضي، حول مجتمعات اسيا ووادي الرافدين قديماً، ان الدولة التي تسيطر على المورد الاساس (المائية في حينها) وتديره منفردة تصبح دولة شخصانية، استبدادية بالضرورة..وكلما ابتعدت المدن والقرى عن مركز السلطة كلما تمتعت بحريات اوسع لا يتمتع بها من هو قريب من الحاكم وعسكره وشرطته وجواسيسه. والسبب ليس قبول الحاكم بهذه الحريات.. بل صعوبة قيامه باعمال القمع والسيطرة من الناحية المادية والعملية.. ويسمي ذلك بقانون "الاستبداد المتناقص"، دون ان يعني ذلك ان الحاكم لا يجرد الحملات بين وقت واخر للتأديب.. وان هذه المناطق ستعيش بالضرورة حريات حقيقية.. فالحكام المحليون قد يفوقون في عنفهم وبطشهم"المستبد الاعلى"، فيستنجد الناس بالسلطة المركزية لتخليصهم. او ان ينتفض الحكام المحليون ويسيروا جيوشهم للاستيلاء على مركز الدولة.

لاشك ان اطروحة "الاستبداد الشرقي" فيها الكثير من مواضع النقاش والتعلم والاختلاف... فلا تخلو احياناً من نظرات عنصرية وتطرف ناقشناها في بحث مطول نشر عام 1979 بعنوان "الاستبداد الشرقي، دولة الغرب في الشرق".. لكن الكتاب يحتوي ايضاً على حقائق وتفسيرات.. ولعل اهمها انه اعتبر ان اعتماد بلاد الرافدين ومصر والهند والصين على نظم الري الهيدرولية استوجب قيام دول شديدة التمركز والتسلط، التي وان كانت قد ساعدت في فترات معينة على تنظيم الاقتصاد الزراعي والحرفي، لكنها حجزت لاحقاً امكانات التقدم عندما تطورت الظروف واستوجبت التحرر من النمطية الاحادية للانتاج وسيطرة الدولة عليها، فانحبست الامور ولم تستطع ملاحقة المستجدات وبقيت جامدة، سلبية، عصية على التطورات الاقتصادية والديمقراطية.

عمل "ويتفوكل" الاكاديمي يؤكد، مثل غيره، علىدور العامل الاقتصادي في تكوين البنى السياسية..والعراق مثال لتاثير النفط كمصدر احادي للاقتصاد (كالري قديماً) وتأثيراتهالتاريخيةفي تنامي اجهزة الامن والقمع وعسكرة المجتمع والدولة واحتكارهالشؤون الحياة، حاجزة مجالات الاصلاح والتطور الاقتصادي والسياسي.. فاذا صح ذلك من حيث تأثير الاقتصاد على السياسة، فهل يمكننا الاستنتاج ايضاً، ان الطوائف والقوميات تلعب اليوم ما كانت تلعبه "المناطق البعيدة" التي تسعى للخروج من سيطرة المركز والاحتجاج عليه، خصوصاً عندما يسعى المركز للاستئثار وانكار الحقوق؟

 

عادل عبد المهدي

 

adilabdalmahdi.com - موقع السيد عادل عبد المهدي

11/5/617

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
د. فائق الحديثي
2012-06-19
مقال جميل من السيد الدكتور عادل عبد المهدي؟ لكن المشكلة في اقتصاد العراق الذي يعتمد على النفط . والنفط يجب ان يدار من السلطة المركزية لسبب بسيط هو ان النفط يوجد في ثلاث او اربع محافظات وبقية المحافظات لا يوجد بها نفط واليوم ميزانية العراق تعتمد بنسبة كبيرة على نفط البصرة ؟؟ فكيف سيكون شكل العراق لو طالبت البصرة بأن تكون ثروتها النفطية ملكا لاهلها وتدار من قبلها واستدعت شركات وقامت هي من تصدر النفط وتأخذ امواله . بالضبط مثلما يحصل في اقليم كردستان؟ بالتأكيد سيقع ظلم كبير على بقية المحافظات ؟
مصطفى محمد حيدر الاعرجي
2012-06-18
بارك الله فيك . ولايمكن للعراق الفيدرالي ان يستقيم الا انت او من يحمل افكارك ان يكونوا في موقع القرار مع تمنياتي لكم بالتوفيق في خدمة بلدنا الحبيب.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك